درك الزمامرة يوقف مغتصب سيدة أرملة في ظرف وجيز    تعثر مشروع بناء ثانوية تأهيلية بجماعة اولاد حمدان لأزيد من 4 سنوات يثير غضب والي الجهة        استفادة مطار الحسيمة من رحلات "رايان إير" الداخلية.. وزير النقل يكشف التفاصيل    في افتتاح جامعة شباب الأحرار بأكادير.. أوجار يرد بثلاث رسائل قوية على خصوم حزبه    أكادير.. انطلاق أشغال الدورة الخامسة للجامعة الصيفية لشبيبة الأحرار    أخنوش يقول إنه جعل المغرب أول دولة اجتماعية في القارة الإفريقية ويُهاجم بنكيران: "أنت مؤشر للفشل السياسي"    الوداد لتصحيح المسار أمام "الماط" و"الماص" لتأكيد انطلاقته الناجحة    اعتقال شبان نواحي اقليم الحسيمة كانوا في طريقهم للهجرة إلى سبتة        حمضي: تسجيل أول إصابة بجدري القردة في المغرب ليس مفاجئا    طقس السبت.. أجواء حارة نسبيا بعدد من الجهات    نجم المباراة ..الزلزولي يسجل أول أهدافه بالليغا ويقود ريال بيتيس لهزم ليغانيس    المداخيل الجمركية الصافية بلغت أزيد من 60 مليار درهم خلال أشهر    البقالي يفشل في التتويج بالدوري الماسي    أسود الأطلس يخوضون منافسات كأس العالم لكرة الصالات برهان تحقيق إنجاز تاريخي    "ولد عايشة" يقضي فترة إضافية تحت الحراسة النظرية بسبب قضية الكوكايين    سكوري: الحكومة أبانت عن مرونة كبيرة في مشروع قانون الإضراب    جهة طنجة تحافظ على مكانتها كثالث أهم جهة اقتصادية بالمغرب خلال سنة 2022    المغرب يسجيل أربع إصابات جديدة ب "كوفيد- 19"    جدري القردة يؤجل "مؤتمر الصحة" بالمغرب    عشرات الوقفات الاحتجاجية بعدة مدن مغربية تنديدا بالمجازر المتواصلة في غزة ورفضا للتطبيع    منظمة الصحة العالمية توافق على أول لقاح ضد جدري القردة    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    أمن طنجة يوقف شخصين ويحجز 352 كلغ من المعسل المهرب بسيارة تحمل ترقيما مزورا    إصابة رئيس جزر القمر بجروح طفيفة في هجوم بالسلاح الأبيض    دار الشباب الراشدي العرائش سنة من الإصلاح تقريبا    استيتو والراشدي يصدران رواية مشتركة تعالج تيمة الذكاء الاصطناعي    مصرع شخصين اثر سقوط سيارة في منحدر سحيق نواحي شفشاون (صور)    انتخاب عادل هالا رئيسا جديدا للرجاء الرياضي    الإصابة تُبعد زياش عن الملاعب.. غلطة سراي يكشف التفاصيل    هذا المساء في برنامج "مدارات": تأملات في السيرة الادبية للشاعر المغربي عبدالكريم الطبال            'حب بلا توبة' (قصة أدبية قصيرة)    ارتفاع أسعار النفط بفعل تأثيرات إعصار "فرنسين" على الإنتاج الأمريكي    جدري القردة يفتك ب 107 شخص في أسبوع    "شات جي بي تي" يصل إلى مستويات متقدمة من التطور    تأجيل محاكمة 7 أفراد من الطاقم الطبي لمارادونا متهمين بالإهمال المسبب للوفاة    السلطات الألمانية توقف شابا سوريا بتهمة التخطيط لهجوم على جنود في بافاريا                الهولندي ديباي لاعب كورنثيانز يتوقع انضمام نجوم الكرة الأوروبية للدوري البرازيلي    علماء روس يطورون منتجا محفزا لنمو النباتات يزيد الإنتاج بنسبة 50 بالمئة    هل سيحصل المغرب على عضوية دائمة فى مجلس الأمن؟    كيوسك الجمعة | دول الاتحاد الأوروبي منحت أكثر من 179 ألف إقامة للمغاربة في 2023    نصائح لكيفية ممارسة اليوغا في المنزل باستمتاع    السويد تمنح 34 ألف دولار للمهاجرين مقابل العودة طواعية إلى بلدانهم    الصناعة التحويلية.. ارتفاع الرقم الاستدلالي للإنتاج بنسبة 5,8 في المائة    مسيرة حاشدة في طنجة تضامنا مع غزة ودعما للمقاومة    توقيع اتفاقية شراكة بين جميعة الأعمال الاجتماعية للمسنين و المتقاعدين بالقصر الكبير والصندوق المغربي للتقاعد    قصيدة البردة للبوصيري..    نبوية موسى    أرضية العمل الثقافي بالقصر الكبير    السعودية تعلن بدء التخطيط الزمني لموسم الحج المقبل    الزاوية الكركرية توصل الدفعة الثالثة من المساعدات إلى غزة    دعوى قضائية ضد الحكومة تطالب بتخصيص يوم للاحتفال بالأب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الضيافة عند المغاربة .. عندما يصبح الكرم أسير ميزانية الأسر !

