مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون يتعلق بنظام الضمان الاجتماعي    على غرار الأشهر الماضية.. لا زيادة في سعر "البوطا"    وزارة الفلاحة تتوّج أجود منتجي زيوت الزيتون البكر    بايتاس: الحكومة تثمن التعاطي الإيجابي للنقابات.. والنقاش يشمل جميع الملفات    المغرب يستنكر بشدة اقتحام المتطرفين الإسرائيليين للمسجد الأقصى    اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة    وضع اتحاد كرة القدم الإسباني تحت الوصاية    الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي : إصدار 2905 تراخيص إلى غاية 23 أبريل الجاري    الحكومة تراجع نسب احتساب رواتب الشيخوخة للمتقاعدين    ألباريس يبرز تميز علاقات اسبانيا مع المغرب    الجماعات الترابية تحقق 7,9 مليار درهم من الضرائب    تشافي لن يرحل عن برشلونة قبل نهاية 2025    3 مقترحات أمام المغرب بخصوص موعد كأس إفريقيا 2025    عدد زبناء مجموعة (اتصالات المغرب) تجاوز 77 مليون زبون عند متم مارس 2024    عودة أمطار الخير إلى سماء المملكة ابتداء من يوم غد    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    منصة "تيك توك" تعلق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد    من بينها رحلات للمغرب.. إلغاء آلاف الرحلات في فرنسا بسبب إضراب للمراقبين الجويين    وكالة : "القط الأنمر" من الأصناف المهددة بالانقراض    استئنافية أكادير تصدر حكمها في قضية وفاة الشاب أمين شاريز    مدريد جاهزة لفتح المعابر الجمركية بانتظار موافقة المغرب    الرباط.. ندوة علمية تناقش النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة (صور)    "فدرالية اليسار" تنتقد "الإرهاب الفكري" المصاحب لنقاش تعديل مدونة الأسرة    أبيدجان.. أخرباش تشيد بوجاهة واشتمالية قرار الأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي    رسميا.. الجزائر تنسحب من منافسات بطولة اليد العربية    العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    تتويج المغربي إلياس حجري بلقب القارىء العالمي لتلاوة القرآن الكريم    المالية العمومية: النشرة الشهرية للخزينة العامة للمملكة في خمس نقاط رئيسية    بحر طنجة يلفظ جثة شاب غرق خلال محاولته التسلل إلى عبارة مسافرين نحو أوروبا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    سيمو السدراتي يعلن الاعتزال    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    واشنطن طلبات من إسرائيل تعطي إجابات بخصوص "المقابر الجماعية" ف غزة    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    الصين تكشف عن مهام مهمة الفضاء المأهولة "شنتشو-18"    الولايات المتحدة.. أرباح "ميتا" تتجاوز التوقعات خلال الربع الأول    بطولة فرنسا: موناكو يفوز على ليل ويؤجل تتويج باريس سان جرمان    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    أخنوش: الربط بين التساقطات المطرية ونجاح السياسات العمومية "غير مقبول"    بني ملال…تعزيز البنية التحتية الرياضية ومواصلة تأهيل الطرقات والأحياء بالمدينة    المنتخب المغربي ينهزم أمام مصر – بطولة اتحاد شمال إفريقيا    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    نور الدين مفتاح يكتب: العمائم الإيرانية والغمائم العربية    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنطقة العربية وتداعيات الصراع الروسي الغربي على أوكرانيا
واشنطن تحصد الفشل في مصر وسوريا والدائرة تتسع
نشر في العلم يوم 24 - 02 - 2014

يقدر عدد من المحللين والمؤرخين أنه على مدى التاريخ خاصة المعاصر كان هناك ترابط بين الأحداث في المحاور الإقليمية العالمية، وأنه وجد دائما تأثير وتداخل وتشابك وإرتباط نوعي في الأحداث، هذا الترابط أخذ بعدا أوسع ليشمل العالم كله موازاة مع تطور الصراعات الدولية بين القوى الأكبر سواء إقتصاديا أو عسكريا. لذلك فإن الصراع المستعر في وسط القارة الأوروبية على الحدود الغربية لروسيا والذي بدأ مع تحلل الإتحاد السوفيتي سنة 1991 وقرار إنفصال أوكرانيا يوم 1 ديسمبر 1991، ثم وصل مرحلة تعتبر الأكثر خطورة من سابقاتها مع بداية سنة 2014، يشكل مركز إسقاط على الكثير من التطورات الدولية.
