القنيطرة تحتفي بمغاربة العالم وشعارها: الرقمنة بوابة لتعزيز الروابط وخدمات القرب    مواقف ‬المغرب ‬الثابتة ‬التي ‬لا ‬تتزعزع ‬في ‬سياق ‬محيط ‬إقليمي ‬غير ‬مستقر    مليلية ‬المحتلة ‬تعيد ‬صياغة ‬هندستها ‬القانونية ‬وسط ‬تصاعد ‬الخطاب ‬اليميني ‬في ‬إسبانيا ‬    عائلات المعتقلين المغاربة في العراق تطالب بكشف حقيقة أنباء مقتل سجناء في سجن الحوت    ‮«‬تدارك ‬الفوارق ‬المجالية ‬والاجتماعية‮»‬ ‬أولوية ‬مشروع ‬قانون ‬مالية ‬2026    ائتلاف إعلاميين مغاربة يدعو لوقفة احتجاجية أمام البرلمان تضامناً مع غزة واستنكاراً لاغتيال الصحافيين    رئيس كوريا الجنوبية والرئيس الأمريكي يعقدان قمة في 25 غشت    بطولة أمم إفريقيا للمحليين 2024.. لا خيار أمام "أسود الأطلس" سوى الفوز    كأس إفريقيا للمحليين.. "الكاف" يدين خروقات أمنية في مباراة المغرب وكينيا    حكيمي وبونو... أيقونتان مغربيتان تقتربان من معانقة المجد الكروي العالمي    الرجاء الرياضي يعير لاعبيه أنور العلام وكريم أشقر إلى نادي رجاء بني ملال    ابتسام لشكر أمام وكيل الملك بالرباط    شركة الإذاعة والتلفزة تختتم أبوابها المفتوحة للجالية بلقاء حول إذاعة "شين آنتر"    وَقاحةُ سياسي‮ ‬جزائري‮ ‬بالدعوة للتظاهر ضد النظام المغربي‮ تجد صداها عند‮ ‬أنصار‮ «‬التطرف الاسلامي» ‬وبقايا‮ ‬«القومجية»‮ ‬وفلول «البيجيدي‮» ‬المتنطعة باسم‮ ‬غزة‮!    توقيف عدائين سابقين بعد تعنيف قائد خلال وقفة احتجاجية أمام مقر جامعة ألعاب القوى بالرباط    غلاء الخدمات السياحية وعزوف مغاربة الخارج عن قضاء عطلتهم بالمغرب يجر الحكومة للمساءلة البرلمانية    كرة القدم.. المدافع زابارني ينتقل إلى باريس سان جيرمان    زياش قريب من العودة للدوري الهولندي    تمديد هدنة الرسوم الجمركية يرفع أسعار النفط    المغرب يمد يد العون للبرتغال بطائرتي كنادير لمواجهة حرائق الغابات (فيديو)    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    ارتفاع أسعار النفط بعد تمديد الولايات المتحدة والصين هدنة الرسوم الجمركية    بسبب جرائم حرب الإبادة في غزة.. فرنسا توقف تجديد تأشيرات عمل موظفي "إلعال" الإسرائيلية    مجلة "فوربس" تتوج رجل الأعمال المصري كامل أبو علي رائدا للاستثمار الفندقي في المغرب        "شين أنتر" تختتم احتفالية بالجالية        انقطاع مؤقت لحركة السير على الطريق الوطنية على مستوى المقطع الرابط بين سيدي قاسم و باب تيسرا        الدوزي يلهب الحماس في "راب أفريكا"    الرباط تحتضن أولى نسخ "سهرة الجالية" احتفاءً بأبناء المهجر (صور)    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    اعتقال عسكريين في مالي بعد محاولة انقلابية على المجلس الحاكم    الأحزاب والانتخابات: هل ستتحمل الهيآت السياسية مسؤوليتها في‮ ‬تطهير السياسة من المرشحين المشبوهين‮ ‬وتقديم الأطر النزيهة لمغرب المستقبل؟    