الصندوق المغربي للتقاعد ينضم إلى برنامج "داتا ثقة" لحماية المعطيات الشخصية    نظام العسكر يبتز "جون أفريك" والصحافي ديالها: إلى بغا يدخل للدزاير خاصها تبدل مواقفها ولا يمشي هو من المجلة    مندوبية التخطيط: حوالي 97 فالمية من الأسر المغربية صرحوا باللي أسعار المواد الغدائية طلعات فعام 2023    وزير : قطاع الطيران .. الحكومة ملتزمة بدعم تطوير الكفاءات    قبل مونديال 2030.. الشركات البرتغالية تتطلع إلى تعزيز حضورها في السوق المغربية    "ميتا" طلقات مساعد الذكاء الاصطناعي المجاني فمنصاتها للتواصل الاجتماعي    الكابرانات محتاجزين نهضة بركان فمطار هواري بومدين بسبب خريطة المغرب    لقاو عندهوم فلوس كثيرة فاتت مليون ونصف مليون درهم.. توقيف بزناسة فالشمال كيبيعو لغبرا (صورة)    ردوا بالكم غدا.. كاينة شتا ورياح قوية مرتقبة فعدد من مناطق المملكة    الوكيل العام ففاس قرر تمديد فترة الحراسة النظرية فحق الشبكة اللي كيتزعها سوري ونصبات على بنات ففاس لاستغلالهن فالدعارة    كان واعر في الأدوار الدرامية.. وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني وفعمرو 81 عام    محاكمة طبيب التجميل التازي ومن معه.. النيابة العامة تؤكد ارتكاب جريمة "الاتجار في البشر"        توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    ردّا على المسرحية الإيرانية.. إسرائيل تطلق صواريخ بعيدة المدى على مدينة أصفهان    مجلس النواب يعقد جلسة عمومية لاستكمال هياكله    ميراوي: أسبوع يفصل عن إعلان سنة بيضاء وبرلمانيون يناشدونه التراجع عن القرارات تأديب طلب الطب    طنجة .. توقيف ثلاثة أشخاص لإرتباطهم بشبكة إجرامية تنشط في المخدرات    طغى عليه الغياب واستحواذ الأغلبية على مقاعد الأمناء والمحاسبين : انتخاب مكتب مجلس النواب    في تقليد إعلامي جميل مدير «الثقافية» يوجه رسالة شكر وعرفان إلى العاملين في القناة    جمال الغيواني يهدي قطعة «إلى ضاق الحال» إلى الفنان عمر السيد    الهجمات على إيران "تشعل" أسعار النفط    فيتو أميركي يٌجهض قرار منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة    الطريق نحو المؤتمر ال18..الاستقلال يفتح باب الترشح لعضوية اللجنة التنفيذية    صورة تجمع بين "ديزي دروس" وطوطو"..هل هي بداية تعاون فني بينهما    منظمة الصحة تعتمد لقاحا فمويا جديدا ضد الكوليرا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    السودان..تسجيل 391 حالة وفاة بسبب الاصابة بمرضي الكوليرا وحمى الضنك    باستثناء الزيادة.. نقابي يستبعد توصل رجال ونساء التعليم بمستحقاتهم نهاية أبريل    العصبة الاحترافية تتجه لمعاقبة الوداد بسبب أحداث مباراة الجيش    التراث المغربي بين النص القانوني والواقع    المدير العام لمنظمة "FAO" يشيد بتجربة المغرب في قطاعات الفلاحة والصيد البحري والغابات    أخْطر المُسَيَّرات من البشر !    لوسيور كريسطال تكشف عن هويتها البصرية الجديدة    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    مهرجان خريبكة الدولي يسائل الجمالية في السينما الإفريقية    "قتلوا النازحين وحاصروا المدارس" – شهود عيان يروون لبي بي سي ماذا حدث في بيت حانون قبل انسحاب الجيش الإسرائيلي    سوريا تؤكد تعرضها لهجوم إسرائيلي    الدكيك وأسود الفوتسال واجدين للمنتخب الليبي وعينهم فالرباح والفينال    ضربات تستهدف إيران وإسرائيل تلتزم الصمت    تقرير يُظهر: المغرب من بين الوجهات الرخيصة الأفضل للعائلات وهذه هي تكلفة الإقامة لأسبوع    تفاصيل هروب ولية عهد هولندا إلى إسبانيا بعد تهديدات من أشهر بارون مخدرات مغربي    بعد نشر سائحة فيديو تتعرض فيه للابتزاز.. الأمن يعتقل مرشد سياحي مزور    واش اسرائيل ردات على ايران؟. مسؤولوها اكدو هاد الشي لصحف امريكية واعلام الملالي هدر