بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    اتحاد طنجة يفوز على نهضة بركان    مجلس الشيوخ الفرنسي يحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    أولمبيك الدشيرة يقسو على حسنية أكادير في ديربي سوس    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجينرال حميدو لعنيكري حربائي يتأقلم مع المسؤوليات
نشر في شعب بريس يوم 01 - 12 - 2010

تصدر عناصر القوات المساعدة لقتلى الأمن المغربي خلال أحداث العيون الأخيرة، أعاد جينرالا إلى دائرة الأضواء كان قد أبعد إلى الجنوب. إنه الجينرال دوديفيزيون حميدو لعنيكري، الذي نحي من المفتشية العامة للقوات المساعدة، وعين متفشا لها في المنطقة الجنوبية. جنرال كلما توارى عن الأنظار إلا وأعادته الأحداث إلى الواجهة.

فبعد أن ظل لعقود طويلة الرجل القوي في الجيش والمصالح الاستخباراتية، وبعد أن أدى مهمته "بإخلاص" على رأس المديرية العامة للدراسات والمستندات، ثم الإدارة العامة للأمن الوطني، اعتقد كثيرون أنه انتهى ذات يوم من شتنبر 2006، بعدما نحي من الإدارة العامة للأمن الوطني ليعين مفتشا عاما للقوات المساعدة لكن هذا الجندي، ذا الأعصاب الفولاذية، عرف كيف ينبعث من رماده. بعد أن جعل من القوات المساعدة جهازا جديدا يرجى منه الأفضل.

طموح جارف

على مستوى التجهيزات، لم يتردد الجينرال في توفير الوسائل الضرورية التي تتيح للقوات المساعدة امتلاك وسائل الاتصال والنقل الحديثة، دون نسيان المجهود الكبير المبذول على مستوى تحسين الرواتب المتدنية ل"المخازنية". كما انكب الجينرال على إعادة هيكلة قيادته العامة من خلال خلق مصلحة للاستعلامات على غرار تلك الموجودة في جهازي الشرطة والدرك.

إلا أنه أفرط في الحماس حينما كان مكلفا بمراقبة الحدود، مما أدى به إلى المبالغة في التصرف، فكلفه ذلك منصبه. فقد عمل على تمتيع نفسه باستقلالية تامة في القرار دونما مبالاة بالتراتبية الإدارية التي تفرض التبعية للسلطات الوصية، التي بدأت تشكو اتساع مجال المناورة الذي جعل منه رأسمالا يستمد منه قوته من خلال خلقه ولاءات جديدة داخل المؤسسة العسكرية.

مواقف الآخرين منه مختلفة. يكرهونه،أحيانا، ويغبطونه أحيانا أخرى. قد يخشونه تارة ولا يفهمونه تارات أخرى. لكن المؤكد هو أن الجينرال العنيكري لا يؤمن بأنصاف الأعمال. فكلما عهدت إليه بمسؤولية حساسة إلا وذهب فيها إلى منتهى الحدود. ولا غرابة في ذلك، لأنه عسكري، خريج مدرسة اهرمومو الأسطورية، يعرف كيف يواجه جميع المصاعب.

هوسه بالسلطة وحبه لاستقلالية الحركة واتخاذ القرار جرا عليه المشاكل وجعلا دوائر القرار العليا تدق جرس الإنذار خوفا من أن يتجاوز الرجل صلاحياته ويخلق وضعية خطيرة قد تتسبب في أوضاع كارثية.

لكن، من هو هذا الرجل الذي تنسج حول شخصيته الكثير من التهيؤات والاستيهامات؟ لعل الرأي العام اكتشفه عقب تعيينه على رأس الديستي سنة 1999، غير أن رصيده العسكري يحفل بإنجازات ومسؤوليات كثيرة. فعندما عين على رأس مصالح مكافحة التجسس، في 30 شتنبر 1999، كانت سلطة إدريس البصري أخذة في الأفول. حينها، كان الجينرال في أوج قوته وحيويته. وول مرة في حياته، سيجد نفسه يتحمل المسؤولية المباشرة بعدما ظل دائما في منطقة الظل.