وكما قال محلل سياسي ينشغل العالم بدراسة أثر النزاع الروسي الأمريكي في أوكرانيا وقبلها في سوريا مرورا بحرب موسكو مع جورجيا على السلم العالمي والعلاقات الدولية، وتتداول نخب سياسية وفكرية الأثر المحتمل لهذا النزاع على العديد من أزمات العالم وقضاياه المشتعلة، حيث طرحت تلك الأزمات، سؤالا جوهريا حول ما إذا كانت العودة للحرب الباردة أمرا ممكنا، أو ما إذا كان نظام القطب الواحد المهيمن الذي ساد المسرح الدولي وطبع العلاقات الدولية بطابعه الخاص منذ سقوط الاتحاد السوفيتي وحتى يومنا هذا، قد انتهى أو وصل طريقا مسدودا، وما إذا كان الباب قد فتح لانبثاق نظام دولي ثنائي القطبية أو متعدد الأقطاب.
خسارة جولة
خسرت موسكو الجولة الثالثة من مواجهتها مع أنصار الغرب في أوكرانيا وذلك بعد أن كانت قد كسبت الجولة الثانية بإنتخاب فيكتور يانوكوفيتش المساند لتوثيق الروابط مع روسيا بدلا من الإرتباط بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة رئيسا للبلاد في عام 2010.
المواجهة بعيدة عن الحسم ويترقب العالم رد فعل الكرملين لعكس إتجاة الأحداث التي قادت إلى السلطة في العاصمة كييف أنصار الإرتباط بالغرب والإبتعاد عن روسيا. فخلال نهار طويل من الأحداث المتلاحقة يوم السبت 22 فبراير 2014 وبعد زهاء ثلاثة أشهر من الاضطرابات الدامية قرر البرلمان الأوكراني الإفراج عن يوليا تيموشنكو التي حكم عليها بالسجن سبع سنوات في 2011 بتهمة إساءة استخدام السلطة عندما كانت رئيسة للوزراء. كما قرر تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في مايو 2014، واقالة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش بحكم الامر الواقع وتكليف رئيس البرلمان بتحمل مهامه.
وفي تحد لموسكو تعهد الرئيس المؤقت لأوكرانيا اولكسندر تيرتشينوف يوم الأحد 23 فبراير بإعادة بلاده على مسار الاندماج مع أوروبا.
لكن يانوكوفيتش الذي تنتهي ولايته في مارس 2015، أكد من مدينة خاركيف في شرق البلاد انه لا ينوي ابدا الاستقالة وذلك في كلمة بثها التلفزيون. وقال "لن اغادر البلاد إلى أي مكان. ولا اعتزم الاستقالة. فأنا الرئيس المنتخب شرعيا". وأضاف إن "البلاد تشهد انقلابا وأنا الرئيس المنتخب بطريقة شرعية".
الأمل في إخراج اوكرانيا من ازمتها يشوبه شك متزايد لدى الغرب الذي يخشى من ان يتعزز الانقسام في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 46 مليون نسمة، بين الشرق الناطق بالروسية ويعتمد الثقافة الروسية ويشكل أغلبية، والغرب القومي والناطق بالاوكرانية.
زيادة على ذلك فإن قادة الحكومة المعزولة ولاسيما من جنوب وشرق البلاد يقولون إنهم يعارضون الإجراءات الجديدة.
وفي مؤشر على المشاعر التي تقسم أوكرانيا على أسس قومية وثقافية ما بين المنتمين إلى الثقافة الروسية وأولئك المنتمين للثقافة الأوكرانية الأوروبية النزعة عرضت قناة تلفزيون "كيرتش" المحلية في القرم الشرقية حشدا يقوم بإنزال علم أوكرانيا ذي اللونين الأصفر والأزرق أمام مجلس بلدية المدينة ويلوح بعلم روسيا ذي الألوان الأبيض والأزرق والأحمر.
طموحات وأوهام
في براغ، اتهم الرئيس التشيكي السابق فاتسلاف كلاوس، المعروف بتشكيكه في جدوى الوحدة الأوروبية، الاتحاد الاوروبي "بعدم المسؤولية تجاه اوكرانيا، محذراً من "أوهام" تسوية الأزمة عبر تنظيم انتخابات جديدة. وقال كلاوس البالغ من العمر 72 سنة: "رسم الغرب طموحات وأوهام للمتشددين في غرب اوكرانيا تفيد بأن هناك خياراً بين الشرق والغرب، ما قد يعني تفكيكها".
ورأى كلاوس الذي رأس تشيكيا من 2003 الى 2013 ان اوكرانيا "دولة مصطنعة الى حد كبير، تضم من جهة اراضي لم يضمها الاتحاد السوفياتي إلا بعد الحرب العالمية الثانية، ومن جهة أخرى اراضي التي تمثل مهد الثقافة الروسية ووطن عشرات الملايين من الروس. فعليا ساعد الغرب في اندلاع ازمة لا يرغب فيها فعلياً وليس مستعداً لتحمل عواقبها".