على تصدي الهجوم ولكن لا تأكيد رسمي    المغاربة محيحين فأوروبا: حارث وأوناحي تأهلو لدومي فينال اليوروبا ليگ مع أمين عدلي وأكدو التألق المغربي لحكيمي ودياز ومزراوي فالشومبيونزليك    "الكاف" يحسم في موعد كأس إفريقيا 2025 بالمغرب    خطة مانشستر للتخلص من المغربي أمرابط    بيضا: أرشيف المغرب يتقدم ببطء شديد .. والتطوير يحتاج إرادة سياسية    نصف نهائي "الفوتسال" بشبابيك مغلقة    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب بفرض عقوبات على الأندية الإسرائيلية    "قط مسعور" يثير الرعب بأحد أحياء أيت ملول (فيديو)    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقالة الدكتور حسن أبو طالب والمنطق المعكوس
نشر في السند يوم 01 - 05 - 2010

عند عودتي من رحلة علمية في الخارج قرأت باهتمام مقالة الدكتور حسن أبو طالب بجريدة الأهرام بعنوان "أي تهديدات إسرائيلية لسوريا؟"( الأهرام يوم 28 أبريل, 2010 صفحة 10) والتي يبدى فيها حرصه على الأمن القومي العربي وأمن سوريا ولبنان بشكل خاص كما يذكر إيران وتحالفها مع سوريا دون أن يسب إيران أو يسب هذا التحالف كما هو مألوف في الصحف الحكومية المصرية. ولابد في هذا الإطار أن أحيي سيادته على كل ذلك. وهو وفى نفس المقالة يطلب من سوريا وقوى المقاومة أن تراجع موقفها وأن تعود إلى معسكر "السلام والاعتدال العربي".
والحقيقة أن هذا المطلب يمثل قمة المنطق المعكوس, فبعد أن أنفضح الفشل الذر يع لمعسكر "السلام والاعتدال العربي" بعد أن أتضح أن أطماع الكيان الصهيوني تفوق أقصى درجات قدرة هذا المعسكر على الأستلام كما أنكشف تماما عدم رغبة الولايات المتحدة على رفض هذه الأطماع الصهيونية, كان المفروض في إطار المنطق غير المعكوس أن يطلب الدكتور من معسكر "السلام والاعتدال العربي" أن يترك طريق الاستسلام والانضمام إلى, أو على الأقل دعم, طريق المقاومة وقوى المقاومة. ولكن يبدو أن مصير الأنظمة العربية, خصوصا تلك التي عقدت اتفاقيات رديئة جدا مع النظام الصهيوني وأر تكبت جريمة الاعتراف به لا تستطيع التراجع عن هذا الطريق, بل كلما واجهت مقولاتها وسياساتها الاستسلامية الفشل فإنها تبتكر مقولات أكثر بؤسا للاستمرار في هذا الطريق الرديء والمعادى لأي شكل من أشكال التحرر وكل قوى التحرر وعلى رأسها شعوبها , المضار الأول من هذا الاستسلام للاستعمار والصهيونية.
والحقيقة التي تؤكدها كل الحوادث التاريخية أن أداء الأنظمة العربية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية كان ولازال رديئا للغاية رغم كل الإدعاءات الكاذبة, بدئا من قبول قرار التقسيم الظالم جدا( مع كثير من القوى الأخرى مدعية التقدمية مع الأسف), مرورا بدخول الجيوش العربية بإدعاء طرد العصابات الصهيونية والذي انتهى بهزيمتها وفضائح الأسلحة الفاسدة وضياع المزيد من أرض فلسطين وتشريد أهلها. وبعد ذلك شاهدنا كارثة هزيمة يونيو 1967 والتي أضاعت ليس فقط الأراضي الفلسطينية الباقية في غزة والضفة الغربية بل أيضا استيلاء الصهاينة على سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية ثم اتفاقيات كامب ديفيد الرديئة جدا( رجاء الاطلاع على مقالة فاروق جويدة بخصوص ذلك في جريدة الأهرام اليومي العام الماضي والعديد من المقالات الممتازة للأستاذ محمد سيف الدولة حول حقيقة هذا الاتفاقيات الرديئة جدا والتي تصل إلى درجة الخيانة) وقد أرتبط بهذه الاتفاقيات الرديئة أيضا جريمة أخلاقية, وليست سياسية فقط, وهى جريمة الاعتراف بالكيان الصهيوني , الاعتراف بهذا الاستعمار الأستيطانى العنصري النازي. والآن نرى بأم أعيننا تصهين أنظمة عربية وتحالفها مع الكيان الصهيوني وحليفته الكبرى الولايات المتحدة ومعاداة كل من يعاديهم حتى لو كانت دولة أسلامية شقيقة مثل إيران أو حركة مقاومة وطنية شريفة مثل المقاومة اللبنانية.