فقد وفد الجينرال العنيكري إلى الديستي من عالم التجسس المحض، أي من جهاز لادجيد على عهد الجينرال عبد الحق القادري، الذي كان فيه لعنيكري الرجل الثاني منذ 1989.

ولما نودي عليه على استعجال من الإمارات العربية المتحدة، حيث قضى عشر سنوات لدى الشيخ زايد الذي اشتغل إلى جانبه ك"مستشار أمني"، اعتقد العنيكري أنه سيعاد تعيينه في الدرك الملكي، باعتباره جهازه الأصلي. لكن القدر كانت له كلمة أخرى. وهكذا عين في جهاز لادجيد بصفته المعاون الأول للجينرال عبد الحق القادري، وسرعان ما نال ثقة هذا الأخير.

عرف العنيكري برجل المهام الصعبة والمتخصص في مختلف الاتجاهات إسلامية. وفي تلك الفترة بالذات، أصبح لعنيكري هو المخاطب المفضل للمصالح الاستخباراتية الغربية وعلى رأسها وكالة الاستخبارات المركزية (سي أي أي). وخلال ذلك، استفاد من شبكة اتصالاته مع الأمريكيين للنجاح في مهمته على رأس الديستي.

تلميذ الأمريكيين

كان أول تعلمه مع الأمريكيين وطبقه حرفيا هو إعادة تنظيم العناصر العاملة معه من خلال تكليفهم بمهام أخرى أو خلق تخصصات جديدة. وقد استطاع لعنيكري استقطاب عدد من أصحاب الشهادات الشباب في مختلف التخصصات القانونية أو في العلوم الإنسانية ليعملوا لديه كمحللين والكثير من المهندسين الذين بعث بهم إلى الولايات المتحدة للتدريب على تقنيات مكافحة التجسس الحديثة. وذلك بالموازاة مع تجهيز مصالحه بوسائل الاتصال والتصنت المتطورة.

ولما كان الجينرال مناوئا متشددا مع الإسلاميين، سخر كل سلطاته على رأس الجهاز لمحاولة إقناع السلطات العليا بأن الخطر الذي يهدد المغرب هو خطر الإسلام السياسي والجهاديين والسلفيين. فأطلق حملته رسميا ضد السلفين في شهر يوليوز من عام 2002 ب"قضية يوسف فكري"، بعد أن قدم هذا "الشيخ" على أنه "أمير" جماعة متطرفة، بينما لم توجد هذه الجماعة إلا في سجلات الديستي. وبهذه الحيلة، نجح لعنيكري في أن يرسم شبح الإرهاب الإسلامي بالمغرب. وقد أسهمت الاعتقالات الكثيفة التي شنت على "السلفيين" في بداية سنة 2003، إلى حد ما، في تهييء المغاربة والرأي العام الدولي، لما حدث في انفجارات 16 ماي بالدار البيضاء، فيما كانت حملة الاعتقالات والأحكام السريعة بين الشباب الدعويين مثل أبي حفص وحسن الكتاني إشارة قوية من الرجل اقوي في الديستي، الذي أضحى هو منظر الرؤية الأمنية الجديدة في المغرب.

وجاء تفكيك "خلية نائمة" في شهر ماي 2002، وصفت بالخطيرة جدا، ليضع المغرب ضمن لائحة البلدان المستهدفة من القاعدة. لعنيكري أدعى أن ثلاثة سعوديين كانوا يخططون لعمليات إرهابية في مضيق جبل طارق ضد سفن أمريكية وبريطانية. ودائما، حسب لعنيكري، كان "رسل الموت الثلاثة" ينوون تحويل ساحة جامع الفنا بمراكش إلى "ساحة للشهداء"، إلا أنه خلال المحاكمة العجيبة لهؤلاء لم يتم تقديم أدنى دليل على اتهامات الشرطة.

