صحافي من البيرو: في تندوف شاهدت القمع وفي الداخلة استنشقت هواء الحرية (صورة)    بوشهر في مرمى النار.. هل يشهد العالم كارثة نووية؟    كأس العالم للأندية 2025.. فوز الترجي الرياضي التونسي على لوس أنجلوس الأمريكي بنتيجة (1 – 0)    وكيل النجم البولندي ليفاندوفسكي: الانتقال ممكن للدوري السعودي    الوداد يعلن تعاقده رسميا مع السوري عمر السومة    كيوسك السبت | ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب بنسبة 55 بالمائة    "ليفربول" يتعاقد مع الألماني "فلوريان فريتز"    كأس العالم للأندية 2025.. فلامنجو البرازيلي يتغلب على تشيلسي الإنجليزي بنتيجة (3 -1)    استمرار موجة الحر في توقعات طقس السبت    المغرب بالمرتبة 70 عالميا.. اختلال العدالة الطاقية وتأمين الإمدادات يعطلان مسار التحول الطاقي    محمد الشرقاوي يكتب: لحظة الحقيقة.. ما لا يريد أن يراه مناصرو التطبيع ووعّاظ الاتفاقات الإبراهيمية!    البنك الأوروبي يقرض 25 مليون دولار لتطوير منجم بومدين جنوب المغرب    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    تراجع أسعار الفائدة قصيرة المدى في سوق السندات الأولية وفق مركز أبحاث    الفيفا يعلن آخر التعديلات على قانون كرة القدم .. رسميا    هزة ارضية تضرب سواحل الريف    إعلان العيون... الأقاليم الجنوبية حلقة وصل بين شمال إفريقيا والعمق الإفريقي ومجالا واعدا للاستثمار    بين الركراكي والكان .. أسرار لا تُروى الآن    مقتل ضباط جزائريين في إيران يثير تساؤلات حول حدود التعاون العسكري بين الجزائر وطهران    محمد أشكور عضو المجلس الجماعي من فريق المعارضة يطالب رئيس جماعة مرتيل بتوضيح للرأي العام    السلطات الإمنية تشدد الخناق على مهربي المخدرات بالناظور    أمن الناظور يحجز كمية من المخدرات والمؤثرات العقلية    حرب الماء آتية    فضيحة "وكالة الجنوب".. مؤسسة عمومية أم وكر مغلق لتبذير المال العام؟    توظيف مالي لمبلغ 1,72 مليار درهم من فائض الخزينة    خالد الشناق: المخطط الأخضر يجب أن يخضع للتقييم ولا شيء يمنع من انتقاده    مطيع يوصي بدليل وطني للجودة ودمج التربية الإعلامية في الأنظمة التعليمية    زلزال بقوة 5.1 درجة يهز شمال إيران    بورصة البيضاء تغلق الأبواب بارتفاع    دعم "اتصالات المغرب" بتشاد ومالي    ترامب يمنح إيران مهلة أسبوعين لتفادي الضربة العسكرية: هناك "فرصة حقيقية" لمسار تفاوضي    وزير الماء يدق ناقوس الخطر: حرارة قياسية وجفاف غير مسبوق يضرب المغرب للعام السادس توالياً    المغرب يخمد 8 حرائق في الغابات    بوعياش تلتقي أمين الأمم المتحدة    احتياجات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالمغرب تبلغ 11.8 ملايين دولار    وقفات في مدن مغربية عدة تدعم فلسطين وتندد بالعدوان الإسرائيلي على إيران    باحثون إسبان يطورون علاجا واعدا للصلع    وليد الركراكي يكشف سر استمراره رغم الإقصاء ويعد المغاربة بحمل اللقب على أرض الوطن    نشرة إنذارية: طقس حار من الجمعة إلى الثلاثاء، وزخات رعدية اليوم الجمعة بعدد من مناطق المملكة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    معهد صحي يحذر.. بوحمرون يتزايد لدى الأطفال المغاربة بهولندا بسبب تراجع التلقيح    بعد وفاة بريطانية بداء الكلب في المغرب.. هل أصبحت الكلاب الضالة تهدد سلامة المواطنين؟    