نحن في الوطن العربي نواجه فساد لا يوصف وإدعاءات كاذبة بالديمقراطية وتفريط في المصالح الوطنية للحفاظ على المصالح الشخصية والادعاءات الفجة التي تدعو إلى التقزز, تصور , على سبيل المثال وليس الحصر أن رئيسا أكثر نظامين متعا ونيين مع الكيان الصهيوني خصوصا فيما يتعلق بحصار غزة لتدمير حماس المنتخبة ديمقراطيا عكس هذين الرئيسين , يطلبان من الكيان الصهيوني رفع الحصار عن غزة!!!!!
نحن إذاً أمام أنظمه شديدة الفساد وعدم الديمقراطية والبعد الشديد عن أبسط مبادئ الوطنية وأي شكل من أبسط
أشكال العدالة الاجتماعية.أنظمة متخصصة في قلب الحقائق والفجاجة السياسية. وبالطبع فإنها تمتلك منظومة إعلامية تتناسب مع هذه الصفات و مرتبطة ارتباطا وثيقاً بهذه الأنظمة التي أنكشف حديثاً, بشكل لا يقبل الجدل, حقيقة أن استسلامها للاستعمار والصهيونية هو طريق مسدود تماماً أمامها, وهى أيضاً أنظمة غير ناجحة في توفير أي شيء لشعوبها بدءاً من لقمة العيش حتى التعليم ولا حتى أبسط الخدمات, أطلقت الفساد من عنانه تحت رعايتها ثم فقدت السيطرة علية فأصبح يهدد كيانها, اختارت طريق التعانق مع الاستعمار والصهيونية فثبت فشلة الكامل وأصبح يهدد وجودها( فبينما يطلب منها هذا الطريق الاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني والذي يؤدى إلى كوارث لا يحتملها حتى العملاء والمستسلمين, فإن هذا الكيان العنصري, والذي هو امتداد للنازية وليس الهولوكوست, لم يتنازل أبداً عن حلمة بدولة من النيل إلى الفرات وبضم الجولان إليه وإعادة احتلال سيناء أو جعلها مؤقتا "وطن" للفلسطينيين المزمع ترحيلهم,الخ). وبرغم الفشل الذر يع لهذه الأنظمة مدعية الاعتدال فإن هذا الكيان الصهيوني إلى زوال ومعه تلك الأنظمة المتحالفة معه.
وهذا الزوال الصهيوني ليس من تأليفي ولا من عنديات الزعماء الممتازين المحترمين مثل السيد حسن نصر الله زعيم المقاومة في لبنان والتي تضم كل الاتجاهات الوطنية الشريفة هناك بدءاً من حزب الله( حفظة الله) مروراً بإتجاة ميشيل عون الماروني الوطني المعادى للاستعمار والصهيونية وأيضا الحزب الشيوعي اللبناني ( المعادى حقاً للاستعمار والصهيونية, وليس مثل الحزب الشيوعي العراقي الذي رحب بالغزو الأمريكي لبلادة), والحزب القومي السوري الإجتماعى,الخ. وأخيراً وليس آخراً إتجاة وليد بك جنبلاط. هذه المقاومة التي أذاقت الصهاينة طعم الهزائم في 2000-2006 والقادم سوف يكون أعظم, ولا من عنديات زعماء الجمهورية الإيرانية الذين يواجهون الغطرسة الاستعمارية الأمريكية وكلابها عالمياً وصهيونياً ومحلياً ولكنها من عنديات مفكرين وسياسيين صهاينة. وللتعرف على ذلك يمكن مراجعة كتابات المرحوم الدكتور عبد الوهاب المسيرى والذي عاملة النظام في بلادنا, مصر, أسوء معاملة (لدرجة إلقاءه هو وزوجته الدكتورة هدى في الصحراء وهما مريضان) عندما نشط في كشف حقيقة الصهيونية وتولى مسؤولية قيادة حركة كفاية. ويمكن أعطاء بعض الحقائق عن مستقبل الصهيونية على لسان مفكرين وقادة صهاينة مقتبسة من بعض كتابات الدكتور المسيرى وأهمها موسوعته الممتازة عن الصهيونية. وفى أحد مقالاته الهامة جداً والجديرة بالقراءة يقول الدكتور المسيرى : في 17 أغسطس 2006 أثناء حرب 2006 على لبنان نشرت صحيفة معا ريف مقالا كتبه الصحفي يونتان شيم بعنوان: "أسست تل أبيب في العام 1909 وفي العام 2009 ستصبح أنقاضا" جاء في المقال أنه قبل مائة عام أقاموا أولى المدن العبرية، وبعد مائة عام من العزلة قضي أمرها. ما الذي يدعو مثل هذا الكاتب للحديث عن النهاية، نهاية إسرائيل، في وقت بلغت فيه القوة العسكرية الإسرائيلية ذروتها، وتجاوز الدعم الأميركي، السياسي والمالي والعسكري، لها كل الحدود والخطوط الحمراء؟ كيف يمكن تفسير هذا الموقف؟ ابتداء لا بد أن نذكر حقيقة تاهت عن الكثيرين في العالم العربي، وهي أن موضوع نهاية إسرائيل متجذر في الوجدان الصهيوني. فحتى قبل إنشاء الدولة أدرك كثير من الصهاينة أن المشروع الصهيوني مشروع مستحيل وأن الحلم الصهيوني سيتحول إلى كابوس. وبعد إنشاء الدولة وبعد أن حقق المستوطنون الصهاينة "النصر" على الجيوش العربية تصاعد هاجس النهاية. ففي العام 1954 قال موشيه ديان وزير الدفاع والخارجية الإسرائيلي، في جنازة صديق له قتله الفدائيون الفلسطينيون "علينا أن نكون مستعدين ومسلحين، أن نكون أقوياء وقساة، حتى لا يسقط السيف من قبضتنا وتنتهي الحياة. النهاية، ماثلة دائما في العقول، فالضحايا الذين طردوا من ديارهم تحولوا هم وأبناؤهم إلى فدائيين يقرعون الأبواب يطالبون بالأرض التي سلبت منهم". ويضيف الدكتور المسيرى أنة أثناء انتفاضة 1987, حين بدأ الإجماع الصهيوني بخصوص الاستيطان يتساقط , حذر إسرائيل هاريل المتحدث باسم المستوطنين من أنه إذا حدث أي شكل من أشكال الانسحاب والتنازل (أي الانسحاب من طرف واحد). فإن هذا لن يتوقف عند الخط الأخضر (حدود 1948)، إذ سيكون هناك انسحاب روحي يمكن أن يهدد وجود الدولة ذاتها (الجيروزاليم بوست 30 يناير 1988 ). وأخبر رئيس مجلس السامرة الإقليمي شارون (في مشادة كلامية معه) "إن هذا الطريق الدبلوماسي هو نهاية المستوطنات، إنه نهاية إسرائيل" (هآرتس17 يناير 2002). ويردد المستوطنون أن الانسحاب من نابلس يعنى الانسحاب من تل أبيب. ومع انتفاضة الأقصى تحدثت الصحف الإسرائيلية عدة مرات عن موضوع نهاية إسرائيل، فقد نشرت جريدة يديعوت أحرونوت (27 يناير 2002) مقالا بعنوان "يشترون شققا في الخارج تحسبا لليوم الأسود"، اليوم الذي لا يحب الإسرائيليون أن يفكروا فيه، أي نهاية إسرائيل. ويضيف الدكتور المسيرى أيضاً أنة يتكرر الحديث عن نهاية إسرائيل في مقال إيتان هابر بعنوان "ليلة سعيدة أيها اليأس.. والكآبة تكتنف إسرائيل" (يديعوت أحرونوت 11 نوفمبر 2001). يشير الكاتب إلى أن الجيش الأميركي كان مسلحا بأحدث المعدات العسكرية، ومع هذا يتذكر الجميع صورة المروحيات الأميركية تحوم فوق مقر السفارة في سايجون، محاولة إنقاذ الأميركيين وعملائهم المحليين في ظل حالة من الهلع والخوف حتى الموت. إن الطائرة المروحية هي رمز الهزيمة والاستسلام والهروب الجبان في الوقت المناسب. ثم يستمر الكاتب نفسه في تفصيل الموقف "إن جيش الحفاة في فيتنام الشمالية قد هزم المسلحين بأحدث الوسائل القتالية. ويكمن السر في الروح التي دفعت المقاتلين وقادتهم إلى الانتصار. الروح تعنى المعنويات والتصميم والوعي