هذه الاتهامات تلتها موجة من الاعتقالات في صفوف الأئمة الذين يدعون إلى العنف وفي صفوف تلاميذهم الناشطين في غابة "الخلايا النائمة". إلا أن الجينرال الذي لم يستطع الكشف القبلي عن الإشارات المنبئة بوقوع أحداث 16 ماي، سيصرح فيما بعد بأنه لم "يفاجأ بانفجارات الدار البيضاء".

بعدها، انطلقت حملة واسعة من الاعتقالات ضد جميع "الملتحين" في المملكة، وترتب عنها الكثير من التجاوزات، خاصة على مستوى حقوق المعتقلين. إذ كانت الاعتقالات الاعتباطية والحجز والتعذيب ترتكب بكل برودة باسم أمن الدولة. الأرقام الرسمية تفيد بأنه تمت إدانة ما يزيد عن2030 شخصا في إطار تبعات الهجمات الإرهابية ل16 ماي 2003، وصدرت أحكام بالإعدام في حق 17 شخصا. سياسة استئصال الإرهاب هاته أفادت لعنيكري في تعزيز علاقاته مع مصالح الاستخبارات الغربية.

مصادر مطلعة وتقارير صحافية قالت إنه سافر عدة مرات من تمارة إلى غوانتنامو للاستخبار حول بعض السجناء المغاربة المشتبه بهم المعتقلين في إطار الحملة التي قامت بها المصالح الأمنية الأمريكية بعيد أحداث 11 شتنبر 2001 بنيويورك واحتمال وجود علاقة بينهم وبين جهاديين داخل المملكة. المعروف أنه منذ تعيين لعنيكري على رأس الديستي سنة 1999، بلغ التعاون الأمني بين المغرب والولايات المنحدة مستويات مقلقة. فلا بد من القول بأن الجينرال كان "عميلا" منفذا لأوامر الأمريكيين الذين "ورطوا" المغرب في حربهم ضد الإرهاب. إذ أنه من خلال تفكيك "الخلايا النائمة" وترهيب المغاربة بنظرية شبح التهديدات الإرهابية، والتكلف باعتقال وتعذيب السجناء بالمغرب مكان للآخرين، كان لعنيكري يريد أن ينال استحسان الأمريكان مهما كلفه الأمر. أكثر من ذلك، نجح في تحويل المغرب إلى مطرح تنفذ فيه ال"سي إي إي" مهامها القذرة كما كان الشأن في قضية محمد بنيام، البريطاني، 27 سنة، الذي أكد لمنظمة العفو الدولية أنع اعتقل وعذب في المغرب لمدة 18 شهرا.

أيام الظل

ظل لعنيكري رجل الظل ذا شخصية لغز طيلة مساره المهني. يتحدر من أسرة بسيطة في مكناس. تخرج من مدرسة اهرمومو مع بداية الاستقلال، قبل أن يلتحق بالأكاديمية العسكرية بمكناس، التي تخرج منها برتبة ملازم. وبفضل الجينرال ادريس بن عمر تمكن حميدو لعنيكري من الالتحاق بالدرك الملكي، الذي برز فيه بشكل كبير. بين طنجة والدار البيضاء مرورا بوجدة والقنيطرة، شهد لعنيكري جل أحداث الكبرى التي شهدها تاريخ المغرب المعاصر، كما أنه كان ن أول الشهود على المحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين ضد الملك الحسن الثاني سنة 1971 و1972. بالنسبة لانقلاب الأول (الصخيرات)، حضر لعنيكري التحقيقات التي أجريت مع عدد من المتهمين.

وبالنسبة للثاني الذي استهدفت فيه طائرة بوينغ الملكية، كان حاضرا إلى جانب الجينرال الحاج عبد السلام النكرة عندما تلقى الأخير التعليمات بمحاصرة القاعدة الجوية بالقنيطرة لتوقيف كل ما يتحرك بداخلها.