يذكر أن منطقة القرم كانت ضمن الأراضي الروسية ومنحها لأوكرانيا الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف الذي كان أوكرانيا سنة 1953.
يوم الأحد 23 فبراير كتبت صحيفة "واشنطن بوست": المعركة في العاصمة الأوكرانية كييف ربما تكون انتهت بعد قرار البرلمان عزل الرئيس، إلا أن المعركة على مدينة "كريما" الواقعة في الجنوب التى يغلب عليها السكان المتحدثون بالروسية ربما تكون في بدايتها. وتضيف الصحيفة "بينما يحتفل الكثيرون في كييف اليوم، فإن الموقف مختلف في مناطق أخرى من البلاد التي لا تزال في حالة من التوتر، مثل مدينة كريما".. وأشارت إلى مقطع فيديو يظهر مضايقة محتجين ضد الحكومة في تلك المدينة بعد محاولتهم تكريم من قتلوا في الاحتجاجات، ووصفوا بأنهم فاشين قبل أن تتدخل الشرطة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الروس الموجودين في المدينة ينظرون للأحداث في العاصمة على أنها مزيد من الانتهازية والرعب لعملاء يتلقون أوامرهم من الخارج.. فالفوضى في أوكرانيا يمكن أن تكون في النهاية فرصة لعودة المنطقة إلى موسكو.
وبعثت موسكو ايضا برسالة نوايا من خلال جبهة اخرى حيث أوفدت الكسي بوشكوف وهو من الموالين لبوتين وعضو بارز في البرلمان إلى اجتماع للزعماء الاقليميين من مناطق شرق اوكرانيا التي يغلب عليها المتحدثون بالروسية يوم السبت 21 فبراير.
وقال الزعماء الذين اجتمعوا في مدينة خاركيف انهم لم يعودوا يعترفون بقرارات البرلمان الوطني وهو تحد يمكن ان يعزز يدي موسكو ان كان لديها اي خطط لضم تلك المناطق.
تقسيم أوكرانيا
سئلت سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الأمريكية خلال حديث لمحطة تلفزيون أمريكية عن احتمال ارسال روسيا قوات إلى أوكرانيا، فردت "سيكون هذا خطأ جسيما". وأضافت "انقسام البلاد ليس في مصلحة أوكرانيا أو روسيا أو أوروبا أو الولايات المتحدة. عودة العنف وتصاعد الموقف لن يصب في مصلحة أحد".
وعندما سئل وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ عن احتمال "إرسال روسيا دباباتها" للدفاع عن مصالح المتحدثين بالروسية في شرق أوكرانيا وفي شبه جزيرة القرم حيث تضع موسكو اسطولها في البحر الأسود قال لهيئة الإذاعة البريطانية "لن يكون من مصلحة روسيا حقا أن تفعل أي شيء من هذا القبيل.. هناك العديد من مواطن الخطر وعدم اليقين".
وفي وقت سابق من شهر فبراير حذر مساعد بالكرملين من أن موسكو قد تتدخل واتهم واشنطن بخرق نصوص معاهدتهما لعام 1994 التي أزالت روسيا بموجبها أسلحة نووية سوفيتية من أوكرانيا.
ولن تخاطر الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي على الأرجح في الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا لكن هذه اللهجة المحملة بأصداء الحرب الباردة تؤكد على الأخطار الجسيمة في أوكرانيا.
وفي محاولة لمساندة خصوم موسكو وعدت الولايات المتحدة بتقديم المساعدة. لكن الميزانيات محكومة بقيود الأزمة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي وواشنطن، كما ان الدائنين الدوليين مثل صندوق النقد الدولي قد يظلون قلقين من خصوم يانوكوفيتش الذين لم يحققوا اي نجاح اقتصادي خلال سنوات حكمهم قبل تولي يانوكوفيتش السلطة.
ويشار إلى أنه بعد الثورة البرتقالية التي كانت سلمية الى حد كبير بين 2004 و 2005 والتي أبطلت فوزا رئاسيا أول ليانوكوفيتش شغلت يوليا تيموشنكو منصب رئيسة الوزراء لكنها أحبطت كثيرين في اوكرانيا كانوا يأملون في نهاية للفساد والسياسات الاقتصادية الفاشلة التي ميزت فترة ما بعد الشيوعية السوفيتية.
في علامة فيما يبدو على الشعور بالاحباط نتيجة للتطورات في اوكرانيا كتب بوشكوف لاحقا في موقع تويتر "فليذهبوا أي السلطات الاوكرانية الى رعاتهم الغربيين".
وقد يكون المقصود بهذا التعليق السخرية من القيادة الجديدة التي بدأت تتشكل في اوكرانيا فمن شأن سحب المعونة المالية الروسية أن يكون ضربة شديدة لكييف ومن شأن رفع اسعار الغاز ان يثير استياء السكان.
