وفد قضائي وطني رفيع يزور جماعة الطاح بطرفاية تخليداً للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء واستحضاراً للموقع التاريخي للملك الراحل الحسن الثاني    مؤسسة طنجة الكبرى: معرض الطوابع البريدية يؤرخ لملحمة المسيرة الخضراء    هنا المغرب    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة إلى النهائي بعد تجاوز المنتخب السعودي في نصف النهاية    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    حماس تدعو الوسطاء لإيجاد حل لمقاتليها العالقين في رفح وتؤكد أنهم "لن يستسلموا لإسرائيل"    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة الإرهاب كانت الحدث بفرنسا سنة 2015
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 31 - 12 - 2015

عاشت فرنسا هذه السنة على إيقاع الأحداث الإرهابية ،بل إن باريس شهدت عملية دموية لم يسبق أن شهدت لها مثيلا منذ نهاية الحرب الكبرى في القرن الماضي، وهي عملية مست عدة مواقع خلفت أكثر من 130 قتيلا وعددا كبيرا من الجرحى تجاوز 200 ضحية.
هذه الهجمات الإرهابية جعلت الأجهزة الفرنسية في وضعية صعبة أمام تطور ظاهرة الإرهاب التي أصبح ينفذها شباب أوربيون بعد مرورهم بمراكز التدريب التي تؤطرها داعش بسوريا والعراق،فالعدد المتصاعد للشباب الذي التحق بهذا التنظيم يضع باريس في تحد كبير، كما أن رجوع هؤلاء يشكل تهديدا كبيرا للأمن بفرنسا. و برز هذا التحدي بشكل خاص خلال السنة الحالية من خلال عدد المحاولات الإرهابية التي تم إفشالها والتي مست كل القطاعات
عاشت فرنسا هذه السنة على إيقاع الأحداث الإرهابية ،بل إن باريس شهدت عملية دموية لم يسبق أن شهدت لها مثيلا منذ نهاية الحرب الكبرى في القرن الماضي، وهي عملية مست عدة مواقع خلفت أكثر من 130 قتيلا وعددا كبيرا من الجرحى تجاوز 200 ضحية.
هذه الهجمات الإرهابية جعلت الأجهزة الفرنسية في وضعية صعبة أمام تطور ظاهرة الإرهاب التي أصبح ينفذها شباب أوربيون بعد مرورهم بمراكز التدريب التي تؤطرها داعش بسوريا والعراق،فالعدد المتصاعد للشباب الذي التحق بهذا التنظيم يضع باريس في تحد كبير، كما أن رجوع هؤلاء يشكل تهديدا كبيرا للأمن بفرنسا. و برز هذا التحدي بشكل خاص خلال السنة الحالية من خلال عدد المحاولات الإرهابية التي تم إفشالها والتي مست كل القطاعات من النقل عبر القطار إلى المواقع الصناعية وفضاءات العبادة، وهي أهداف استهدفها تنظيم داعش من أجل إشعال حرب أهلية بباريس بين الفرنسيين المسلمين وغير المسلمين. هذا المخطط نجح جزئيا من خلال تزايد كراهية الإسلام بفرنسا وارتفاع عدد الأعمال العنصرية ضد المسلمين وأماكن عبادتهم، وأيضا سياسيا من خلال ارتفاع عدد الفرنسيين الذين صوتوا لحزب عنصري وهو الجبهة الوطنية، حيث بلغ عددهم في الانتخابات الجهوية الأخيرة 6 ملايين ناخب وهو رقم لم يسبق لهذا الحزب أن حققه سابقا، بالإضافة إلى تزايد عدد الصحفيين والمثقفين بفرنسا الذين أصبحوا يهاجمون بشكل مباشر وفي مختلف وسائل الإعلام، الأقلية المسلمة ويحملونها مسؤولية كل ما يقع بمنطقة الشرق الأوسط بل هناك من لا يتردد في اعتبارها خطرا داخليا أو طابورا سادسا وهو ما سبق أن صرح به كريستيون استروزي نائب وعمدة مدينة نيس، وأحد قياديي حزب الجمهوريين، هذه الظاهرة تعكس انتشار كراهية الإسلام والأجانب حتى وسط الأحزاب الكلاسيكية و هو الشيء الذي يجسده مشروع القانون الدستوري الذي يتيح إسقاط الجنسية عن الأجانب المتهمين بالإرهاب، هذا القانون الذي إذا تم التصويت عليه سيضرب في العمق مبدأ المساواة بين الفرنسيين الذي يكفله الدستور، وهو قانون اقترحه اليمين المتطرف قبل أن يتبناه رئيس الجمهورية الاشتراكي والأغلبية اليسارية بالإضافة إلى المعارضة ،إثر العمليات الإرهابية الأخيرة التي شهد تها فرنسا وكذا حالة الحرب التي تعيشها.
