الباراغواي تعترف بسيادة المغرب على الصحراء وتعلن فتح قنصلية بالأقاليم الجنوبية    بوريطة يلتقي دي ميستورا في نيويورك لبحث ملف الصحراء    نيويورك: بوريطة يجري سلسلة من المباحثات على هامش الدورة ال80 للجمعية العامة للأمم المتحدة    الذهب عند ذروة جديدة وسط رهانات على مواصلة خفض الفائدة الأمريكية    جمهورية سان مارينو تعلن الاعتراف بدولة فلسطين    حقوقيون يستنكرون التضييق المتزايد على الحق في التظاهر والاحتجاج السلمي بالمغرب    والد لامين جمال: حرمان ابني من الكرة الذهبية "أكبر ضرر معنوي يمكن أن يلحق بإنسان"    دراسة: المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    وكالة الأدوية الأوروبية ترد على ترامب: لا صلة بين استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل والتوحد    رئيس مجلس جهة الشرق ورئيس جامعة محمد الأول يتفقدان أشغال إنجاز دار إفريقيا وتوسيع المركب الرياضي بجامعة محمد الأول بوجدة    مورو: تحديات الشيخوخة والديمغرافيا والإدماج الاجتماعي "مسؤولية جماعية"    الشركة الجهوية المتعددة الخدمات للدار البيضاء-سطات تطلق مرحلة جديدة من خدمات القرب        فوز الشاعرة الإيفوارية تانيلا بوني بجائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الإفريقي في دورتها 13    بوريطة يبرز من نيويورك مكانة المغرب ودور إمارة المؤمنين في صون الإرث النبوي.. في الذكرى ال1500 لميلاد الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        أكنوش: بنكيران يوظف الإشاعة لضرب حكومة أخنوش            أيوب الكعبي يتوج كأفضل لاعب أجنبي في الدوري اليوناني    افتتاح الدورة الثامنة عشرة للمهرجان الدولي لسينما المرأة بسلا            غزة.. دول غربية تعرض المساعدة في علاج المرضى        توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء        توقيف فرنسي من أصول تركية بمطار محمد الخامس مطلوب دولياً في قضايا نصب وتبييض أموال    هدف حاسم لنايف أكرد ضد باريس سان جيرمان يلحق أول هزيمة للباريسيين هذا الموسم    عثمان ديمبلي بعد الفوز بالكرة الذهبية.. يشكر 4 أندية ويدخل في نوبة بكاء            الامم الأمم المتحدة.. المغرب يشارك بنيويورك في مؤتمر دولي حول التسوية السلمية للقضية الفلسطينية    الدكتور أومالك المهدي مديرًا جديدًا للمستشفى المحلي بأزمور... كفاءة طبية وإدارية لتعزيز العرض الصحي    حمزة عقاري ينال شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جداً بكلية الحقوق بالجديدة    الرميد يحذر من "انزلاق خطير" بعد أدعية لجيش الاحتلال في حفل يهودي بالصويرة    ماكرون يعلن أمام الأمم المتحدة اعتراف فرنسا بدولة فلسطين                لامين يامال يحصل على جائزة "كوبا"    حكيمي يحل بالمركز 6 للكرة الذهبية    الرباط.. وزير الدفاع الهندي يزور ضريح محمد الخامس    بورصة الدار البيضاء تغلق على ارتفاع    سفينة مغربية ترسو بإيطاليا في انتظار استكمال الإبحار نحو قطاع غزة    موجة ‬اعترافات ‬تعيد ‬طرح ‬الدولة ‬الفلسطينية ‬إلى ‬الواجهة        معرض "كريماي 2025" .. المغرب يفوز بكأس إفريقيا والشرق الأوسط للطاهيات    الذهب عند مستوى قياسي جديد مع توقعات بخفض الفائدة الأمريكية    مندوبية التخطيط: تباطؤ معدل التضخم السنوي في المغرب إلى 0.3% في غشت    وجدة تحتضن النسخة 14 للمهرجان الدولي المغاربي للفيلم    استمرار الاضطرابات في مطارات أوروبية بعد هجوم إلكتروني    ياوندي.. الخطوط الملكية المغربية تخلق جسورا لتنقل مواهب السينما الإفريقية (عدو)    مستخلص الكاكاو يقلل من خطر أمراض القلب عبر خفض الالتهابات    دراسة: الإفطار المتأخر قد يُقلل من متوسط العمر المتوقع    الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسائل الشعب إلى الحكومة الجديدة- بقلم حسن بويخف
حسن بويخف
نشر في التجديد يوم 01 - 12 - 2011

ماذا يريد أفراد الشعب المغربي الذين شاركوا في اقتراع 25 نونبر أن يقولوه من خلال نتائج التصويت؟ وما الذي يريد أن يقوله الشعب من خلالهم بالضبط للحزب الذي توجه على رأس الحكومة وعلى رأس الفرق البرلمانية بنتائج غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات في المغرب؟ أسئلة من المفروض أن تكون أول ما نبحث فيه انطلاقا من مبدأ الالتزام السياسي الذي يجعل إرادة الشعب فوق كل الإرادات.