ولابد ان بوشكوف يدرك انه مثلما صور الاتحاد الأوروبي اتفاق نوفمبر 2013 بين روسيا واوكرانيا على انه انتصار لروسيا في لعبة الشد والجذب فمن شأن تمكن الاتحاد الأوروبي من جمع أموال كافية لإقناع اوكرانيا بتغيير موقفها بخصوص أوروبا ثانية أن يكون انتصارا للاتحاد الأوروبي في نفس اللعبة.
بعض الملاحظين سجلوا أنه في الوقت الذي يدافع فيه الغرب عن وحدة أوكرانيا تكثف وسائل إعلامه عكس رأى قياداتها فيما يخص تقسيم أقطار المنطقة العربي. صحيفة التايمز البريطانية كتبت يوم 19 فبراير مقالا للكاتب، روجر بويز، قال فيه أن "تفكيك سوريا" قد يكون الحل الأمثل، أو الأقل ضررا الآن، حيث كما يرى، يجب السماح للدول الفاشلة بأن تتفكك فالإبقاء على تماسكها ربما أدى إلى تراكم الكراهية في النفوس.
ويرى الكاتب أن هناك ضرورة لإعادة تشكيل سوريا، وهذا يتطلب رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط. ويتابع بويز أن الخريطة الجديدة للشرق الأوسط يجب أن تقوم على إعادة تعريف الجغرافيا، فمثلا يجب الحديث عن روابط مشتركة تربط بين شعوب شرق البحر المتوسط، والبدء بنسيان تعبير "الشرق الأوسط"، لأنه منبثق من تفكير أوروبي.
ويقول إن وجود الغاز الطبيعي تحت الأرض، يعنى أنه على سوريا وقبرص وإسرائيل ولبنان التعاون فيما بينهم. وإذا انقسمت سوريا إلى ثلاثة أقسام فإن سوريا لن تختفي عن الخريطة".
القتال على جبهتين
ذكر الكاتب روبرت فيسك في صحيفة "الإندبندنت" البريطانية في مقال يوم الجمعة 22 فبراير: روسيا كبيرة بما يكفي للدفاع عن حلفائها، وزير الخارجية الروسي سيرجى لافروف استخدم نفس كلمات الغضب تجاه الولايات المتحدة حيال موقفها من أوكرانيا، ومن التهديد بقصف سوريا.. ويقول إنه إذا كانت أوكرانيا تشكل الجدار الدفاعي لروسيا في مواجهة أوروبا، من الشرق، فإن سوريا، التي تقاتل ضد المتمردين، تشكل جزءا من الجناح الجنوبي لموسكو.
ويخلص فيسك بالقول إن السوريين يدركون أن روسيا كبيرة بما يكفي للقتال على جبهتين، لذلك من المحتمل أن يذهب بوتين للكفاح من أجل حلفائه، وقبل أن تتحول أوكرانيا إلى وضع دموي مثل سوريا، على أمل أن يصبح أوباما بلا أسنان في كييف كما كان في دمشق.
ينفي الرئيس الامريكي باراك اوباما ان تكون واشنطن وموسكو تخوضان مجددا صراع نفوذ عالمي كبير يعيد الى الاذهان أجواء الحرب الباردة، لكن الازمات الحالية من سوريا الى اوكرانيا تذكر بتلك الحقبة الصعبة.
وقال أوباما خلال قمة عقدت في المكسيك إن "نهجنا في الولايات المتحدة لا يقوم على اعتبار هذه الملفات لعبة شطرنج تذكر بالحرب الباردة ونتنافس فيها مع روسي".
لكن واشنطن أصبحت مدركة بشكل متزايد بأن السياسة الخارجية التي يعتمدها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تتعارض مع مصالحها، وتهدد بنسف مركزها كالقوة الأولى المهيمنة في العالم، وكذلك إفشال مشاريعها.
نائب رئيس مجموعة الابحاث "مجلس الأطلسي" ديمون ويلسون العضو السابق في مكتب السياسة الخارجية لدى الرئيس السابق جورج بوش، يقول أن "السياسة الخارجية الحالية للروس تقوم على استعادة بعض النفوذ والهيبة الروسية في العالم".
وينتهج الرئيس بوتين هذه الاستراتيجية عبر اختبار حدود التأثير الامريكي. وفيما تتباهى إدارة الرئيس باراك أوباما بسياسة إعادة اطلاق العلاقات مع موسكو من الصفر منذ العام 2009، باعتبارها إحدى نجاحاتها في الخارج - برغم النكسات التي شهدها هذا المفهوم منذ عودة بوتين رسميا لتولي شؤون الكرملين في مايو 2012 – فإنها تسعى لحماية المكتسبات مثل المساعدة اللوجستية لافغانستان التي ستكون حاسمة بالنسبة للانسحاب العسكري الجاري حالياً او مكافحة الإرهاب او التعاون في الملف النووي الايراني.
