الملا عبد السلام ضعيف، رجل من رجالات الصف الأول في أفغانستان، وأحد الذين شاركوا في المفاوضات التي أددت إلى نشوء حركة طالبان، كان صوتا إعلاميا للزعيم الروحي لهذه الحركة الملا محمد عمر. مذكرات كتبها ضعيف بيده، وقال فيها كل شيء، باح بما له وما عليه: نشأته ودراسته في المدارس الدينية، ودوره في صد الحرب السوفياتية على أفغانستان. كشف خفايا علاقته بطالبان ما خبره من مفاوضات سرية وعلنية، داخلية وخارجية، وأسرار تقلبه في المناصب المتعددة التي تبوأها ومنها نائبٌ لوزير الدفاع ونائبٌ لوزير المناجم والصناعة. هنا في هذه المذكرات المثيرة، سيكشف الملا ضعيف، عن طبيعة العلاقة مع الأميركيين، وما يدور في ميدان المعارك، وخلف الكواليس السياسيّة من صفقات وأسرار. دوره منذ أحداث 11 شتنبر التي قلبت حياته وحياة بلده، وبعدها، حين كان صلة الوصل الوحيدة بين أفغانستان والعالم. قبل أن يصبح السجين رقم 306، في سجن غوانتانامو. أنا قلق على شعب أفغانستان خصوصا سكان قندهار، كيف سيطول شقائهم والحالة أسوء بكثير في الأقاليم القروية. كان القتال يدور بشكل يومي على طريق قندهار السريعة، لم تكن تلك المناطق خاضعة لسيطرة الحكومة أو القوات الأجنبية، باستثناء مراكز الأقاليم. كنا يوميا على موعد مع اشتباكات وتفجيرات ومزيد من الدمار والقتلى معظم الضحايا الذين سقطوا من المدنيين. أخبرني أحد المقيمين، ما جرى عشية العيد. حين قامت الطائرات الأمريكية بقصف قافلة من اللاجئين الذين يغادرون البلدة، المتجهين نحو "ريغيستان" في غضون ساعة أسقط الهجوم ما يزيد على 200 إمرأة وطفل. ذهبنا في اليوم التالي لانتشال الجثث وجدنا الأيدي ملونة بالحنة، تحضيرا لاحتفالات العيد. تبعثرت آمالهم بالعيد مع أشلائهم فوق رمل الصحراء، تكرر الأمر يوميا، المزيد من القتل والمزيد من الموت، اتسعت الفجوة بين الشعب والحكومة، ولا تزال جراء القصف العشوائي الذي تقوم به القوات الأجنبية من دون تمييز بين إنسان وآخر. اتهم المواطنون الحاكم وسائل الهيئات الرسمية بالتغاضي عن المجازر التي يقوم بها الأجانب. أما الأجانب من جهتهم فسعوا إلى التقليل من شأن الخسائر بين المدنيين، يقتلون الناس لأنهم يتحركون بناء على معلومات مغلوطة، وفي بعض الأحيان يقوم المخبرون الخونة بذلك من أجل المال. يعطون المعلومات الخاطئة للأمريكيين ويتقاضون الأموال، مقابل ذلك يحصلون على التمويل للقيام بمشروعات الإعمار ولكنهم لا يبنون شيئا، ولا يفسحون للناس مجال الحصول على الوظائف في مشروعاتهم، لم أواجه أي مشكلة مع طالبان، رغم أنني عدت إلى قندهار بموافقة الحكومه المركزية. بالعكس فقد أبدى رفاقي حماسا بالغ للقاء مجددا، لكنني أدركت سريعا أن وجودي قد تحول إلى مصدر إزعاج لمضيفي في البلدة التي أقمت فيها. لقد شعروا بالخوف على حياتهم جراء وجودي بينهم لم يكن أحد يضمن أنهم لن يتعرضوا للقصف أو لعملية عسكرية، كانت حياتهم دوما على المحك. أحيانا تتصاعد وثيرة الضغط بسببي شخصيا، وأحيانا أخرى بسبب الحالة التي آلت إليها الأمور. عندما