في السنة الموالية، 1973، وجد نفسه في خضم أحداث مولاي بوعزة تحت أوامر الكولونيك حمو أرزاز، صهر الجنرالين الدليمي والصفريوي. طموحه وصرامته في العمل أثارا إعجاب الحسن الثاني، الذي وضعه تحت جناح حسني بنسليمان، الذي كان عين للتو قائدا للدرك الملكي. وبعد المسيرة الخضراء، سنة 1975، بعث بنسليمان لعنيركي إلى الخارج لاستكمال تكوينه قبل أن يعهد إليه بسمؤولية القيادة العامة للدرك بالدار البيضاء بعد عودته سنة 1977.
وعندما أراد الغرب، في السنة نفسها، التدخل في الزايير إلى جانب موبوتو سيسيسيكو في حرب كاطانغا ضد الثوار الأنغوليين الموالين للسوفيات، بعث المغرب بتجريدة عسكرية ضمت حميدو لعنيكري. فأمضى هناك سنتين ترك خلالهما صدى إيجابيا كجندي شجاع وذكي يتمتع بأعصاب من حديد وطموحا لا حدود له. وحتى قبل أن يستريح من سفره الإفريقي سنة 1979، فتح له الحسن الثاني أبواب المجد. حينها كانت الثورة الإسلامية الإيرانية تخيف مملكات الخليج البترولية وكان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس الإمارات العربية المتحدة في حاجة ماسة لمستشار عسكري، فاقترح عليه الحسن الثاني حميدو لعنيكري كرجل ثقة يفي بالغرض.

هذه التجربة، التي استمرت 10 سنوات كاملة, مكنته من توسيع دائرة اتصالاته و معارفه, ومن تضخيم حسابه البنكي بما يضمن له الاستقلال المادي لعقود من الزمن ومكنته ,خاصة, من تقوية علاقاته الدبلوماسية ولياقة التعامل على أعلى مستوى بعيدا عن الصرامة المعروف بها السلوك العسكري. وبذلك اجتمعت بين يديه شروط العمل الاستعلاماتي من خلال الجمع بين الدبلوماسية والتكوين العسكري.

أصبح سنة 1989 الرجل الثاني في جهاز الدجيد, وضل لمدة قاربت ال10 سنوات المحرك الحقيقي لهذه المصلحة الإستراتيجية الحساسة التي سيخبر دواليبها ليصبح العقل المدبر فيها ويكسب, نهائيا , ود ورضا الجنرال القادري بعدما جعل منه الأخير رجله المفضل. وهو ما جعله يصبح الرجل امناسب في المكان المناسب مع أفول نجم ادريس البصري سنة 1999 ويرث مصلحة مكافحة التجسس التي كان يقبض عليها البصري بيد من حديد.
وبعد فترة قضاها هناك، عين في 18 يوليوز 2003 على رأس الإدارة العامة للأمن الوطني بعد أن أوصى بتعيين صديقه أحمد حراري، خلفا له، وهو ما حدث.

بداية النهاية

انسجم لعنيكري بسرعة مع سيرورة العمل داخل الإدارة العامة للأمن الوطني واتخذ عددا من التدابير الجديدة، أولها أنه بادر إلى اقتباس ما تعلمه من الأمريكيين وحاول تطبيقه في الديستي. كانت هذه القرارات البداية الحقيقية لانحداره.