لكن الإدارة الامريكية لا تخفي ايضا انزعاجها من الطموحات الجيوسياسية التي عادت موسكو للعمل عليها، وهو موضوع حساس اساسا منذ حرب صيف العام 2008 في جورجيا، الدولة التي أرادت الخروج من فلك السياسة الروسية.
يلقب الكثيرون فلاديمير بوتين بالقيصر الطامح إلى إحياء المجد الضائع للإمبراطورية السوفياتية سابقا. وتجلت مواقف فلاديمير بوتين من الملف السوري في تصريحات أدلى بها عندما كان رئيسا للوزراء وعندما أصبح رئيسا، منها أن "سوريا ليست ليبيا"، في إشارة إلى معارضة بلاده لأي تدخل عسكري في سوريا على غرار تدخل حلف شمال الأطلسي الذي أدى إلى الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي ثم إغراق البلاد في الفوضى.
وقال في هذا الصدد "إن بعض الدول تحاول الحفاظ على نفوذها السابق عبر إجراءات أحادية الجانب في السياسة الدولية". وانتقد بوتين يوم 9 يوليو 2012 الغرب لتصديره "ديمقراطية الصواريخ والقنابل" عبر تدخله في النزاعات الداخلية للآخرين.
وكان فلاديمير بوتين قبل هذا قد وصف انهيار الاتحاد السوفياتي بأنه "أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين".
ويدعي مسئول بارز في وزارة الخارجية الامريكية: "نحن نعتبر ان مبدأ اعلان مناطق نفوذ تجاوزه الزمن بالكامل"، مضيفا "لقد قلنا ذلك بوضوح للأوكرانيين وكذلك للروس". ولكن معارضي السياسة الأمريكية يشيرون إلى أن البيت الأبيض يستمر بشراسة وبأساليب مختلفة في خلق مناطق نفوذ له عبر العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط الكبير حيث وضع مخططا لتقسيم المنطقة إلى ما بين 54 و56 دولة على أسس عرقية ودينية ومناطقية تكون متنازعة مما يسمح ببسط الهيمنة الغربية وإستغلال الثروات دون مراعاة لحقوق سكان تلك البلاد. ويضيف هؤلاء أنه إذا كانت الدول الاستعمارية تستخدم القوة المسلحة مباشرة لفرض إرادتها على الآخرين فإنها ومنذ تجربة غزو العراق سنة 2003 بدلت إستراتيجيتها ولجأت إلى إستخدام القوى الداخلية في الدول المستهدفة للوصول إلى نفس الهدف، وهذا ما يفسر جزء كبيرا من الأحداث التي تشهدها أوكرانيا ودول أخرى في المنطقة العربية.
ويبدو أن بوتين، وبعد ثلاث سنوات من التهدئة النسبية مع واشنطن خلال فترة تولي ديميتري ميدفيديف السلطة الرئاسية، قد وضع حداً لهذه السياسة بعيد عودته الى الكرملين. ومنذ ذلك الحين شهدت العلاقات بين موسكو وواشنطن تدهورا.
وتبقى سوريا في ظل رئاسة بشار الاسد الحليف الرئيسي لروسيا في الشرق الاوسط، فيما يدخل فيها النزاع عامه الرابع، أما مصر فقد أوشكت على الوصول إلى نوع من القطيعة مع واشنطن خاصة بعد زيارة المشير عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع والإنتاج الحربى لموسكو بداية شهر فبراير 2014.
كذلك، فإن قرار بوتين منح اللجوء للمستشار السابق في وكالة الامن القومي الامريكي ادوارد سنودن، الذي كشف مراقبة الاتصالات التي تقوم بها الوكالة الامريكية، القي بثقله ايضا على العلاقات، ودفع اوباما الى ارجاء قمة ثنائية مع نظيره الروسي.
طموح أمريكي
بعض الخبراء يلفتون إلى أن الولايات المتحدة ليست لها أي مصلحة في تفسخ العلاقات بشكل كامل مع روسيا، البعض يرى أن الأمر قد يقود إلى تصعيد حدة الحرب الباردة الدائرة حاليا ودفع الكرملين إلى مواجهة الغرب على أكثر من واجهة وخاصة في منطقة الشرق الأوسط الكبير. في حين يقدر آخرون أن موسكو لا تزال تشعر بعدم قدرتها على الوصول بالتحدي مع الولايات المتحدة إلى درجة النجاعة التي كانت سائدة خلال الفترة الذهبية للقوة السوفيتية.