غير أن مواجهة الإرهاب قربت أكثر بين المغرب وفرنسا، هذه العلاقات عاشت هذه السنة على إيقاع التعاون في جميع المجالات الاقتصادية و السياسية وتجاوز ازمة سنة 2014 من خلال تعدد اللقاءات على أعلى المستويات، كما أن التعاون الأمني والقضائي بين البلدين كان متميزا وفعالا، ومكّن من تجنيب فرنسا ضربات جديدة خاصة في شهر نونبر بعد هجمات باريس، وإحباط عمليات أخرى ل» اباعود» ومجموعته التي كانت تختبئ بحي سان دوني في الضاحية الشمالية لباريس.
2015 سنة الإرهاب
الدموي بفرنسا
وإذا عدنا إلى أهم الأحداث التي ميزت فرنسا هذه السنة فلا بد من ذكر أولى العمليات الإرهابية التي استهدفت أسبوعية شارلي ايبدو الساخرة في السابع من يناير، من طرف الإخوة كواشي، بالإضافة إلى هجوم اميدي كوليبالي على متجر يرتاده معتنقو الديانة اليهودية وقتله لإحدى الشرطيات بحي مونروج بباريس، هذه الأحداث خلفت 17 قتيلا، وكانت هذه العمليات بمثابة صدمة للفرنسيين، لأنها استهدفت حرية الصحافة ونفذت من طرف شباب فرنسي و تبناها تنظيم داعش بسوريا والعراق.
عاشت فرنسا طوال هذه السنة على وقع محاربة الإرهاب وتفكيك الشبكات الإرهابية فبعد العملية ضد شارلي ايبدو ، تم تنفيذ هجوم بالسلاح الأبيض من طرف موسى كوليبالي على جنود يحرسون كنيس يهودي في 3 فبراير وخلف الحادث جروحا وسط الجنود دون تسجيل قتلى، في 19 أبريل قام طالب جزائري يدعى سيد احمد غلام بقتل مواطنة فرنسية واعترف أنه كان يريد الهجوم على كنيس مسيحي وتم حجز عدد من الأسلحة بحوزته.
في 26 يونيو عملية إرهابية أخرى قام بها شخص يسمى ياسين صالحي، فبعد أن قطع رأس مشغله حاول تفجير مصنع لصنع الغاز لكن تم افشال عمليته.
في 21 غشت بالقطار طاليس الرابط بين أمستردام وباريس حاول أيوب الخزاني الذي كان بحوزته سلاح كلاشينكوف، سكين ومسدس ،القيام بعملية على متن القطار إلا أن الركاب تمكنوا من إلقاء القبض عليه، بعد أن أصيب ثلاثة أشخاص في الهجوم.
وقبل نهاية هذه السنة بفترة وجيزة، تمت عدة عمليات إرهابية منسقة بباريس مرة أخرى وكانت هي الأعنف بفرنسا و استهدفت قاعة البتكلون ،وعددا من المقاهي والمطاعم، وهو ما خلف اكثر 130 ضحية وأكثر من 200 جريح وهذه العملية كانت من توقيع الدولة الإسلامية.
وكل هذه الجماعات الإرهابية التي استهدفت فرنسا تبنتها داعش رغم أن فرنسا كان لها موقف حازم من النظام السوري، وعملت على المساعدة من أجل تغييره واعتبرت بشار زعيم النظام شخص لا يمكن ان يكون جزءا من الحل.
