احتجاج تيار ولد الرشيد يربك مؤتمر الاستقلال    تطوير مبادرة "المثمر" ل6 نماذج تجريبية يَضمن مَكننة مستدامة لأنشطة فلاحين    حكيم زياش يتألق في مباريات غلطة سراي    زلزال بقوة 6 درجات يضرب دولة جديدة    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    الرابطة الرياضية البيضاوية يؤكد ان الوحدة الترابية قضيتنا الاولى    بوزنيقة : انطلاق المؤتمر 18 لحزب الاستقلال بحضور 3600 مؤتمر(فيديو)    ممثل تركي مشهور شرا مدرسة وريبها.. نتاقم من المعلمين لي كانو كيضربوه ملي كان صغير    حالة "البلوكاج" مستمرة في أشغال مؤتمر حزب الاستقلال والمؤتمرون يرفضون مناقشة التقريرين الأدبي والمالي    طقس السبت: أمطار وطقس بارد بهذه المناطق!    جمارك الجزائر تجهل قانون الجمارك    الصحراء تغري الشركات الفرنسية.. العلوي: قصة مشتركة تجمع الرباط وباريس    رئيس بركان يشيد بسلوك الجمهور المغربي    على هامش المعرض الدولي للفلاحة.. إطلاق هاكاثون الذكاء الاصطناعي للفلاحة القادرة على الصمود أمام التغير المناخي    فضّ الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية: ماذا تقول قوانين البلاد؟    المدير العام للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات : المغرب مركز أعمال من الطراز العالمي    بركة يتهم النظام الجزائري بافتعال المؤامرات وخيانة تطلعات الشعوب المغاربية    شبكة جديدة طاحت فالشمال كتبيراطي شبكات الاتصالات الوطنية وها المحجوزات    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    "طوطو" يشرب الخمر أمام الجمهور في سهرة غنائية    أكبر صيد أمني منذ عشر سنوات.. 25 طنا من الحشيش المغربي تدخل أوروبا    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    البطولة الوطنية الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال27).. الشباب السالمي يتعادل مع ضيفه مولودية وجدة 0-0    رئيس اتحاد العاصمة صدم الكابرانات: المغاربة استقبلونا مزيان وكنشكروهم وغانلعبو الماتش مع بركان    المغرب يعتزم بناء مزرعة رياح بقدرة 400 ميغاوات بجهة الشمال    تتويج 9 صحفيين في النسخة الثامنة للجائزة الكبرى للصحافة الفلاحية والقروية    الأمثال العامية بتطوان... (583)    تفريغ 84 طنا من منتجات الصيد البحري بميناء مرتيل خلال الأشهر الثلاثة الأولى لسنة 2024    السعودية تحذر من حملات الحج الوهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي    قميص بركان يهزم الجزائر في الإستئناف    عطلة مدرسية.. الشركة الوطنية للطرق السيارة تحذر السائقين    الأميرة للا مريم تترأس اجتماعا بالرباط    للجمعة 29.. آلاف المغاربة يجددون المطالبة بوقف الحرب على غزة    مقتل 51 شخصا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    بيدرو روشا رئيساً للاتحاد الإسباني لكرة القدم    مصرع 10 أشخاص في حريق بفندق برازيلي    مندوبية السجون تغلق "سات فيلاج" بطنجة    هل ستعتمدها مديرية الناظور؟.. مذكرة تمنع تناول "المسكة" في المدارس    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    الأمير مولاي رشيد يترأس بمكناس مأدبة عشاء أقامها جلالة الملك على شرف المدعوين والمشاركين في المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب    ‬غراسياس ‬بيدرو‮!