عرفت السنوات الأخيرة، تسارعا غير مسبوق،للأحداث الدولية الخطيرة .بدئا بالحرب الروسية الأوكرانية ، مرورا بطوفان الأقصى ،وحرب الإبادة الجماعية الصهيونية على اهل غزة ،والقصف المتكرر للبنان واغتيال قادة حزب الله ،وصولا إلى المناوشات العسكرية بين الهند و باكستان،وتصاعد التوتر بين الصين وتايوان ،و انتهائا بالحرب المباشرة بالصواريخ والطائرات المسيرة بين الكيان الصهيوني وإيران ، والهجوم الأمريكي على المواقع النووية الإيرانية. فهذا الصراع الحربي الأخير بين جيشين (أحلى هما سم) ،الاول وهو من ألد أعداء شعوب الشرق الأوسط ،وأصبح جليا للعالم أنه مجرم حرب ومتورط في إبادة جماعية ويعتبر حقه الوجودي مقدسا، ولو على حساب حياة وأمن الشعوب الأخرى.والثاني لا يقل جشعا وطمعا في المنطقة العربية ومتورط في التحالف مع الولاياتالمتحدةالأمريكية،لإسقاط النظام العراقي الوطني والقومي، والتسبب في فوضى وكوارث لم يسبق لها نظير. و نظام وإن كان يعتبر "مسلما "،فإنه يحتل الأحواز العربية ولا يخفي طمعه في احتلال جزر تنتمي إلى دول خليجية عربية ويعبر عن حساسية مفرطة (إن لم نقل عدائيا) لأهل السنة الذين يشكلون غالبية السكان من جاكارتا إلى مراكش. الحرب الاسرائيلية الإيرانية الدائرة رحاها الآن ،يمكن قرائة تداعياتها من خلال ثلاثة سيناريوهات: أولا، إذا استمرت هذه الحرب وتدخلت أمريكا،فإن الصين وروسيا لن تقفا مكتوفة الأيدي،وفي هذه الحالة سيبلغ الصراع أوج خطورته على العالم أجمع ،فإما الدمار العالمي الشامل أو مفاوضات عالمية تفضي إلى مؤتمر عالمي لسن قوانين دولية جديدة وحل النزاعات الاقليمية والاعتراف بالأمر الواقع وهو عالم متعدد الأقطاب،يحقق التوازن ويضمن السلام الدائم. ثانيا ، أن تستوعب أمريكا الخطر الكارثي وتتراجع عن قرار التدخل لضرب إيران ،وهنا ستصبح إيران قوة أكثر من إقليمية، وتصبح المنطقة العربية أكثر ضعفا بوجود تهديدين على أبوابها . ثالثا، أن تتوقف الهجمات ،من الطرفين بين عشية وضحاها، ويستمر الغموض والتكتم ويفتح الأبواب على المجهول. وفي حالة سقوط نظام الملالي في إيران ، بصراع داخلي وهجوم خارجي، ستعرف المنطقة فوضى لا حدود لها وفتح جبهات متعددة وإرهاب وعدم الاستقرار مما يتولد عنه أزمات اقتصادية على المستوى العالمي. يبقى على المنطقة العربية السنية بكل مكوناتها الدينية (الاسلامية) والليبرالية والتقدمي والوطنية والقومية ،أن تعيد النظر في كل رصيدها الفكري والسلوكي والمنهجي ،والابتعاد عن الشعارات الوهمية والقناعات العاطفية، لتكون في مستوى تحديات العصر ،إذا أرادت أن تستمر في الوجود. فمنطق التاريخ يقول أن كل الامم التي أنعمت بحضارة ،قادرة على أن تعود إلى الصدارة ،إذا ما أعادت النظر أساب إخفاقاتها وغيرت نظرتها ومناهجها وأساليبها.