1. الرئيسية 2. تقارير تنازع المصالح مستمر.. بوانو يكشف محاضر رسمية تحمل توقيع الوزير برادة وتفضح حضوره داخل إدارة شركةٍ فازت بصفقات الدواء العمومية بملايين الدراهم الصحيفة - خولة اجعيفري الأربعاء 26 نونبر 2025 - 17:27 كشف عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، عن وثائق جديدة ومحاضر رسمية، تثبت أن وزير التربية الوطنية محمد سعد برادة لا يزال يشارك في اجتماعات تسيير شركة "فارما بروم" التي فازت بصفقات بملايين الدراهم مع وزارة الصحة. وأكد بوانو توقيع الوزير على محاضر اجتماع في يونيو وورود اسمه في محضر آخر في شتنبر من العام نفسه، بما يشكلُ دليلا واضحا، في نظره، على استمرار تضارب المصالح داخل الحكومة، وتطبيعا ممنهجا مع الفساد يضرب ثقة المواطنين في المؤسسات ويُكذب "تبريرات الحكومة الواهية"، على حد تعبيره. بوانو، وفي عرض قدمه أمام الصحافيين اليوم الأربعاء، كشف توفره على محاضر اجتماعات قال إنها تخصُّ مجلس إدارة شركة "فارما بروم" وتتضمن توقيع الوزير برادة في اجتماع جرى في يونيو 2025، ثم محضرا آخر لاجتماع عُقد في شتنبر من السنة نفسها يشير إلى أن الوزير "اعتذر ولم يحضر الاجتماع". وبالنسبة لبوانو، هذا "التناقض" لا يعكس فقط تغيرا في الحضور، بل يقدم "دليلاً إضافيا" كما وصفه، على استمرار علاقة الوزير بالشركة سواء بالحضور أو الغياب، في الوقت الذي يلزمه القانون المنظم لعمل الحكومة بقطع كل صلة تسييرية أو قرارية مع مؤسسات القطاع الخاص فور تقلده منصبه الوزاري. وتابع بوانو وهو يُفند تسريب الوزير لمواقع إخبارية حول استقالته أن "وجود اسمه في هذه المحاضر، سواء كحاضر أو كمعتذر، يعني ببساطة أنه جزء من بنية التسيير، وهذا خرق مباشر للقانون وروح المسؤولية العمومية". وخلال الندوة ذاتها، وسّع بوانو دائرة الاتهام لتشمل ما وصفه ب"تطبيع الحكومة مع الفساد" معتبرا أن الأمر لم يعد حالات معزولة، بل أصبح "سلوكا عاما"داخل السلطة التنفيذية وقال "من مميزات هذه الحكومة التطبيع مع الفساد.. الواقع هو هذا نحن لا نبتكره". واستعرض في هذا السياق أمثلة متعددة، من بينها سحب القوانين المتعلقة بالإثراء غير المشروع، والتغاضي عن احتلال الملك العمومي البحري، وتمرير تعديلات مثيرة للجدل في القوانين المنظمة لاستغلال المقالع، إضافة إلى الصفقات المرتبطة بتحلية المياه والقانون الإطار للاستثمار. وذهب النائب البرلماني أبعد من ذلك حين قال إن الوزراء "أخذوا من رئيس الحكومة هذه الصفة ويتمتعون بها"، وأنهم كاملين راضعين من بزولة وحدة""، مشيرا إلى كونهم جميعا يسيرون على النهج نفسه، قبل أن يتعهد بالكشف عن ملفات وزراء آخرين، موضحا أن "الأمر قد يبدأ بأربعة وزراء، لكنه بالتأكيد لن ينتهي عندهم". الجانب الأكثر حساسية في الاتهامات هو الربط المباشر الذي أقامه بوانو بين استمرار ارتباط الوزير برادة بشركته السابقة، من جهة، وفوز تلك الشركة بصفقات كبرى مع وزارة الصحة، من جهة أخرى إذ قال في هذا السياق إن شركة "فارما بروم"، التي يديرها شقيق الوزير، فازت بصفقات أطلقتها وزارة الصحة التي يديرها زميله في الحزب والحكومة أمين التهراوي، بقيم مالية "مرتفعة وغير معتادة" حسب تعبيره. وأوضح، بناء على معطيات قدمها خلال الندوة، أن قيمة هذه الصفقات تبلغ حوالي 32 مليون درهم مع الوزارة نفسها، بالإضافة إلى ما بين 7 و50 مليون درهم مع المراكز الاستشفائية الجامعية، وهي أرقام، كما قال، "تثير أكثر من سؤال حول النزاهة والشفافية، وحول حدود واحترام قواعد مكافحة تضارب المصالح". ولم يُفوّت بوانو فرصة التأكيد على مسألة يعتبرها "جوهرية" في هذا الملف، وهي أنه "ليس ضد المستثمرين أو رجال الأعمال الذين يمارسون السياسة" بل ضد "المستوى غير المسبوق من تضارب المصالح" الذي قال إنه لم يشهد مثله في أي حكومة مغربية سابقة. وأشار إلى أن الجمع بين السلطة الاقتصادية والقرار العمومي أصبح في "أعلى درجات الخطورة" لاسيما في القطاعات التي تمس صحة المواطنين وسلامتهم، وأضاف: "لسنا في حرب ضد رجال الأعمال، ولكن عندما يكون المسؤول في موقع اتخاذ القرار، وفي الوقت نفسه في موقع المستفيد منه، يصبح الأمر خرقا خطيرا وليس مجرد إشكال سياسي". وخلال استعراضه للوثائق، ركّز بوانو على نقطة يراها أساسية، هي توقيع الوزير على محضر اجتماع لشركة تعمل في مجال الدواء، في الوقت الذي كان يجلس في الحكومة، وملفات قطاع الصحة تشهد جدلا واسعا بسبب شبهة تضارب مصالح. واعتبر القيادي في "البيجيدي" أن مجرد وجود توقيع الوزير أو اسمه ضمن محاضر الاجتماعات يشكل "إدانة سياسية واضحة" وأنه "لا يمكن لوزير في حكومة مسؤولة أن يظل حاضرا في تسيير شركة تستفيد من صفقات عمومية، مهما كان نوع تلك العلاقة أو مبرراتها". وختم بوانو ندوته بمطالبة صريحة بفتح تحقيق "عاجل وشامل" في كل تفاصيل هذا الملف، بدءا من وثائق الشركة مرورا بمسارات الصفقات داخل وزارة الصحة ووصولا إلى مدى احترام القانون المنظم لعمل الحكومة كما شدد على أن "هذه الممارسات تمس بمصداقية العمل الحكومي، وتضرب في العمق ثقة المواطنين في المؤسسات" داعيا إلى محاسبة "كل من يثبت تورطه، أيا كان موقعه". وأضاف بنبرة حادة أن استمرار تجاهل هذه الملفات "لن يزيد إلا في تعميق أزمة الثقة، وفي تكريس قناعة لدى المواطنين بأن الفساد أصبح جزءا من الممارسة الحكومية".