اجتماع إيراني أوروبي في جنيف وترامب يرجئ قراره بشأن الانخراط في الحرب    أنامل مقيدة : رمزية العنوان وتأويلاته في «أنامل تحت الحراسة النظرية» للشاعر محمد علوط    «علموا أبناءكم».. أغنية تربوية جديدة تغرس القيم في وجدان الطفولة    لفتيت يذكر الشباب باستمارة الجندية    عن "الزّلافة" وعزّام وطرفة الشّاعر عبد اللطيف اللّعبي    افتتاح الدورة ال26 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة    كارمن سليمان تفتتح مهرجان موازين بطرب أصيل ولمسة مغربية    7 أطباق وصحون خزفية لبيكاسو بيعت لقاء 334 ألف دولار بمزاد في جنيف    المغرب يعزّز حضوره الثقافي في معرض بكين الدولي للكتاب    مجازر الاحتلال بحق الجوعى وجرائم الحرب الإسرائيلية    فحص دم جديد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بسنوات    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوجد وسط الدار البيضاء بجانب أفخم فيلات المدينة
كاريان باشكو.. 50 سنة من المعاناة
نشر في الصحراء المغربية يوم 10 - 12 - 2009

دكاكين متراصة على طول زقاق يتوسط "كريان باشكو"، التابع لمقاطعة أنفا في الدارالبيضاء، وإن كانت هذه الدكاكين عشوائية، فهي مصدر رزق الكثير من السكان، هؤلاء الذين ما انفكوا يؤكدون أحقيتهم في سكن لائقبراريك هدمت ولم يبق منها غير الحجارة المتراكمة
لكن في غياب شروط تضمن لهم عملا قارا، فهم متشبثون ب"حوانيتهم" الصغيرة. شباب أثقله الفراغ وضيق الأفق، ينزوي في كل ركن من "براريك" باشكو، يحملقون ويهمهمون، محدقين بإمعان في كل زائر غريب عن "الكريان".
أطفال بملامح طفولية متحمسة، جاؤوا لملء قنينات بماء "العوينة"، هذا المنبع الذي قالت عنه بعض نساء "الكريان" إنه لا يطرح لدى السكان مشكلا، رغم بعده عن "البراريك"، إنما الخطر يكمن في طبيعة مواد بناء دورهم، التي معظمها من الخشب، ومع ذلك فهم راضون بالعيش على هذا النحو، مادام سكان "باشكو" لم يتوصلوا بحلول تراعي ظروفهم المعيشية.
لم يكن "كريان باشكو" ليختلف عن باقي الدور العشوائية في الدار البيضاء، لكن مساحته الشاسعة، جعلته "منطقة مصغرة" مستقلة عن "الفيلات" الفخمة لحي كاليفورنيا، إذ يحتضن أعدادا كبيرة من الأسر، قدرت، حسب تصريح بعضهم، بحوالي 2700 أسرة، كل واحدة منها تعيش على إيقاع العديد من المشاكل، اختزلها بعضهم في أن إمكانياتهم المادية محدودة، وما قدم لهم من عروض بديلة لا يناسبهم، ذلك لأن الوجود ب"الكريان" على الأقل يعفيهم من مصاريف تفوق قدرتهم الشرائية.
"براريك" هدمت، ولم يبق منها غير الحجارة المتراكمة، يرتاع فوقها الأطفال على نحو يعكس أن حاجتهم للعب كبيرة، في غياب فضاء لذلك.
وبينما رحل بعض السكان عن "كريان باشكو" بالانتقال إلى حي الرحمة أو سيدي معروف، فالباقون منهم يفيدون أنهم غير مستعدين للمجازفة، موضحين أن الكثير ممن ترك بيته في "الكريان" اضطر إلى تحمل بعد المسافة (قالوا إن حي الرحمة هو بمثابة منفى للسكان بسبب بعده عن مركز الدار البيضاء)، إلى جانب أن الرحيل عن "الكريان" يتطلب تكاليف باهضة بالنسبة إليهم، قصد بناء البقع الممنوحة إليهم أو بدفع مبلغ يخول لهم السكن في شقق، حسب ما أفرزته نتيجة "القرعة"، المعمول بها في إطار ترحيل سكان "كريان باشكو".