هذا الهجوم الإرهابي الاستثنائي والدموي الذي تعرضت له فرنسا دفع فرنسوا هولند إلى إعلان حالة الحرب وحالة الاستثناء بفرنسا. وشكلت هذه العمليات صدمة كبيرة للفرنسيين. كما كانت لها نتائج جد سلبية على المهاجرين بصفة عامة وعلى المسلمين خاصة. فقد تم تسجيل ارتفاع كبيرا للعمليات المعادية للإسلام والمسلمين وأماكن عبادتهم أي ارتفاع نسبة الاسلاموفوبيا بفرنسا بشكل لم يسبق له مثيل. بل إن العمليات الأخيرة دفعت الرئيس الفرنسي فرنسوا هولند وهو رئيس اشتراكي، إلى تبني بعض أفكار اليمين المتطرف كإسقاط الجنسية عن كل متورط في الإرهاب، وهو سلوك تمييزي في معاقبة المتهمين بالإرهاب إذا كانوا من أصول أروبية وأصول غير أوربية.
هذا بالإضافة الى تجاوزات كثيرة شابت عمليات المداهمة التي تقوم بها الشرطة والإدارة حسب الجمعيات الحقوقية الفرنسية، والتي لاحظت أن العديد من هذه المداهمات وعمليات التفتيش ليس لها أي أساس إلا استهداف اشخاص من أصول اجنبية.
فرنسا خلال هذه السنة عاشت على وقع الإرهاب ومحاربة الإرهاب والرفع من ميزانية الأمن، هذا بالإضافة الى عدم قدرة هذا البلد على الخروج من وقع الازمة واستمرار ارتفاع البطالة، وخلال الاستحقاق الانتخابي الذي شهدته باريس بمناسبة الانتخابات الجهوية حقق اليمين المتطرف المعادي للأجانب تقدما لم يسبق له مثيل ، لكن الأخطر هو انتشار أفكاره وسط الفرنسيين مما جعل حتى الأحزاب الكلاسيكية تتبنى هذه الأفكار. هذا الوضع جعل حالة الخوف تعم وسط المهاجرين خاصة أن افكار اليمين المتطرف أصبحت منتشرة وسط الاعلام ويدافع عنها كتاب وصحفيون معروفون يعملون في كبريات القنوات الفرنسية مثل أريك زمور ( الذي أدانه القضاء الفرنسي بالتحريض على الكراهية في نهاية شهر ديسمبر الحالي)، والكاتب فينكيل كروت الذي اصبح متخصصا في التهجم على الإسلام والكاتب ويلبيك.بالإضافة الى عدد من السياسيين خارج حزب اليمين المتطرف من أمثال عمدة مدينة بريست روبير منار والذي تحول بشكل راديكالي من مدافع عن حرية الصحافة إلى سياسي عنصري من الصف الأول، وأصبح يقضي وقته في مهاجمة المسلمين بفرنسا ووصفهم بأقبح الصفات ويحرض على كراهيتهم، بل اعترف بقيامه بإحصائهم حسب انتمائهم الديني في مدينة بريست وهو الشيء يمنعه القانون الفرنسي.
العلاقات المغربية الفرنسية
في وضعية متميزة
العلاقات المغربية الفرنسية بعد أن مرت من سنة جد صعبة إبان سنة 2014 كانت جد متميزة سنة 2015على جميع المستويات، أهمها الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولند للمغرب والتي تميزت باتفاق البلدين على عدة مشاريع متميزة تعكس التطور الكبير في العلاقة بين البلدين على جميع المستويات.
التعاون الأمني والقضائي عرف تطورا كبيرا هو الأخر، من خلال التوقيع على اتفاقية التبادل القضائي بين البلدين ومن خلال زيارة جلالة الملك محمد السادس للرئيس الفرنسي فرنسوا هولند إثر العلميات الإرهابية التي تعرضت لها باريس للتعبيرعن التضامن المغربي مع فرنسا ولتعزيز التعاون في مجال محاربة الإرهاب الذي يهدد فرنسا وكل المنطقة المتوسطية، وخلال هذا الاستقبال شكر الرئيس الفرنسي جلالة الملك على الدعم المغربي في مجال محاربة الإرهاب والدور الذي قامت به المصالح المغربية. هذا التعاون الأمني بين البلدين يعتبر مثالا يقتضى به في مواجهة هذه الظاهرة التي أصبحت كونية وتتطلب تعاونا دوليا واسعا.