أول رسالة يمكن قراءتها من وراء سياسته الجديدة هي أن الشرطة تغيرت وأن دورها هو حماية المواطن. يتعلق الأمر بشعار مستوحى حرفيا من شرطة نيويورك يقول: "To serve and to protect" (الشرطة لخدمة وحماية المواطن). فأطلق المجموعات الحضرية للأمن، ومراكز القرب والوحدات المتنقلة. كما خلق جهازا مركزيا لمكافحة المخدرات. إلا أن التجاوزات البوليسية تعددت عبر تراب المملكة على عهد لعنيكري، وتأكد فشل المجموعات الحضرية للأمن، بل إن تدخلاتها حينما كانت تجوب شوارع المدن، التي انتشرت بها، في مواكب فرجوية، كانت قاتلة أحيانا. وسواء في مقتل مواطنين،كما كان الشأن في حالة حمدي لمباركي، 24 سنة، الذي توفي في شهر أ:توبر 2005 بالعيون على إثر إصابة في الرأس تسببت في نزيف قاتل بالدماغ. كما تعرض لضربة عنيفة بالعصا من أ؛د رجال الأمن التابعين لهه المجموعات.

توارى لعنيكري عن الأنظار ولم يعد يظهر إلى جانب المسؤولين المقربين من الدوائر العليا، ليعفى من منصبه الأمني في 13 شتنبر 2006 ويعين مفتشا عاما للقوات المساعدة. وهو المنصب الذي أحدث خصيصا على مقاس هذا الجنرال الاستثنائي. بعد ذلك، توالت أنباء عن اعتقالات وتوقيفات في صفوف المقربين منه. كعبد العزيز إيزو، المسؤول الأسبق عن أمن القصور الملكية ووالي أمن طنجة السابق، الذي أوقف على خلفية قضية مخدرات وعلاقته بأحد الأباطرة الكبار، ثم محمد عبدون، أحد معاونيه الكبار في الإدارة العامة بدون سابق إشعار. كما تم إعفاء الجينرال محمد بلبشير دون أن يثير هذا الإعفاء أي ضجيج، علما بأنه كان مسؤولا عن المكتب الخامس للقوات المسلحة الملكية وأكثر المقربين من لعنيكري.

الحرباء

مثلما ينبعث الفينيق دائما من رماده حسب الميثولوجيا اليونانية، يبدو أن الجنرال دو ديفيزيون حميدو لعنيكري الذي كلف بالمنطقة الجنوبية بعد أن أبعد عن المفتشية العامة للقوات المساعدة ينبعث من جديد. هناك، يشرف على تسيير أزيد من 20 ألف رجل وتتكون أساسا (زيادة على المخزن الإداري وحراس بلديات وعمالات وأقاليم في المنطقة الجنوبية للمملكة) من عدة وحدات متحركة مسلحة ببنادق من نوع (Mas 36) و(AK47) ورشاشات "FN MAG"، وتنتقل على آليات مدرعة من صنف UR 416 و Panhard AML 60، تشكل هذه الوحدات، المتخصصة في التدخل العسكري الدفاعي، مبعث فخر للعنيكري، وهي ترابط في الوقت الراهن على امتداد الجدار الأمني بالصحراء على طول آلاف الكيلومترات.

يجب ألا ننسى كذلك أن القوات المساعدة تظل أحد الأسلحة الستة للمملكة، وتكتسي نفس الأهمية الاستراتيجية تماما مثل الدرك الملكي والقوات الجوية والبحرية الملكية والمشاة والحرس الملكي.

كما أن هذا "الجيش المصغر" ينجز في أزمنة السلم بعض مهام الشرطة ويصبح في أوقات الأزمة دعامة وسندا للقوات المسلحة الملكية. لقد انطلق لعنيكري من جديد.

محطات

- 1939: ولادته بمكناس
- 1972: يطوق القاعدة الجوية بالقنيطرة تحت إمرة الجنرال الحاج عبد السلام
- 1977: حرب كاتانغا بالوايير
- 1979: المستشار الأمني للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
- 1989: الرجل الثاني في "لادجيد"
- 1999: عين على رأس المديرية العامة للدراسات والمستندات و"الحرب ضد الإسلاميين"
- 2003: عين مديرا عاما للأمن الوطني
- 2006: عين مفتشا عاما للقوات المساعدة
- 2009: مفتشا عاما للقوات المساعدة بالمنطقة الجنوبية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.