«محلاتنا مكسب عيشنا »
امرأة أعياها العيش في "براكة" خشبية لا تتجاوز مساحتها 6 أمتار، تصرح بأسلوب يكشف عن تطلعها إلى تحسين وضعيتها، أن امتلاك زوجها لدكان في "كريان باشكو"، حال دون التسجيل في لائحة المستفيدين، باعتبار أن الاستفادة من السكن لا تعترف بامتلاك بعض السكان لمحلات تجارية ب"الكريان"، ومن ثمة لن يعوضوا عنها بمحلات أخرى، في وقت يعيش معظمهم من مدخول دكاكينهم البسيطة، تقول السيدة، وهي تلقي بنظرات متفحصة نحو أرجاء "براكتها"، لتضيف بنبرة يائسة، أن عملية الترحيل مقتصرة على حظ كل أسرة، إذ أن "القرعة" وحدها من يحدد الأشخاص المعنيين بالبقع الأرضية في حي الرحمة، كما تحدد المعنيين بالشقق السكنية بسيدي معروف، ولأن واقعها المادي لا يشجع على العرضين، اكتفت بتتبع أحوال من قبلوا بالانتقال، لأن الأمرين أحلاهما مر، بالنسبة إليها.
وفسرت السيدة ل"المغربية" بأن الحصول على بقعة أرضية يحتاج إلى 30 ألف درهم مناصفة بين أسرتين، فيما تتكلفان وحدهما ببناء المنزل، بعد الاستعانة ب"طاشرون"، يشاركهما في البقعة ويغنيهما عن تبعات البناء، إلا أنهما تجبران على كراء بيت إلى حين إتمام البناء، وهي مصاريف تضيق الخناق على إمكانيتهما المادية الضعيفة، لتستطرد السيدة متحسرة على حالها وعلى حال من أذعن للعرض، دون التخمين في العواقب، أن المستفيدين من الشقق، يلزمون بدفع 100 ألف درهم، للسكن في شقة تصل مساحتها 70 مترا مربعا بسيدي معروف، فيجد المستفيدون أنفسهم مجبرين على الاقتراض، ولملمة ما تيسر لهم من المال للسكن، وإن كان عدد أفراد الأسرة لا يوازي حجم مساحة الشقة.
الأقدمية لا تكفي...
التجوال في "كريان باشكو" يثير انتباه السكان، إذ أن قضاءهم لسنوات طويلة ب"الكريان" جعلهم يعرفون بعضهم البعض أشد المعرفة، لهذا فزيارة الغريب عنهم تطرح لديهم عدة استفهامات، يجيبون عنها بمجرد الحديث إليهم، والاستفسار عن مشاكلهم، إذ صرح بعضهم باندفاع وامتعاض أن حوالي 800 أسرة لم يشملها الإحصاء الأخير لسنة 2007، إما بسبب غيابها عن "البراكة" أثناء الإحصاء، أو لعدم الاعتراف بوجودها ب"الكريان"، ما عبر عنه أحدهم بالقول:"أنا ضايع دابا أو عييت من الشكايات، أو ما قادرش ناخذ حتى شهادة السكنى"، في إشارة منه إلى أنه كان غائبا لحظة الإحصاء، مما ألغى وجوده في لائحة الإحصاء، وبالتالي إلغاء فرصة تعويضه بسكن بديل، مع أن استقراره ب"الكريان" قديم (أزيد من 50 سنة) إلى حد أصبح معه، يعرف كل أسرة على حدة وطبيعة مشاكلها، مفيدا أن هناك من الأسر من تملك أراضي خاصة بها داخل "الكريان" وفق وثائق إدارية، وأخرى وجدت منذ سنوات اختلفت معها الأجيال.
وأوضح الرجل الذي كلفه غيابه عن الإحصاء، الشعور بالاغتراب عن "الكريان"، بعدما لم تنفع معه شكاياته المتعددة في الاعتراف بأحقيته في التعويض، (أوضح) أن "كريان باشكو" له امتيازات خاصة مقارنة مع باقي الدور الصفيحية في الدارالبيضاء، بحكم وجوده في منطقة راقية وسط المدينة، إضافة إلى تمركزه وسط مرافق اجتماعية وصحية وثقافية، تسهل على السكان قضاء مصالحهم، ثم وجود "براريك" بطوابق سكنية شاسعة، لهذا فالكثير منهم غير راض على العروض المقترحة، فيما أكد أن حاجته إلى سكن لائق في منأى العشوائية، تحفزه على القبول، لكن أين السبيل إلى ذلك، وانتظاره لجواب المسؤولين طال، حتى اقتنع أن البقاء في "كريان باشكو" مصيره المحتوم، يقول الرجل متضايقا من واقع حاله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.