في ظل هذه الأوضاع، استضافت فرنسا المؤتمر الأممي حول المناخ الكوب21 الذي جمع اكثر من 140 رئيس دولة وحكومة و40 الف مشارك وتم خلاله اتخاذ قرارات تهم مستقبل الإنسانية، وكان هذا المؤتمر بمثابة نجاح كبير لفرنسا وللرئيس الفرنسي من خلال الاتفاق الذي تم لأول مرة حول مستقبل المناخ على الكرة الأرضية وكذا الحضور الكبير لرؤساء الدول رغم وضعية التهديد الإرهابي التي شهدتها فرنسا.
الاتفاق الذي تم التوصل اليه في باريس هو هدية خير للقاء مراكش، اي الكوب 22 وسوف يساعد المغرب على تجاوز الفشل الذي مس اللقاءات الأممية حول المناخ خاصة لقاء كوبنهاغن سنة 2009 حيث دامت النقاشات دون أن يتحقق الهدف، وبقي لقاء العاصمة الدنماركية اتفاقا يرمز الى الفشل في المفاوضات حول المناخ، أما اتفاق كيوتو الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2005 فلم يتمكن من الحد من ارتفاع درجة الحرارة وتداعيات الاحتباس الحراري.
و ستتوجه الأنظار إلى الكوب 22 وإلى مراكش كما قال وزير الخارجية الفرنسي ورئيس الدورة الحالية رولان فابيوس لكي تتواصل الجهود من أجل المناخ والحد من الاحتباس الحراري.
موقف المغرب في هذه القمة حول المناخ من خلال مختلف مسؤوليه دعا بشكل صريح وقوي إلى حلول منصفة وعاجلة لأزمة المناخ، تكون أقل ضررا بالدول الهشة، فبلدان الجنوب، وفي مقدمتها البلدان الإفريقية، لا يجب أن تدفع ثمن الإجراءات المتخذة لمواجهة الاحتباس الحراري، والذي أصبح يهدد، بشكل جدي، كوكب الأرض وصحة الإنسان على حد سواء،من خلال الاتفاقات التي سوف يتم التوصل اليها في الدورة الحالية، وكذلك على اعتبار بلدنا مدافعا حقيقيا عن قضايا التنمية في القارة السمراء باعتراف قادتها ومنظماتها الغير الحكومية.
تصاعد الاسلاموفوبيا بفرنسا
في ظل أوضاع الإرهاب وأجواء الخوف عرفت فرنسا ارتفاعا كبيرا في الاسلاموفوبيا وهو ما كشفت عنه ارقام كل من « التجمع ضد الاسلاموفوبيا» وهي جمعية مستقلة او « المرصد الوطني للتصدي للاسلاموفوبيا» والذي أطلقه المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية عام 2011 والذي لاحظ تسارع وتيرة الاعتداءات العنصرية ضد الإسلام والمسلمين والرموز الإسلامية بفرنسا بعد الاعتداءات الإرهابية التي شهدتها باريس في يناير الماضي. والتي عرفت في النصف الأول من سنة 2015 ارتفاعا بنسبة 281 في المئة مقارنة مع النصف الأول من السنة الماضية.وقد تم تسجيل نفس الارتفاع بعد العمليات الإرهابية الأخيرة.
أكبر هذه العمليات كانت الهجوم على مسجد بأجاكسيو بجزيرة كورسيكا في 25 ديسمبر الأخير وتم حرق كتب وكتابة شعارات «العرب اخرجوا «، والمهاجرون بالجزيرة يتكونون أساسا من المغرب، وشاءت الصدف أنه في السنة الماضية تم الاحتفال بمرور 70 سنة على تحرير كورسيكا من الاحتلال النازي بفضل فيلق من الجنود الكوم المغاربة، وتم توشيحهم من طرف الرئيس الفرنسي فرنسوا هولند. اليوم يتم استغلال حادث لاعتداء على رجال مطافئ من طرف خارجين عن القانون ليتحول إلى عقاب جماعي من طرف بعض القوميين الكورسيكيين العنصريين الذين هاجموا حيا تقيم به الجالية المغربية بالجزيرة والهجوم على مسجد ومطعم مغربي.وحتى كتابة هذه السطور، مازالت حالة التوتر تطغى على الوضع بأجاكسيو. وهذا الحادث يعد مؤشر على ارتفاع درجة العداء للهجرة والإسلام التي أصبحت تميز مختلف مناطق فرنسا، ويكفي أي حادث عارض من اجل التعبير عن العنصرية والكراهية للإسلام والأجانب،وهي حوادث يستغلها بشكل جيد اليمين المتطرف.
