لايختلف إثنان على ان ظاهرة التمدين من أهم الظواهر التي ميزت المغرب خلال القرن العشرين ،وذلك راجع لمجموعة أأحداث تاريخية، لعل اهمها دخول الاستعمار محاولا خلق عدة تحولات في المجال المغربي بشكل عام و المجال الحضري على وجه الخصوص ، بحيث تمثلت هذه التحولات في تكسيره لعلاقة التوازن والتكامل التي كانت تربط بين المدن من جهة و اريافها من جهة تانية ، وايضا في نقل العاصمة من الذاخل نحو الساحل، لأن شبكتنا القديمة لم تكن صالحة للوفاء بطموحات واهداف المعمر. مما نتج عنه ظهور مراكز حضرية جديدة بالساحل ، وتزايد اعداد سكان المدن القديمة. فظاهرة التمدين تطرح مجموعة من التعقيدات نابعة من التحولات التي شهدها المغرب خاصة خلال فترة الاستقلال هذه الفترة التي شكلت منعرجا أساسيا وحاسما في نمو ظاهرة التمدين ، حيث حاول المغرب خلالها ،التخفيف من حدة التباينات المجالية التي ورتها عن فترة الاستعمار ، وذلك من خلال العمل على احدات نوع من التوازن بين مدنه الساحلية والاخرى الداخلية من خلال إنشاء مراكز حضرية جديدة بالداخل ،. إلا أن هذا الإجراء لم يستطع خلق ذلك التوازن المرغوب فيه ، إذ استمرت المدن الساحلية ، محور القنيطرة- البيضاء ، في قيادة القاطرة الاقتصادية المغربية ، ومنه يمكن تفسير ذلك التهميش الذي لحق الأرياف المغربية التي كانت تعرف وضعية اطلق عليها وضعية ازمة ، وذالك في جميع المجالات خصوصا منها الاقتصادي والاجتماعي، بفعل مجموعة من العوامل منها: النمو الديمغرافي المرتفع ،و الظروف الطبيعية القاسية ، لتنطلق تيارات الهجرة من الأرياف نحو المدن ، ترتب عنها مجموعة من الاختلالات، بالمجالات الحضرية المستقبلة لهذه التيارات ،همت جميع المستويات.لتتحول المدن الى محطة أساسية لمختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية سواء تلك الخاصة بالمرافق العامة أو بأنشطة الخواص، وحيت ان معظمها تتصف بكونها مكتظة وغير نظيفة وغير آمنة. وبالتالي ارتفاع معدل الجريمة في كثير منها، وينشب العنف في بعض الأحيان بين مجموعات عرقية، وغير ذلك.كما ان بروز قطاع أخر ينمو بهامش المدن بعيدا عن المراقبة القانونية، وغير مجهز بالتجهيزات الأساسية، وبدون رخصة تجزئة ولا رخصة بناء، ويشكل تجمعات سكنية كبيرة داخل المدار الحضري للمدينة ومع عدم احترام تطبيق وثائق التعميرالامر الذي يعد عاملا مهددا لبيئة المدينة، ومبرزا لمشكل توسع المدينة علي حساب الأراضي الفلاحية ، اموروغيرها دفعت صانعي القرار الى وضع اليات لتنظيم المجال الحضري على المستوى الاجتماعي: أزمة سكن وذلك من خلال فتح المجال الى استعمال وتائق التعمير واحترام الفوانين التنظيمية ،والاخد بعين الاعتبار الاتجاهات العامة للمجال المبني على مستوى التجهيزات والخدمات : توفير ، الطرق وقنوات الصرف الصحي والماء الشروب، الإنارة العمومية ، النقل الحضري المستشفيات المدارس ،الإدارات ... على المستوى البيئي : جمع وتدبير النفايات، بكل أنواعها ، واحترام هشاشة المدن العتيقة ، وتفير المساحات الخضراء... على المستوى الاقتصادي : العمل على توفير مؤسسات قوية من شأنها تحريك الاقتصاد المحلي للمدن ، والرفع من مردودية الاقتصاد الحضري ، توفير فرص الشغل ، وأنشطة اقتصادية مهيكلة ، والحد من مشكل تهريب السلع ... كل هذه المؤشرات تظهر وبجلاء أن المدن المغربية لا تقوم بأدوارها كما يجب ، فهي تؤدي وظائف في الغالب غير مكتملة وناقصة ، والحديث هنا بالخصوص عن المدن المتوسطة والصغيرة ، والدينامية الحضرية تعبر عن الوضعية الاجتماعية والاقتصادية ، وتحدد في نفس الوقت الارتباط الشديد مع التنظيم المجالي للمدينة ، فالأنشطة تخضع دائما لجميع التحولات المجالية ، وهذا واضح من خلال السيرورة التاريخية والدينامية العامة التي عرفتها المدينة المغربية