عرف العرب منذ الأزل بالكرم الذي يعتبر من الصفات العريقة التي كانت دليل الرفعة والفخار والمجد وعلو الهمم، فمازال « حاتم الطائي » يعد رمزا للجود والسخاء ومضربا للمثل، وكان «كرم الضيافة» واجبا توارثته الأجيال عن الأجداد وظل الضيف سيدا في بيت مضيفه، الى أن عصفت الأزمة المادية بالبيوت، فأصبح إسم «ضيف» هاجسا مخيفا تستنفر له الأنفس قبل الجيوب، لأنه بكل بساطة «يبتلع المدخرات» أو «يأخذ مصروف الأسبوع»!
لمعرفة مدى تأثير الأزمة الإقتصادية على كرم الضيافة المغربية، تحدثنا الى مواطنين من مختلف الأعمار بهدف إطلاع القارئ على آرائهم بهذا الخصوص.
الجود بالموجود
لا يختلف إثنان على أن المغربي كريم بطبعه وحنون أيضا، وهاتان الصفتان المتلازمتان تجعلناه يقف حائرا أمام الزائر أو الضيف الذي يطرق بابه لساعات أو لأيام، حيث يضطر للإستدانة لإتمام عملية «الكرم» التي أصبحت تخضع للمعيار المادي، خصوصا إذا كان المضيف صاحب دخل متوسط، فبعملية حسابية بسيطة جدا، نجد أن غداء الضيافة يكلف 200 درهم إذا كانت الوجبة الرئيسية بقاعدة كلغ لحم غنم أو لحم بقر ( طبعا كيلو واحد + سلطة + فاكهة ومشروب غازي أو عصير وخبز)، وإذا اختار المضيف توسيع الدائرة وأضاف «الحساء» أو «الشوربة»، فإنه يضطر لإضافة 50 درهما أخرى، طبعا دون إغفال «حبات الحلويات» التي ترافق صينية القهوة، هذه الأخيرة غدت ملجأ الكثير من الأشخاص كونها الوجبة الوحيدة الأقل تكلفة.
شهادات حية
تقول السيدة (ع.ب ) : « يمكن أن أقول إني مخضرمة في هذا المجال، فقد عشت أيام الرفاه في سنوات خلت، والشدة خلال هذه الفترة، ورغم أنني أعمل وأساعد زوجي في مصاريف البيت، إلا أنني أشعر بهذا التغير الذي فرض نفسه على العقلية المغربية، فبعدما كنا في وقت غير بعيد ننتظر قدوم الضيف بفرح وسرور، أصبحنا نحسب ألف حساب لتلك الزيارة التي نتمنى في قرارة أنفسنا أن تكون خفيفة حتى لا تثقل كاهلنا، لكن كل هذا لم يؤثر بالنسبة لي على صورة المقابلة والإكرام في حد ذاته، بحيث أقتطع من مصروف البيت وأحرم أبنائي من بعض الأشياء لأكون جاهزة لمقابلة ضيفي وإكرامه ،لأن هذا واجب بالنسبة لي، وأظن أن ميزانية أسبوع كافية لتحمير الوجه».
نقاطعها :« وكيف يكون تصرفك في حالة عدم توفر أوراق نقدية للقيام بالمهمة؟، فتقول: «حدث هذا معي مرتين وقمت بالإستدانة من زميلة لي في العمل، المهم أني قمت بالواجب، زد على هذا فإن ما يقوله الضيف بعد الخروج من منزلي هام جدا بالنسبة لي».
أما الحاجة «رقية» المرأة البسيطة المتواضعة، فترى أن فتح الباب لاستقبال الضيف مع الابتسامة في وجهه بصدق وإخلاص هما أكبر ما يمكن أن يكرم به الضيف في هذا الزمان الذي يعرف فتورا في العلاقات الاجتماعية، وتقول: «أنا شخصيا لا أتضايق من أي ضيف يطرق بابي ولا أهتم أبدا بالوقت الذي جاء فيه، لأني سأكون بسيطة في التعامل معه، ولن أكلف نفسي فوق طاقتها وأعمل بالمثل القائل: «الجود بالموجود»، فلطالما قمت بتحضير وجبات بسيطة وقدمتها لضيوفي مع القهوة وسط اجواء تطبعها المحبة والود، أما الفطور أو العشاء فيكون وفق ما يوجد بالثلاجة، أو المعروف الموجود في الخزانة، فإذا استطعت شراء اللحم وطبخت أكلا لذيذا فلن أتوانى، وإذا لم أستطع اكتفيت بطبق كسكسي بالخضار ، وهذا ما فعلته دوما في حياتي».