‬    الصين تؤكد التزامها لصالح علاقات مستقرة ومستدامة مع الولايات المتحدة    بايتاس : الحكومة لا تعتزم الزيادة في أسعار قنينات الغاز في الوقت الراهن    "شيخ الخمارين ..الروبيو ، نديم شكري" كتاب جديد لأسامة العوامي التيوى    سعر الذهب يتجه نحو تسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    احتجاجا على حرب غزة.. استقالة مسؤولة بالخارجية الأمريكية    الشرقاوي يسلط الضوءَ على جوانب الاختلاف والتفرد في جلسات الحصيلة المرحلية    تطوان .. احتفالية خاصة تخليدا لشهر التراث 2024    محمد عشاتي: سيرة فنان مغربي نسج لوحات مفعمة بالحلم وعطر الطفولة..    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    السعودية قد تمثل للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون    عرض فيلم "أفضل" بالمعهد الفرنسي بتطوان    مؤسسة (البيت العربي) بإسبانيا تفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال18    الأمثال العامية بتطوان... (582)    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النص الكامل لتدخل فريق العدالة والتنمية لمناقشة التصريح الحكومي
نشر في التجديد يوم 27 - 11 - 2002

النص الكامل لتدخل فريق العدالة والتنمية لمناقشة التصريح الحكومي
بسم الله الرحمان الرحيم
فريق العدالة والتنمية
مجلس النواب
الولاية التشريعية: 2002/2007
دورة أكتوبر 2002
تدخل فريق العدالة والتنمية - في المناقشة العامة
للتصريح الحكومي المقدم يوم: الخميس 16 رمضان 1423 - 21 نونبر 2002
وذلك يوم الإثنين 20 رمضان 1423 ه / الموافق ل 25 نونبر 2002
السيد الرئيس المحترم،
السيد الوزير الأول المحترم،
السيدات والسادة الوزراء المحترمين،
السيدات والسادة النائبات والنواب المحترمين،
لقد شكلت الانتخابات النيابية ل 27 شتنبر 2002 خطوة إيجابية في تاريخ المسلسل الديمقراطي ببلادنا، وإن سجلنا عدة خروقات وتجاوزات في كثير من المناطق أثرت سلبيا على جو النزاهة الذي كان يأمله الجميع..
ولقد كان مؤسفا ملاحظة تهافت بعض الأحزاب على استجلاب نواب إلى حظيرتها في مقابل تهافت بعض النواب على تغيير مواقعهم السياسية بمجرد الإعلان عن فوزهم وهي ظاهرة سلبية ينبغي وضع حد لها بكل التدابير التنظيمية ابتداء من اشتراط نسبة من الأصوات على الصعيد الوطني لإمكان تمثيل الأحزاب السياسية بمجلس النواب وفق ما سبق لحزبنا أن اقترحه ورفضته الأغلبية آنذاك وانتهاء باعتبار كل من يغير موقعه السياسي في حكم المستقيل.
وإن مما يخل باستقلال المؤسسة البرلمانية وبوضعها الاعتباري ما وقع من ارتهانها للمؤسسة الحكومية من حيث انتظار انتخاب أجهزتها رئيسا وهياكل إلى حين تعيين أعضاء الحكومة ...
كما أننا في فريق العدالة والتنمية، وإن كنا ننوه باحترام الأجل الدستوري لتنظيم الانتخابات النيابية، إلا أننا نرى ضرورة ملاءمة هذا التوقيت مع الأجل اللازم لمناقشة وبت البرلمان في مشروع قانون المالية.