وفاة السيناتور الكولومبي أوريبي.. الأمم المتحدة تجدد دعوتها لإجراء تحقيق "معمق"    ضبط وحجز 1.8 طن من الآيس كريم غير صالح للاستهلاك بموسم مولاي عبد الله أمغار    مهرجان "راب أفريكا" يجمع بين المتعة والابتكار على ضفة أبي رقراق    حين يلتقي الحنين بالفن.. "سهرة الجالية" تجمع الوطن بأبنائه    كان يُدَّعى أنه يعاني من خلل عقلي.. فحوصات تؤكد سلامة الشخص الذي اعترض السيارات وألحق بها خسائر بطنجة ومتابعته في حالة اعتقال    مالي وبوركينا فاسو والنيجر توحد جيوشها ضد الإرهاب    بعد نشر الخبر.. التعرف على عائلة مسن صدمته دراجة نارية بطنجة والبحث جار عن السائق    سيرغي كيرينكو .. "تقنوقراطي هادئ وبارع" يحرك آلة السلطة الروسية        المغرب يشارك في معرض بنما الدولي للكتاب    "ويبنز" يتصدر تذاكر السينما بأمريكا الشمالية    دراسة: الأطعمة عالية المعالجة صديقة للسمنة    الدولة والطفولة والمستقبل    هل يمكن أن نأمل في حدوث تغيير سياسي حقيقي بعد استحقاقات 2026؟    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    كأس درع المجتمع: كريستال بالاس يحرز اللقب على حساب ليفربول    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبنانُ الدُرَّةُ غارقٌ في الظلمةِ هالكٌ في الأزمةِ

منذ ساعات الفجر الأولى وأنا أبحث عن بصيص نورٍ، أو أثارةٍ من كهرباء، أشغل بها حاسوبي، وأكتب مقالي، واستفيد من خدمات الانترنت التي باتت كالكهرباء قليلة، محدودة وضعيفة، لأتمكن من نشر مقالي وتوزيعه، بعد أن يئست من نور الكهرباء وما عدت أريده، فحاجتي إلى الحاسوب والانترنت تنسيني الإضاءة التي اتسعت حُدُق عيوني لتعتاد على غيابها، وتعوض النقص فيها، ولكن الساعات تمضي ثقيلة، والدقائق تبدو جامدة لا تمشي، في ظل حرارةٍ مرتفعةٍ ورطوبةٍ عاليةٍ، وتعرقٍ مستمرٍ لا يتوقف، جعل النوم ليلاً مستحيلاً، والخلود إلى الراحة في الفراش غير ممكنٍ، فلا جسد يستلقي ويسترخي، ولا عيون تغمض وتنام، ولا تفكير يتوقف ولا قلقاً ينتهي.
ذلك حالنا اليوم في لبنان الصغير مساحةً العريق حضارةً، والمتمدن سمعةً، والمتقدم عن محيطه تاريخياً، الذي كان يوماً عروس الشرق ودرة العرب، ومن أوائل الدول العربية التي أضاءت الكهرباء شوارعها، وزينت الإنارة بيوتها وعمرت حياتها، فعرفت التلفزيون قبل غيرها، ونشطت فيها تجارة السينما أكثر من محيطها، وكانت قبلة العرب الأولى للاستشفاء والعلاج، وللسياحة والنزهة، وللتعليم والتدريب، وللاستثمار والادخار، ولحرية الرأي واستقلالية الإعلام، الذي جعل منها منصةً إعلامية ومنبراً سياسياً لكل العرب، ومنطلقاً للحشد والعمل لكل قضايا الأمة العربية، القومية والوطنية.
يحزنني جداً ما آل إليه لبنان والدرك السحيق الذي وصل إليه، وتؤلمني المشاهد التي أراها، والشكاوى التي أسمعها، وطوابير الناس المصطفة، وصفوف السيارات الطويلة التي لا تدركها عينٌ ولا تحيط بها صورة، وهي تنتظر على محطات البنزين دورها، ويتحرق أصحابها للحصول على بضعة ليترات من البنزين يشغلون به محركاتها، ويقضون حاجتهم بها، ويزيد في ألمي الشجارات التي تقع، والحوادث المؤسفة المتكررة التي تجري على محطات الوقود، والتي يذهب ضحيتها معذبون ومحرمون، وفقراء ومعوزون، ورغم الحزن والأسى الألم والندم، فإنها تتكرر كل يومٍ وفي كل البلدات، وأمام مختلف المحطات، علماً أن المواطنين يصطفون في انتظار أدوارهم منذ ساعات الفجر الأولى، وبعضهم ينام ليلته أمامها وسيارته ينتظر دوره الذي قد لا يأتي، إذ لا تفتح المحطات أحياناً أبوابها، وتعتذر لعدم وجود وقودٍ في مخازنها، أو تجنباً لحوادث الاشتباك والصدام بين المواطنين الذين تعجز الأجهزة الأمنية عن ضبطها.