وبخصوص اوكرانيا، ورغم أن البيت الأبيض عبر عن "صدمته الشديدة"، يوم الخميس 21 فبراير، لاستخدام قوات الأمن الرصاص ضد المتظاهرين. لكن التطورات في اوكرانيا لا تشكل ملفا يحظى بأولوية في مجال الأمن القومي بالنسبة إلى الامريكيين كما يرى ماثيو روجانسكي، المتخصص في الشؤون الروسية في "مركز ويلسون" في واشنطن، الذي يقول إن "الرهانات بالنسبة إلى روسيا، أكبر مما هي بالنسبة للولايات المتحدة، حتى وإن عبرنا عن قلقنا الشديد".
غير أن الخطر الكامن هو أنه يوجد في مراكز إتخاذ القرار واشنطن من يعتقد أن الفرصة الآن متاحة لتصفية كل الحساب مع "روسيا السوفياتية" من خلال تجريدها من حساباتها ومناطق نفوذها وعناصر قوتها وتفوقها، زيادة على أن واشنطن تريد أن تضع يدها على طرق النفط ومنابعه، لإضعاف روسيا وإحكام السيطرة على أوروبا، وهي بنشرها الدرع الصاروخي على مقربة من الكرملين، تبعث برسالة إلى قادة روسيا "القوميين" مفادها أن صواريخهم عابرة القارات، آخر مظاهر عظمة الامبراطورية الروسية السوفياتية، ليست سوى عصي وأنابيب صدئة، وأن الاعتماد عليها لبناء دور دولي صاعد أمر لم يعد ممكنا بعد الآن.
إذا كانت الولايات المتحدة تحاول كسب أوكرانيا للمعسكر الغربي فإن موسكو تضغط في الاتجاه المعاكس وهي تدرك أن الأوضاع على الأرض مواتية لها بسبب الغالبية الروسية والاتفاقيات الموقعة. وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قال لنظيره الامريكي جون كيري يوم الاحد 23 فبراير إن معارضي الرئيس الاوكراني يانوكوفيتش لم يلتزموا باتفاق سلام وقعوه يوم الجمعة واستولوا على السلطة.
وقالت وزارة الخارجية الروسية إنه خلال ثاني اتصال لهما في يومين قال لافروف لكيري إن "أهم شيء الآن هو توفير الإنجاز الكامل" للاتفاق الذي توسط فيه ثلاثة دبلوماسيين كبار من الاتحاد الاوروبي.
وذكر بيان للوزارة ان لافروف قال لكيري إن "المعارضة الاوكرانية تنحرف عن الاتفاق واستولت فعليا على السلطة في كييف ورفضت القاء السلاح وواصلت الاعتماد على العنف".
واضاف البيان ان لافروف "لفت الانتباه الى حقيقة أن الوثيقة تحمل توقيعات ممثلي دول غربية عديدة وأن الولايات المتحدة رحبت رسميا بانجازها".
من أوكرانيا إلى مصر وسوريا
يقول محللون غربيون يحسبون على التيار المحافظ إن النزاع بين القوتين العظميين لا يرتبط بسوريا أو أوكرانيا وحدهما، بل بالصراعات الكبرى بينهما على السيطرة في العالم، أي أن "الحرب الباردة"، التي اعتقد الكثيرون بأنها انتهت من العالم، توجد في ذروتها.
قبل أن تشتعل الأزمة في أوكرانيا كتبت مجلة "فرونت بيدج" الأمريكية يوم 17 ديسمبر 2013، إن دعم الولايات المتحدة لجماعة الإخوان المسلمين في مصر والصفقة النووية الغربية مع إيران دفعت العالم العربي إلى أحضان روسيا، فالحكومة المصرية التي كانت حليفة واشنطن تمهد لشراء أسلحة روسية بمبلغ 2 مليار دولار، مما يشير إلى إعادة التقويم الاستراتيجي في الشرق الأوسط ووضعه تحت سيطرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، موضحة أنه بذلك أحيت القاهرة وموسكو الحرب الباردة مجددا.
وأضافت المجلة أن مصر فتحت الباب لروسيا بعد قرار إدارة "أوباما" بتعليق بعض المساعدات العسكرية للحكومة المصرية ردا على الإطاحة بالرئيس المعزول "محمد مرسي" وجماعة الإخوان المسلمين، في حين تواصل الدعم والمساعدات الأمريكية للإخوان دون هوادة.
وذكرت المجلة أن المملكة العربية السعودية تشرع في دور مماثل كما فعلت مصر، والآن تتحدث بصراحة للصحفيين حول كيف ستصبح بلادهم أكثر استقلالية في رد فعل على سياسة الولايات المتحدة، وبالتالي عرضت الرياض على "بوتين" تحالف وشراكة استراتيجية حال تخليه عن نظام "الأسد".