بعدالة النهج والإحساس بعدم وجود خيار آخر. وهو ما تفتقده إسرائيل التي يكتنفها اليأس". أما أبراهام بورج فيقول في مقال له (يديعوت أحرونوت، 29 أغسطس 2003) إن "نهاية المشروع الصهيوني على عتبات أبوابنا. وهناك فرصة حقيقية لأن يكون جيلنا آخر جيل صهيوني" , ثم أطل الموضوع برأسه مجددا في مقال ليرون لندن (يديعوت أحرونوت 27 نوفمبر 2003) بعنوان "عقارب الساعة تقترب من الصفر لدولة إسرائيل"، وجاء فيه "في مؤتمر المناعة الاجتماعية الذي عقد هذا الأسبوع، علم أن معدلا كبيرا جدا من الإسرائيليين يشكون فيما إذا كانت الدولة ستبقى بعد 30 سنة. وهذه المعطيات المقلقة تدل على أن عقارب الساعة تقترب من الساعة 12، (أي لحظة النهاية)، وهذا هو السبب في كثرة الخطط السياسية التي تولد خارج الرحم العاقر للسلطة". والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا هاجس النهاية الذي يطارد الإسرائيليين؟ سنجد أن الأسباب كثيرة، ولكن أهمها إدراك المستوطنين الصهاينة أن ثمة قانونا يسري على كل الجيوب الاستيطانية، وهو أن الجيوب التي أبادت السكان الأصليين (مثل أميركا الشمالية وأستراليا) كتب لها البقاء، أما تلك التي أخفقت في إبادة السكان الأصليين (مثل ممالك الفرنجة التي يقال لها الصليبية والجزائر وجنوب أفريقيا) فكان مصيرها الزوال. ويدرك المستوطنون الصهاينة جيدا أن جيبهم الاستيطاني ينتمي لهذا النمط الثاني وأنه لا يشكل أي استثناء لهذا القانون، إن الصهاينة يدركون أنهم يعيشون في نفس الأرض التي أقيمت فيها ممالك الفرنجة وتحيط بهم خرائب قلاع الفرنجة، التي تذكرهم بهذه التجربة الاستيطانية التي أخفقت وزالت وقد أصدر المفكر الصهيوني المستنير يورى أفنيرى كتاباً بعنوان:" إسرائيل بدون صهيونية ( 1968)" عقد فيه مقارنة مستفيضة بين ممالك الفرنجة والدولة الصهيونية، فإسرائيل مثل ممالك الفرنجة محاصرة عسكريا لأنها تجاهلت الوجود الفلسطيني ورفضت الاعتراف بأن أرض الميعاد يقطنها العرب منذ مئات السنين. ثم عاد أفنيري إلى الموضوع عام 1983، بعد الغزو الصهيوني للبنان، في مقال نشر في هاعولام هزه بعنوان "ماذا ستكون النهاية"، فأشار إلى أن ممالك الفرنجة احتلت رقعة من الأرض أوسع من تلك التي احتلتها الدولة الصهيونية، وأن الفرنجة كانوا قادرين على كل شيء إلا العيش في سلام، لأن الحلول الوسط والتعايش السلمي كانا غريبين على التكوين الأساسي للحركة. وحينما كان جيل جديد يطالب بالسلام كانت مجهود اتهم تضيع سدى مع قدوم تيارات جديدة من المستوطنين، ما يعني أن ممالك الفرنجة لم تفقد قط طابعها الاستيطاني. كما أن المؤسسة العسكرية الاقتصادية للفرنجة قامت بدور فعال في القضاء على محاولات السلام، فاستمر التوسع الإفرنجي على مدى جيل أو جيلين. ثم بدأ الإرهاق يحل بهم، وزاد التوتر بين المسيحيين الفرنجة من جهة وأبناء الطوائف المسيحية الشرقية من جهة أخرى, مما أضعف مجتمع الفرنجة الاستيطاني، كما ضعف الدعم المالي والسكاني من الغرب. وفي الوقت نفسه بدأ بعث إسلامي جديد، وبدأت الحركة للإجهاز على ممالك الفرنجة، فأوجد المسلمون طرقا تجارية بديلة عن تلك التي استولى عليها الفرنجة. وبعد موت الأجيال الأولى من أعضاء