وهناك تقارب في الأفكار التي يدافع عليها اليمين المتطرف الفرنسي وأنصار داعش كما أشار الى ذلك جيل كيبيل وهو باحث في قضايا التطرف الديني في كتابه الأخير» رعب في فرنسا، نشأة الجهاد الفرنسي»، حيث إن الطرفين يدعوان إلى الكراهية وحرب الأديان، بل إن العمليات الإرهابية التي استهدفت فرنسا واستعمل فيها فرنسيون وبلجيكيون من أصول مسلمة، كان الهدف منها إشعال حرب أهلية بين المسلمين وغير المسلمين بفرنسا، وهي أحداث استفاد منها اليمين المتطرف الفرنسي المعادي للأجانب من اجل تبرير أطروحته حول حرب الحضارات والعداء بين الإسلام والمسيحية وكراهية مسلمي فرنسا.
إن مجموعة من القرارات التي اتخذتها الحكومة الفرنسية والتي تمس حريات الأفراد سواء فيما يخص مختلف وسائل الاتصال الرقمية التي أصبح التجسس عليها لا يتطلب أي إذن قضائي حسب القانون الجديد الذي يؤطر التصنت والرصد ،وكذلك مشروع قانون سحب الجنسية عن الأجانب في حالة ارتكابهم لجرائم ضد الدولة. وكذا التجاوزات التي عرفتها المداهمات خلال حالة الاستثناء، كلها مؤشرات جعلت العديد من الحقوقيين الفرنسيين يتخوفون من انزلاق فرنسا نحو دولة بوليسية وابتعادها عن دولة الحقوق والحرية كما عرفت بذلك عبر العالم. وإذا حدث ذلك، سيكون الإرهاب قد نجح في هدفه، وهو اخراج فرنسا من دائرة بلد حقوق الانسان الى بلد لا يحترم هذه الحقوق أو في أحسن الأحوال، يستثني من هذه الحقوق الأجانب والفرنسيين من أصول أجنبية أي تحول باريس الى بلد الميز في إعطاء الحقوق.
نفس الانزلاق الذي شهدته الولايات المتحدة الامريكية بعد العمليات الإرهابية ل 11 شتنبر سنة 2001 التي ارتكبتها القاعدة فوق التراب الأمريكي وهو ما يسمى قانون «باتريوت اكت»، وهو القانون الذي أعطى لائحة من التجاوزات السوداء في تاريخ هذا البلد الديمقراطي منها : معتقل ابوغريب بالعراق، وغوانتنامو بالقاعدة العسكرية الأمريكية بكوبا،ومراكز التعذيب بمختلف مناطق العالم ، وهي فترة من أسود الفترات في الحياة السياسية للولايات المتحدة الامريكية والتي مورست فيها كل أشكال التجاوزات والاعتداء على الحريات الفردية بل تم تجاهل مبادئ الدستور الأمريكي بما فيها احتلال العراق سنة 2003 وتفتيت هذا البلد الذي يعيش حالة الفوضى والطائفية والحرب الأهلية حتى اليوم والذي أنتج مختلف أشكال الإرهاب أهمها داعش، هذا البلد الذي اصبح اليوم تحت رحمة الملشيات الشيعية الإيرانية.
هذه التخوفات حول انزلاق فرنسا الى دولة لا تحترم الحريات لم تعد تقتصر على الحقوقيين بل إن جزءا من الأغلبية الحاكمة في اليسار الفرنسي أصبحت هي الأخرى تعبر عن انزعاجها من هذه التجاوزات التي تقوم بها الحكومة الفرنسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.