أتساءل كثيراً عن أسباب قطع الشوارع وإغلاق الطرقات، التي يلجأ إليها بعض الشبان والشابات الناشطين في الحراك الشعبي اللبناني، الذين يقطعونها بالشاحنات والمتاريس، وبحاويات القمامة والإطارات المشتعلة، تراهم على من يغلقون الشوارع، ومن يمنعون من المرور فيها أو العبور منها، وهم يعلمون يقيناً أن المسؤولين في الدولة لا يطرقونها ولا يستخدمونها، بل إن جلهم لا يغامر بالوصول إلى المناطق الساخنة ونقاط التوتر المعروفة، وكثيرٌ منهم يتجول في شوارع روما وجنيف، ويتسوق في الشانزليزيه بباريس ومحلات هارودز بلندن، مصطحباً زوجته وأولاده بعيداً عن الصخب وفي منأى عن الخطر، فلا حرماناً يشكون، ولا ضيقاً يلاقون، ولا عجزاً يجدون.
لبنان الذي كان مستشفى العرب وموضع ثقة مرضاهم، بات يشكو عجزاً في العلاج وندرة في الدواء، وقد أشرفت المستشفيات على إغلاق أبوابها، وإخراج مرضاها، والإعلان عن عجزها عن مواصلة وظيفتها والقيام بمهمتها، إذ لا دواء متوفر، ولا أجهزة تعمل، ولا كهرباء تشغل، ولا مولدات تدور، ولا وقود يحرك ساكنها ويبعث الحياة فيمن حولها، كل ذلك في ظل وباء كورونا المستشري، وعداد الموت الذي يتواصل ارتفاعه وتتعدد ضحاياه صغاراً وكباراً.
الفقر في لبنان بات شديداً، والبطالة عامة، والخمول سائدٌ، واليأس طاغي، والغلاء مستشري، والاحتكار حاكم، والجشع جاثم، والوقود مفقودٌ والخبز محجوزٌ، واللحوم نادرة، والأسعار عالية، والسلع الغذائية والحاجات اليومية تسبق المواطنين ارتفاعاً، وتأكل ما بقي من مدخراتهم تباعاً، وإذا استمر الوضع على حالة فإن السلم المدني سيفقد، والأمن الاجتماعي سيتهدد، ولن يبقى في لبنان من يأمن على نفسه وبيته، ومن يطمئن على حياته ورزقه، والدولة بمؤسساتها ومسؤوليها يعرفون هذا الواقع، ويدركون هذه النتيجة، ويحذرون بأنفسهم من الارتطام الكبير والقادم الأسوأ، ولكن أحداً منهم لا يحرك ساكناً، ولا يقبل بعلاجٍ هو يعرفه، أو يوافق على حلٍ يعلم أنه لا بد منه.
لستُ لبنانياً ولكني فيه أقيم ومع أهله أعيش، أعرف معاناتهم وأدرك شكواهم، وأتابع همومهم وأكتوي بسياط الكهرباء والغلاء والبطالة والعجز مثلهم، لكن يحزنني أكثر حال شعبنا الفلسطيني فيه، المحروم أصلاً من العمل في وظائفه، والاستمتاع بخيراته التي كانت، فأرى حالهم بئيساً وظروفهم صعبة وواقعهم كئيباً، رغم أن جلهم في لبنان لا يعمل، وإنما تأتيهم مساعدات من أبنائهم المغتربين، أو رواتب من مؤسساتهم الوطنية، أو عطاءاتٍ من المنظمات الدولية، الأمر الذي يفاقم من سوء أحوالهم وتدهور مجتمعاتهم، وجنوحهم وكثير من اللبنانيين إلى الهجرة واللجوء المجهول.
لا يوجد حلٌ في لبنان يرتجى من غربيٍ تآمر عليه، أو من أجنبيٍ لا يعنيه أمره، أو من عدوٍ يتربص ويعتدي عليه، أو من أمريكي فرض الحصار عليه، أو فرنسي يريد أن يخضعه لشروطه، ويلزمه بتعليماته وتوجيهاته، إنما الحل المرجو هو من أهله، والرجاء هو في مسؤوليهم الكبار وطوائفهم العتيدة، الذين يكابرون ويعاندون، ويختلفون ويتنابذون، ويشتبكون ويتعاركون، ويكذبون ولا يصدقون، بينما بلدهم يحرق ويدمر، وخيراته تسرق وتنهب، ومستقبله يهدد ويترنح، واستقلاله قد يفقد ووحدته قد تنتهي، ورغم ذلك يصرون على عنادهم، ويمعنون أكثر في خلافاتهم، ويغمضون عيونهم عن مأساة شعبهم، ويصمون آذانهم عن شكواهم، التي باتت تهدد بثورة وتنذر بكارثة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.