وبعيدا عن الوصاية على رأي الشعب يمكن مقاربة الجواب من خلال ثلاث مؤشرات لها دلالتها الخاصة.
أولى هذه المؤشرات تتعلق بنسبة المشاركة. ونسبة المشاركة لها وجهان: وجه المشاركة و وجه المقاطعة، و تعمل المقاربات الضيقة دائما على إخفاء أحدهما لصالح الآخر.
ففي وجهها المشارك، ومهما اختلفت القراءات حول حجمها الحقيقي بعد عمليات الطرح الحسابية، فإن نسبة المشاركة المسجلة تبقى مرتفعة مقارنة مع سابقتها سنة 2007 والتي لم تتجاوز 37 في المائة حينها، وهي لا تعني في العمق إلا أن الشعب المغربي صوت لصالح الاستقرار وخيار العمل المؤسساتي. لكن الاستقرار الذي صوت لصالحه المغاربة المشاركون يختلف تماما عن الاستقرار الذي دأبوا على التعلق به، إنه استقرار مقاوم وليس استقرارا مهادنا ومستسلما، فالمغاربة المشاركون قاوموا ضد أساليب السلطوية التي عملت في الخفاء للتحكم في نسبة المشاركة بما يجنبها المفاجئات. ولقد عاين الجميع كيف أقصي مغاربة الخارج من حقهم في التصويت ضدا على صريح الدستور، وكيف أقصي كل المغاربة البالغين سن الرشد من ذلك الحق بحرمانهم من التسجيل التلقائي في اللوائح الانتخابية وفق الدستور نفسه، وكيف باشرت وسائل الإعلام العمومية حملات التسجيل في تلك اللوائح ببرودة قاتلة، وأخيرا كيف حرم الكثيرون من المسجلين في تلك اللوائح وقرروا المشاركة في التصويت من هذا الحق في عدد من مكاتب التصويت بناء على آلية «الإشعار» حيث أصبح مسك إشعار من السلطة وليس البطاقة الوطنية وفق القانون هو ما يعطي الحق في التصويت في تلك المكاتب... كما قاوم الشعب المغربي من خلال الاختيار السياسي الذي عبر عنه كل أشكال شراء الذمم واستغلال الحاجة وباقي آليات تحريف إرادة الناخب والتي نجد أخطرها في انخراط ممثلين للسلطة المحلية في التعبئة لصالح مرشحين بأعينهم. كل هذه المعطيات تؤكد أن المغاربة المشاركين من خلال تلك النسبة المرتفعة للمشاركة مارسوا مقاومة كبيرة ضد السلطوية ووجهوا بتلك النسبة ودلالتها السياسية ضربة قاسية للسلطوية ومهندسيها.
أما في وجهها المقاطع فإن نسبة المقاطعة، التي لا يمكن تحديدها بعمليات الطرح الحسابية، كما دأب على ذلك كثيرون، لاستحالة بلوغ 100 بالمائة عمليا كنسبة مشاركة، نسبة المقاطعة تلك و مهما ارتفعت فهي لا تعني في العمق سوى التعبير عن مطلب التغيير وهو نفس المطلب الذي عبر عنه المشاركون سياسيا بالتصويت على المعارضة السياسية مع اختلاف في عمق التغيير ومدى تجدره.
ثاني تلك المؤشرات تتعلق بالتصويت المكثف وغير المسبوق، لصالح حزب العدالة والتنمية، ومهما تباينت المواقف حول الحزب الإسلامي، فالنتيجة واحدة وهي أن الشعب الذي عانق شعارات التغيير من خلال المسيرات الشبابية وفي هوامش المغرب وعبر وسائل الإعلام، اختار خندق الربيع العربي بشعاره المركزي، إسقاط الفساد والاستبداد، ولونه السياسي الذي يسجل حضور الإسلاميين بقوة في بلدان الربيع العربي.
