الانتقادات الموجّهة إلى الحكومة في مجال محاربة الرشوة والفساد لا تروق لمحمد بنعبد القادر، الوزير المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية؛ ففي يوم دراسي نظمه الفريق الحركي بمجلس النواب، لمْ يُخْف بنعبد القادر تذمره مما وصفه "النزوعات السلبية لدى بعض الفاعلين، إزاء العمل الحكومي، وعمل مختلف المؤسسات الوطنية". انزعاج الوزير الوصيّ على إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية مصدرُه الأساس هو التقارير التي تُنجزها منظمة الشفافية "ترانسبارانسي"، العاملة في مجال مكافحة الرشوة والفساد، إذ قالَ إنّ التقارير التي تُنجزها هذه المنظمة الدولية ليست مؤشرا عِلْميّا للحكم على نجاعة الإستراتيجية الوطنية التي وضعها المغرب لمحاربة الفساد". وكان آخر تقرير أنجزته منظمة ترانسبارانسي الدولية، شهر أكتوبر من السنة الماضية، سجّل تراجُع المغرب درجتيْن في مؤشر مُدركات الفساد، ما بين 2015 و2017؛ غير أنّ هذا التصنيف لم يُعجب بنعبد القادر، إذ قال إنَّ مؤشّر ترانسبارانسي غير مبنيّ على معاينات واقعية، "بل هو مؤشر استمزاجي ذي أبعاد محدودة". فؤاد عبد المومني، الأمين اعامّ لترانسبارانسي فرع المغرب، علّق على وجهة رأي الوزير المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية بالقول، في تصريح لهسبريس، إن "مسألة العِلْمية هي في جميع الأحوال مسألة نسبية دائما، ونحنَ لا نقول هل هذا التقرير أوْ ذاك علمي أو غير علمي، بل المطلوب هو أنْ تتوفّر فيه المقوّمات التي تُؤسس عليها التقارير". وأضاف عبد المومني أنَّ ما يدلّ على أنَّ مؤشرات ترانسبارانسي حول الفساد والرشوة في المغرب تحظى بمصداقية هو أنَّ الحكومة المغربية نفسَها اشتغلت على هذه المؤشرات حينَ إعدادها للإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، قبل أن يستدرك: "قد يُقال إنّ هذه المؤشرات غير كافية؛ ولكنَّ الدولة للأسف لا توفّر معطيات ملموسة لتكون المؤشرات أكثر دقّة". وقصَد الأمين العام لترانسبارانسي المغرب تحديدا ب"غياب معطيات ملموسة" ضعف متابعة المتورطين في قضايا الرشوة والفساد، قائلا: "المتابعات القضائية هي المؤشر الرئيس لقياس درجة الرشوة والفساد، وهذه المتابعة لا تطالُ إلا جُزءا ضئيلا من المتورطين في هذه القضايا". وبالرغم من أنّ وزير إصلاح الإدارة العمومية والوظيفة العمومية قال إنَّ تقارير ترانسبارانسي ليست مؤشرا علميا دقيقا لقياس درجة انتشار الرشوة، فإنّه نوّه بالعمل الذي تقوم به هذه المنظمة التي طالما أزعجت تقاريرُها السلطات المغربية، مُعتبرا أنّها أسهمت في تنمية الوعي بخطورة الرشوة والفساد؛ غير أنه دعا إلى "عدم تحميل تقاريرها أكثر ممل تحتمل، وعدم جعلها معيارا موجِّها في عملية التقييم".