السيد الوزير الأول:
لقد أدى تعيينكم إلى صدور ردود أفعال متباينة، إذ في الوقت الذي يؤكد الجميع على كفاءتكم ونزاهتكم، اعتبر البعض هذا التعيين من الناحية السياسية يشكل تراجعا عن الالتزام بالمعطيات التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة، وبالتالي نكوصا عن تكريس التقاليد الديمقراطية إلا أن آخرين اعتبروها قرارا ضروريا لإنقاذ البلاد من مشاكلها المستعجلة والتي عجزت حكومة السيد عبد الرحمان اليوسفي عن حلها، وكان الأمل كبيرا في تشكيل حكومة تحمل كل معالم النجاعة والمصداقية والفاعلية والاستعداد للتضحية في سبيل مغرب أفضل، إلا أن هذا الأمل تبخر للأسف الشديد بمجرد الإعلان عن تشكيلة الحكومة وساد جو من الإحباط وعدم الرضا تم التعبير عنه من قبل جل الفاعلين، كما تداولته ألسنة عموم الشعب المغربي، ولقد عم للأسف الشديد التذمر لأسباب تعرفونها كثيرا من قيادات وأطر الأحزاب المشاركة في الحكومة.
وقد كان هذا أول معالم ضعف هذه الحكومة، إذ في الوقت الذي كان ينبغي أن يبعث تشكيلها على التفاؤل والاستبشار مما يدفع إلى التعبئة الشعبية والالتفاف حولها ها هي فئات الشعب المغربي لا تتحمس لها ولشيء مما تعد به.
وإن هذا الموقف الشعبي السلبي من هذه الحكومة إنما جاء بناء على ما رأى وسمع الناس من تهافت الأحزاب المكونة لها على المناصب، وصراع بعض القيادات على المقاعد.
وجاء بناء على ما رأى الناس وسمعوا عن الترضيات في إسناد المناصب الحكومية بناء على الاعتبارات العائلية والجهوية والزبونية الحزبية وغيرها، لقد حضرت الاعتبارات الفاسدة المفسدة في الكثير من الحالات وأما النجاعة والمصداقية فقد كان نصيبها قليلا في تشكيل هذه الحكومة.
إننا والشعب المغربي نتساءل بماذا تبررون السيد الوزير الأول حكومة 39 ما بين وزير وكاتب دولة في الوقت الذي تتأسس حكومات من عدد يبلغ نصف ذلك أحيانا في دول يزيد عدد سكانها بالأضعاف عن عدد سكان بلادنا.
بماذا تبررون وجود وزير دولة بدون حقيبة ؟
بماذا تبررون إعادة هيكلة حكومتكم على أسس مخالفة للحكومة السابقة مع ما يستدعيه ذلك من إهدار الوقت والجهد في تمييز الاختصاصات وفصل الصلاحيات، مع ما يترتب عن ذلك من صعوبات في توزيع الموارد المادية والبشرية؟
ما هي دواعي فصل قطاع المالية عن قطاع الاقتصاد ؟ وقطاع الإسكان والتعمير عن قطاع إعداد التراب الوطني ؟ وقطاع الثقافة عن الاتصال ؟
بماذا تفسرون عزمكم على تحويل قطاعات حيوية كالرياضة والتخطيط والغابة إلى مندوبيات سامية؟
على أي منطق استندتم في ذلك ؟ هل هي النجاعة أم هو فقط مجرد محاولة لتخفيف التضخم غير المبرر لعدد أعضاء الحكومة ؟ أم من أجل الإبقاء عليها كأوراق للضغط والترضية للأفراد الغاضبين أو الفئات الغاضبة؟
إن هذه الحكومة لا تحمل معالم الحكومة الناجحة المسؤولة لأن الأحزاب المشكلة لها كثيرة العدد، متعددة المشارب والاختيارات، إضافة إلى العدد الكبير من الوزراء غير المنتمين الذين تصل نسبتهم حوالي الربع، كل ذلك سيؤدي لا محالة إلى الاضطراب وعدم الانسجام في الأداء.
السيد الوزير الأول،
إننا نثمن ما ورد في تصريحكم من تأكيد على أن يكون مشروعكم الحكومي مستمدا لقوته من أصالتنا وتراثنا منفتحا على العالم قادرا على مواجهة إكراهاته، كما نثمن تنصيصكم بكل وضوح على المرجعيات والمبادئ والاختيارات والثوابت وعلى رأسها الإسلام والملكية الدستورية والوحدة الترابية. كما نثمن تأكيدكم على كون التصريح يسعى إلى أن يضع الإنسان المغربي وكرامته وحقوقه ورفاهيته في قلب انشغالات السياسات الحكومية.