وأوضحت أن الأسرة الحاكمة في البحرين، وهي عدوة لجماعة الإخوان وإيران، تشعر بنفس شعور السعودية، وقد قال ولي العهد مؤخرا: يبدو أن أمريكا تعاني من انفصام في الشخصية عندما تتعامل مع العالم العربي، ومقارنة بروسيا، فقد أثبت الروس أنهم أصدقاء موثوق بهم.
ولفتت إلى أن الشرق الأوسط الآن ينقسم إلى ثلاث تحالفات، الأول، تركيا والإخوان المسلمين وحماس وقطر وتونس، وإدارة "أوباما" تميل إلى هذا التحالف وتستخدم أموال دافعي الضرائب الأمريكيين لنشر الإسلام التركي والقطري.
أما التحالف الثاني هو إيران والعراق، والإدارة تحاول بناء علاقة أفضل مع هذه الكتلة، أما التحالف الثالث، فهو مصر والسعودية والأردن والإمارات والبحرين والكويت.
وتعتقد المجلة الأمريكية أن التحالفين الأول والثاني يقفان معا ضد الثالث، حيث إن تركيا وإيران ترغبان في تحقيق وقف إطلاق النار في سوريا، ويقول كبار المسئولين إنهم يرغبون في التكاتف ليصبحوا العمود الفقري للاستقرار الإقليمي، كما أنه في وقت سابق أعلنت حركة حماس أنها استأنفت العلاقات مع إيران.
واختتمت المجلة بأن روسيا الآن في وضع مثالي، حيث إن الكل يشتهي صداقتها، ولكنها لحظة محرجة في التاريخ عندما يستبدل الشرق الأوسط الولايات المتحدة بروسيا.
قبل ذلك وبتاريخ 9 نوفمبر 2013 ذكرت صحيفة "ناشيونال بوست" الكندية، إن النفط هو السلعة الأساسية والأكثر استراتيجية في منطقة الشرق الأوسط المهمة، ولهذا السبب حصن رئيس وزراء بريطانيا الأسبق "ونستون تشرشل" النفط الإيراني لصالح الإمبراطورية البريطانية قبل الحرب العالمية الأولى، وأيضا أمّن رئيس الولايات المتحدة الأسبق "روزفيلت" النفط السعودي قبل الحرب العالمية الثانية، فكان لزاما على الغرب مواجهة الحرب الباردة على الطاقة بعد عام 1945.
وأضافت الصحيفة أنه يتعذر على الولايات المتحدة خلق حرب باردة جديدة ضد روسيا وحلفائها، بعد وصول الرئيس الروسي "فلادمير بوتين" إلى تقوية نفوذ الكرملين في الشرق الأوسط، وربما يصل إلى النفط السعودي إلى جانب الكثير من مجالات الطاقة الاستيراتيجية في المنطقة.
وأشارت إلى أن التغيرات في منطقة الشرق الأوسط دفعت الرياض للتساؤل، كيف يمكن أن نثق بواشنطن ومعاملتها معنا، وقد تأكدت الرياض أنه لا يمكن الوثوق في الولايات المتحدة أو الغرب.
وترى "ناشيونال بوست" أن السعودية بجانب قوى النفط الروسية والخليجية والفنزويلية، يمكن أن يزعزعوا الاستقرار في الغرب، كما أن الرئيس الروسي عرض على مصر تزويدها بالأسلحة، والصفقة التي قد تشمل تعاونا عسكريا وإقتصاديا غير مسبوق مما يعد أكبر توسع لها في البحر الأبيض المتوسط.
وذكرت الصحيفة الكندية أن الخلافات السعودية الأمريكية بجانب مصر وسوريا، أبرزت روسيا كقوة كبرى في منطقة الشرق الأوسط أكثر من أي وقت مضى في تاريخها، وينظر إلها الآن على أنها "النمر الرابح" من قبل جميع الأطراف العربية، وبذلك فإن صعود روسيا في منطقة الشرق الأوسط يشكل تهديدا للغرب والولايات المتحدة.
التحالفات التي تخلط الأوراق
التحالفات الجديدة لموسكو في المنطقة العربية تخلط أوراق البيت الأبيض. صحيفة "التايمز" البريطانية علقت يوم 15 فبراير على زيارة وزير الدفاع المشير عبدالفتاح السيسي لروسيا، وقالت إن الرئيس الروسي ألقى بثقله لدعم القائد العسكري المصري، باعثا رسالة قوية إلى واشنطن بشأن تغير التحالفات في الشرق الأوسط.