من جهتها، السيدة (ن.م)، المدرِّسة، ترى أن الوضع المادي الصعب الذي تمر به العائلات المغربية أفقدها بعض خصائص «الكرم» ، مثل اختيار الأفضل وتقديمه مرفوقا بالابتسامة دون تأفف أو قلق، وكذا عدم السؤال عن مدة الإقامة، حيث كان الضيف في وقت غير بعيد لا يسأل عن مدة إقامته ويترك «حرًّا» ملكا في فضاء الكرم، أما حاليًا فبمجرد مشاهدة الحقائب يُطرح السؤال : «كم تنوي الإقامة؟»، إلا أن هذا لم يمحُ الواجب، وتقول: «أنا شخصيا أراعي الكثير من الأمور عند زيارتي لأي شخص، حيث أختار مابعد الظهيرة لتفادي إحراج تقديم الفطور، وإذا كانت العائلة المضيفة فقيرة وأنا أدرك وضعها المادي آخذ لوازم القهوة معي، وغالبا ما أتحجّج بالصيام، خصوصا في أيام شوال» وتضيف محدثتنا قائلة: «أنا أيضا أفضل أن يراعي ضيفي مثل هذه الامور، لكن أهلا وسهلا به لأن كرم الضيافة واجب وقد أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بضرورة إكرام الضيف».
ويرى السيد علي، 50 سنة، رب أسرة، أن كرم الضيافة يسري في دمه وأنه مستعد للتضحية بقوت أولاده مقابل ابتسامة ضيفه، لأنه زائر عابر، أما عائلته فستقدّر الظروف، كما يولي أهمية كبيرة لما سيقوله ذلك الضيف للأهل والأصدقاء، ويقول: «أنا من بيئة ريفية تهتم بهذا الجانب كثيرا، ورغم أن الحياة في الريف والمدينة مختلفة، نظرا للغلاء الفاحش، إلا أن الضيف يبقى ملكا، لهذا أفعل كل ما في وسعي لاستضافته بطريقة تفرحه وتجعله في راحة نفسية تامة حتى لو كلفني ذلك مصروف البيت والأولاد. صراحة يهمّني كثيرا ما يقال عني في هذا الأمر بالذات».
من جهتها، السيدة (ح.ا) وزوجها يفضلان عدم طرق الضيوف لبابهما حتى لو كان هذا الضيف من المقربين، لأن الغلاء أفقرهما صفة الكرم حسب تعبيرهما وأن الأمر لم يعد مجرد «أنفة ورَجلة»، بل ميزانية يحسب لها ألف حساب .
يقول ياسين: «اخلاص لقد قضى الغلاء والفقر على الصفات التي كانت جزءا من أصالتنا، فقد كان مَقدم ضيف بالنسبة لنا في السابق حدثا سعيدا، لكن الآن أصبح هاجسا وقلقا وحرجا أيضا، فكثيرا ما يتعذر عليّ تقديم فنجان قهوة ساخن وأرفض شرح ظروفي للجميع، لكن ذلك الشخص سيظن أنني بخيل أرفض إكرامه، ومع هذا أستلف من الجيران أحيانا، لكن الله غالب، الوقت صعيب»، تقاطعه زوجته: «لم نكن هكذا في السابق، فحتى الضيف كان بسيطا غير مكلف، لكن الآن إذا لم تكرمه بما يرضي نفسه خرج من بيتك والحسرة تمزقه ويسمع الناس بأنك قصّرت في حقه وأنك بخيل ولا تفهم في الأصول، دون مراعاة وضعك المادي».
كرم و غلاء
إذا كان الكثير من الأشخاص يحرصون على إتمام الواجب رغم الازمة وضعف القدرة المادية، فإن هناك من أرهقته الظروف لدرجة أصبح يرى أن الضيف القادم قد أضحى عبئا ثقيلا عليه وحبذا لو يتراجع عن قراره ويعود أدراجه لأن الظروف المادية لا تسمح بالقيام بالواجب و«الهدرة ما ترحمش»، وفي هذا الصدد تقول السيدة (ز د): «صعب جدا أن تبتسم بصفاء وصدق في وجه الضيف وإن كان شخصا عزيزا وسط محيط تطبعه البطالة، فأنا شخصيا لديّ أربعة أبناء، إثنان منهم بدون عمل، أما الآخران فلا يزالان في مقاعد الدراسة، وكل مصاريف البيت يتحملها الزوج مقابل دخل لايتعدى 3000 درهم، نقتطع منها مصاريف الأكل والعلاج والكراء والكهرباء واللباس طبعا، فماذا سيتبقى منها للتعبير عن الكرم او الفرحة بالشخص القادم، طبعا هنا سيضطر الشخص المضيف للنفاق، كونه يعتصر من الداخل ويبتسم في الظاهر، وأنا شخصيا أفضل الضيف الخفيف الظريف، فلا بأس من تقديم شيء بسيط غير مكلف، لأن التفكير في «الجود» سيعود سلبا على ميزانية البيت ومنه تدهور الوضع المادي».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.