ثالث تلك المؤشرات تتعلق بالنتيجة التفصيلية التي سجلت لأول مرة في تاريخ الانتخابات المغربية، والتي تعتبر هذه الأخيرة أكثرها نزاهة، حيث تمت معاقبة الحزب السلطوي والأحزاب الإدارية والأحزاب الحكومية، مع استثناءات محدودة الدلالة. فعمليا يقول التصويت المكثف لحزب العدالة والتنمية الذي حصل على أزيد من مليون صوت في اللوائح المحلية وقرابة المليون ونصف صوت في اللائحة الوطنية، وهي أرقام جديدة على قاموس الانتخابات المغربية، (يقول) أن الشعب يقول بأن هذه الانتخابات التشريعية هي انتخابات «آخر فرصة» حيث أن الكثيرين صوتوا على العدالة والتنمية بالقول «هو لي بقا لينا نجربوه» و يريد من خلالها القطيعة مع الماضي. وتؤكد النتائج و كأن إرادة التصويت تتجه لإعطاء الحزب الإسلامي غير المجرب أغلبية مريحة تحرره من قيود التحالفات المريضة، وهي الأغلبية المتوقعة فعلا لو لم تقص السلطوية المهاجرين وباقي الشباب ولو تعامل شباب حركة 20 فبراير بنوع من الذكاء السياسي والبراغماتي مع المرحلة. وقد قدمت تجربة توركيا نموذجا عمليا أيضا في هذا المنحى. نعم لم تتمكن إرادة المشاركة من فرض اختيارها السياسي الواضح وأعطت تشكيلة تفرض على الحزب الأول الخضوع لشروط باقي الفرقاء السياسيين لتشكيل الفريق الحكومي.
ومن خلال هذه المؤشرات يمكن القول أن التعبير السياسي الشعبي يتمحور حول عدة رسائل وجب على الحكومة الجديدة والحزب الذي يقودها أن يلتقطاها ويعملا على تحقيقها.
أولى تلك الرسائل تقول بأن الشعب يريد من الحكومة أن تجسد حكومة صناديق الاقتراع بالفعل وليس حكومة التعليمات، على اعتبار أن نتيجة الانتخابات أطلقت شرارة «ثورة صناديق الاقتراع» وهذه الثورة تحتاج إلى حكومة تقودها لا حكومة تخنقها.
ثاني تلك الرسائل تقول بأن الشعب يريد إسقاط الفساد والاستبداد، وهذا يتطلب من الحكومة أن لا تقع في فخ الوعود الرقمية، بل يريد إجراءات سياسية لا تحتاج ميزانيات مالية بقدر ما تحتاج إرادة وشجاعة سياسية هما رهان الحكومة الجديدة الحقيقية. وهذا يتطلب من الحكومة استكمال إجراءات الثقة التي بدأت قبل الاستفتاء الدستوري وذلك بفتح ملفات الفساد وملفات حقوق الإنسان بجرأة تستوعب كل المعنيين.
ثالث تلك الرسائل تقول بأن الشعب يريد حكومة عملية في حديثها عن التضامن، فيكون مطلوبا منها إجراءات في هذا الاتجاه لعل أكبرها أثرا هو إعلان سياسة تقشف لا تستهدف حرمان المواطنين من الخدمات الأساسية كما دأبت السياسات البائدة على ذلك، ولكن تقشف يبدأ بمراجعة الأجور الكبيرة بما فيها أجور الوزراء والبرلمانيين بصفتهم يمثلون الشعب وأول المتضامنين معه، وبمراجعة أوجه صرف ميزانيات الإدارات العمومية التي يكون من غير المقبول على الإطلاق أن نجد فيها مرة أخرى مسؤولا يصرف من مال الدولة غلافا شهريا لا يقل عن 5 آلاف درهم شهريا لشراء الشوكولاطة كما هو واقع اليوم! ومعلوم أن أموال الشعب يبذر منها الكثير في كماليات وسفريات وحفلات ... لا تبررها الوضعية الاجتماعية التي يعيشها المغرب.
رابع تلك الرسائل تقول بأن الشعب بتتويجه الحزب الإسلامي يريد تخليق الحياة العامة وتنقيتها من الفساد الإداري والمالي الذي ينخر جسدها، كما يريد مصالحة المجتمع مع قيمه الأصيلة في انفتاح كامل على الآخر.
وإذا اكتفينا بهذه الرسائل، نخلص إلى القول بأن عدم التقاطها والعمل على تنفيذها بالشكل الذي يعبئ الشعب سنكون قد ضيعنا آخر فرصة لانقاد العملية السياسية في المغرب و عرضنا الحزب الإسلامي بدوره لعمليات «التعرية السياسة» التي أفقدت كثيرا من الأحزاب شعبيتها ومصداقيتها و وضعنا المغرب فعلا على سكة المجهول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.