سألت كبار السن عن الموضوع، جل ما أجابوا به : كان "لله رحيم" لكن الجميع كانوا يائيسين بعد رحلة استمرت ثمانية أيام، عدت إلى مطار قندهار مع شاب يحمل بطاقة التعريف للقوات الدولية للمساعدة الأمنية، تمكنه من الوصول إلى المطار. لدى عبوري إلى مدخل المطار وصولا حتى المحطة النهائية، صادفت كثيرا من المسافرين يشقون طريقهم سيرا على الأقدام عبر نقاط التفتيش. ولما وصلت إلى المحطة قدم الكثير منهم لإلقاء التحيات علي، سأل بعضهم عن أحوالي وآخرون أرادوا فقط إلقاء السلام بسطت شالي الصوفي "الباتو" وجلست على الأرض. تجمع المسافرون حولي وكنت أعلم أن ذلك لن يروق للأمريكيين. بعد دقائق رأيت الجنود الأمريكيين خلف الشباك أيسر المحطة، وظهر آخرون على السطح مع بندقياتهم، فأحاطوا بنا من الإتجاهين، اصطف الجمع حولي ليروا ماذا يحدث؟، فأشرت إليهم بالمغادرة، وهكذا سمعت أحدهم يقول إنه هو إنه رجل صالح بالفعل، هو رجل نزيه واستداروا مغادرين، سمعت أحدهم يقول كذلك، اختفى الجنود المتمركزون على السطح. كان من المفترض أن تقلع الطائرة في تمام الواحدة بعد الظهر، لكننا لم نصعد إليها قبل السادسة، ثم انتظرنا في الداخل نصف ساعة أخرى، كان المدرج مغلقا بالذبابات الأمريكية. الحمد لله له يصلي الكون كله، والملائكة أجمعين، الحمد لله الذي بعث فينا الحياة، الحمد لله الذي خلق الكون ونظمه، والحمد لله الذي أنعم على خلائقه بالحياة والطعام، والإدراك. الحمد لله الذي هدى البشر بواسطة أنبيائه. أمرهم أن يجّلوا حبيبه محمدا، الصلاة والسلام عليه، وعلى آله وأعوانه وأهل بيته وأتباعه، من الآن وحتى يوم القيامة، أرى الحياة في هذا الكون أكثر أهمية مما نستطيع إدراكه وفهمه، لأنها أوجدتنا من العدم من خلال حياة. أعطى لله البشر القدرة على الاهتداء بواسطة الكتب، التي أنزلها على أنبيائه. الحياه هي هبة لله الطبيعية للبشرية، والبشر يدينون بحياتهم لله. كل دقيقة من حياتنا محسوبة و قيمتها أغلى من الذهب، لا أحد يستطيع انتزاع حياة إنسان آخر بأي ثمن. انتنبهوا جيدا إلى هذا الأمر، و تعاملوا مع حياتكم كما تتعاملون مع أغلى شيء تملكونه، و احرصوا على السير بها في الصراط المستقيم. تتساوى قيمة حياة كل شخص على هذه الأرض، فليست حياة بوش أو أوباما أو بلير، أو أي قائد أو ملك، أو وزير آخر، أهم من حياة أسامة أو الظواهري أو الملا عمر، أو أي طفل أو إمرأة أو إنسان في هذا العالم، يحرم على الإنسان أن يسفك دماء أي إنسان آخر، من دون سبب وجيه، وعليه أن يدرك قيمة حياة البشر الآخرين، كما لو كانت حياته. وعليه أيضا أن يفهم أهمية حياة كل أخت أو أم وأب وأخ وحيوان. كما لو كانوا أخته وأمه وأباه وأخاه وحيوان. وأخيرا على كل إنسان أن يقدر كل حياة بشرية، وأن يحترم حياة قريبه أوأخيه. هبة الله هذه جديرة بكل تقدير وصون. أوجه هذا السؤال لكل إنسان في الدنيا والآخرة، لماذا تعتبر حياتك وحياة أبنائك أغلى من حياة الآخرين؟، لماذا نستخدم كل الوسائل المتاحة لحماية حياتك وتتلاعب بمصير حياة الآخرين الثمينة؟.