وأضافت الصحيفة البريطانية، أنه على الرغم من أن المشير السيسى لم يعلن حتى حينه ترشحه للرئاسة فإن بوتين راح يعلن دعمه له خلال لقائهما في موسكو.. مشيرة إلى أن هذا الإعلان يشير إلى رغبة روسيا أن تحل باعتبارها الحليف الأكثر أهمية لمصر بدلا من للولايات المتحدة. وتابعت أن موسكو تحاول استغلال تراجع نفوذ واشنطن في الشرق الأوسط بشكل عام، ومصر خاصة، وأن تعيد تأكيد نفوذها في المنطقة. ونقلت مقتطفات عن بوتين خلال لقائه بالسيسى: "أعرف أنك اتخذت قرار خوض الانتخابات الرئاسية.. أتمنى لكم حظا سواء بالأصالة عن نفسي وباسم الشعب الروسي".
وتخلص الصحيفة بالقول إن مصر أثبتت أنها شريك على استعداد للتقارب مع روسيا بعد توتر علاقاتها مع واشنطن عقب سقوط نظام جماعة الإخوان.
صحيفة "وول ستريت جورنال" النافذة كتبت تحت عنوان "الولايات المتحدة تهزم نفسها أمام بوتين": إن الشخصية التي برزت بين كل المنافسات التي شهدها أولمبياد سوتشي في روسيا، كانت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه، من خلال مقامراته الجيو سياسية التي تتحدى أي تراجع أو موت للنفوذ الروسي في العالم.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن الأشهر الستة الماضية كانت بمثابة حلم يتحقق لموسكو في الشرق الأوسط.. حيث واصل الأمريكيون إطلاق النار على أنفسهم وهزيمة أنفسهم بأنفسهم من خلال سياساتهم في المنطقة.
وركزت على إخفاقات الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط طيلة عام 2013، وعلى رأسها الأزمة السورية فلم يمض الرئيس باراك أوباما في تهديداته بشن ضربة عسكرية على نظام الأسد، كما فقد الجهاديون الذين يقاتلون الأسد، الأرض حتى أنهم حولوا أسلحتهم ضد بعضهم البعض.
وتتابع أن أقرب حلفاء واشنطن في المنطقة، حيث السعودية وغيرها، كانوا أقل ثقة في سياسات الولايات المتحدة وإرادتها، وكانت معاداة أمريكا هي الفكرة السياسية المشتركة التي جمعت الكثيرين حولها.
وقد استطاع بوتين تحقيق تقدم على الجبهة الدعائية، فلقد كانت قضية إدوارد سنودن، الموظف السابق بوكالة الأمن القومي الأمريكي والذي استطاع تسريب آلاف الوثائق السرية التي كشف عن تجسس واشنطن على قادة العالم، بمثابة نجاح مذهل لروسيا وفشل محرج للولايات المتحدة.
وتشير الصحيفة إلى أن بوتين باعتباره ضابط سابق في المخابرات السوفيتية فإنه يعرف أن الاستخبارات والدعاية من بين أهم أصول الاتحاد السوفيتي.. ولم يكن كشف سنودن، الذي لجأ إلى الاحتماء بروسيا، عن برامج التجسس الأمريكية مجرد دعابة بل أدى إلى دق إسفين بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.
وتخلص الصحيفة بالقول إنه لا يجب على الأمريكيين الاستمرار في عجرفتهم.. فلكي تنجح دبلوماسية بوتين القائمة على الصخب، فإنه بحاجة إلى أمر واحد قبل كل شيء، وهو ارتكاب خصومه أخطاء.
وتختم الصحيفة مشيرة إلى أنه حتى الآن قدمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كل الفرص التي ربما يأملها بوتين.. وما لم يلملم الغرب نفسه سريعا، فربما يحصد بوتين على عدد من الميداليات الذهبية.
في إسرائيل يتابع النظام وكل أجهزته بقلق تبدل التحالفات. يوم الجمعة 14 فبراير علقت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية على زيارة المشير عبد الفتاح السيسى لموسكو، وقالت الصحيفة إن الزيارة تعتبر بمثابة بناء تحالف بين القاهرة وموسكو. وأضافت الصحيفة أن المشير السيسى لم ينتظر طويلا بعد تجميد الولايات المتحدة لمساعداتها لمصر، فقرر بناء تحالف جديد مع موسكو، ليوجه رسالة إلى واشنطن، مفادها أن الصداقة معكم ليست للأبد.
وأوضحت أن الاستقبال الحميم من بوتين للسيسى، يؤكد أن العلاقات ستأخذ شكل التحالف، خاصة بعد الصفقات التجارية والعسكرية التي أبرمت بين الطرفين. وأشارت إلى أن صفقة الأسلحة تقدر ب2 مليار دولار أمريكي.
وأكدت أن السيسى أعاد العلاقات مع روسيا إلى عصر جمال عبد الناصر، بعد زمن طويل من روابط باردة استمرت لأربعين عاما.
عمر نجيب
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.