النخبة في الممالك، حل محلهم ورثة ضعفاء في وقت ظهرت فيه سلسلة من القادة المسلمين العظماء ابتداء من صلاح الدين ذي الشخصية الأسطورية حتى الظاهر بيبرس. وظل ميزان القوى يميل لغير صالح الفرنجة، ولذا لم يكن هناك ما يوقف هزيمتهم ونهايتهم ونهاية الممالك الصليبية. لكل هذا عاد هاجس النهاية مرة أخرى بعد الحرب على لبنان في صيف 2006 وبعد الصمود اللبناني العظيم في وجه الهمجية الإسرائيلية، وبعد إبداع المقاومة اللبنانية. فالانتصارات العسكرية لم تحقق شيئا، لأن المقاومة مستمرة مما يؤدى إلى ما أسماه المؤرخ الإسرائيلي يعقوب تالمون (نقلا عن هيجل) "عقم الانتصار". فقد اكتشف الصهاينة حدود القوة ووصلوا إلى مشارف النهاية، وكما قال المثقف الإسرائيلي شلومو رايخ "إن إسرائيل تركض من نصر إلى نصر حتى تصل إلى نهايتها المحتومة".
فالمشهد إذا بتبسيط شديد هو كيان شاذ وغاصب آيل للزوال تدعمه أكبر قوة استعمارية وغاصبة منفردة بالسيطرة على العالم بعد انهيار الإتحاد السوفيتي, هذه القوة نقسها تتآكل لأسباب كثيرة يطول شرحها, ونظم عربية خليط بين العميلة والمستسلمة و يجمعها الإصرار على قهر شعوبها وتكثيف استغلالها حتى لو كان ذلك على حساب الاستقلال الوطني. نظم تتفنن في تزوير الحقائق البديهية, فإذا كانوا حاولوا ,من خلال الحملة الغبية والعنصرية والحمقاء ضد الجزائر وكرة القدم, استبدال العدو بالصديق والكيان الصهيوني بالجزائر الشقيق فقد حاولوا قبل ذلك, وبنجاح محدود ولكن ليس مهمل, ولا زالوا يحاولون, استبدال العدو بالصديق والكيان الصهيوني بإيران الشقيق.
وفى الجانب الأخر هنالك قوى صاعدة في المنطقة معادية للمخطط الأستعمارى الصهيوني وأدواته المحلية, ليس هذا فقط ولكن هذه القوى الصاعدة تحقق نجاحات وانتصارات والمخطط الصهيوني الأستعمارى ينتقل من فشل وإخفاق إلى آخر. لذلك وجب على كل الوطنيين الشرفاء من جميع الاتجاهات وجميع أجهزة الأعلام والدول العربية والإسلامية والدول المعادية للاستعمار والصهيونية في العالم كله العمل على التفرغ والتركيز والتوحد لهزيمة الاستعمار والصهيونية وإنهاء كل جرائمهم في حقنا وأيضاً كل ما يشبهها من جرائم ضد الأكراد والأرمن وغيرهم, وإلغاء الأسلحة النووية من كل العالم وليس إيران فقط وإيقاف الاستثمار في السلاح وتوجيه هذه الاستثمارات لما فيه خير البشرية والقضاء على الفقر ومكافحة المرض وتحقيق التنمية المستدامة والبيئة النظيفة والحياة الكريمة لكل البشر. أن الجدار المصري الفولاذي لحصار غزة هو عكس كل ذلك مهما أدعى النظام المصري وأبواقه الزائفة والكثيرة.
فهل من أمل أن يتوقف كل الوطنيين الشرفاء, قوميين كانوا أو يساريين, إسلاميين كانوا أو مسيحيين عن استخدام المنطق المعكوس مهما كانت فوائدة الآنية الشخصية؟ أتمنى ذلك. فهذا المنطق المعكوس هو أحد أحط الاستعمار والصهيونية بعد إرهابهم العسكري الأستعمارى الفج وهم أصل الإرهاب ومصدره الأساسي. وتاريخ الاستعمار والصهيونية في ذلك غنى بشكل فاحش وأحدثه منطقهم المعكوس تماما ضد إيران.
x أستاذ كرسي التنمية المستدامة. جامعة ولآية بنسلفانيا. الولايات المتحدة.سابقا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.