غير أننا من خلال التقدم في قراءة ودراسة فقرات التصريح لم نلمس أثر ذلك التنصيص بما يلزم من الوضوح والقوة في بعض التدابير التي جاء بها والأهداف التي أكد عليها في مختلف القطاعات المالية والاجتماعية والثقافة والإعلامية.
ولئن كنا واعين تمام الوعي أن للمغرب بعد الله ضمانة في عاهله وفقه الله، باعتباره كما ينص على ذلك دستور المملكة أمير المؤمنين وحاميا لحمى الملة والدين، في المحافظة على الأمن الروحي للمواطنين وحماية المغرب من كل أشكال الغلو الديني والتطرف الإباحي اللاديني، إلا أن ذلك لا يسقط مسؤولية الحكومة في هذا المجال، فهي مسؤولة عن الترجمة العملية لمقتضيات المرجعية الإسلامية التي يتمسك بها المغاربة ويجمعون عليها في تدابير عملية في مختلف القطاعات الاقتصادية وفي حياتنا القانونية والقضائية وفي السياسات الداخلية والخارجية.
وهكذا لاحظنا تغييبا غير مبرر لقطاع حيوي في هذا الشأن هو قطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية، وغيابا لأدنى تدابير ذي صلة بتعزيز الأمن الروحي وأي إجراء ذي صلة بتعزيز تدين المغاربة والعمل على الرفع من مستوى ثقافتهم الدينية، وتحصين الشباب من مخاطر تيارات الإباحية في ظل عصر العولمة ومظاهر الانحراف التي نعانيها يوميا مثل الإدمان على المخدرات وتعاطي المسكرات وانتشار شبكات الدعارة ... إلى غير ذلك من مظاهر الانحراف الناجمة عن الخصاص في مجال التوعية الدينية.
إننا نتساءل السيد الوزير عما تنوي حكومتكم القيام به في مجال العناية بنشر التثقيف الديني وفي مجال دعم البرامج القائمة وسد الخصاص والنقص القائم فيها، وعما تنوون إنجازه في مجال العناية بالمساجد بناء وتأطيرا وتكريما للأئمة والخطباء والوعاظ وتطهيرا لحياتنا العامة من مظاهر الاستهتار الخلقي والخلاعة والعري وغيرها من المظاهر والسلوكات المنافية لأحكام الدين والحشمة والوقار والتقاليد المغربية الحسنة.
كنا ننتظر مثلا في المجال المالي انفتاحا أكثر نحو صيغ تمويلية لا ربوية وانفتاحا أكثر على الاستثمارات المشتركة مع الدول الإسلامية وتعبئة للإمكانيات المالية للمؤسسات المالية والمصرفية الإسلامية.
كنا ننتظر إجراءات عملية ترفع من مستوى أدائنا الإعلامي وتجعله أكثر ارتباطا بوظائف تربوية، ووسيلة من وسائل التثقيف الهادف ومسهما في تعزيز الحصانة الدينية لأبناء مجتمعنا بدل أن يكون وسيلة من وسائل هدمها كما تدل على ذلك بعض البرامج والمسلسلات التي برمجتها قناتانا التلفزيتان في شهر رمضان الفضيل شهر الصيام والقيام والتوبة والمصالحة مع الله.
كنا ننتظر إجراءات ملموسة من أجل تنظيم جمع الزكاة وصرفها حتى تستعيد دورها كنظام اجتماعي وتسهم في تحقيق التنمية المنشودة. كما كنا ننتظر إجراءات تتجه نحو إرساء ثقافة الوقف وتشجيعه وتعزيز دوره التنموي وتشجيعه.
إننا إذ نتمنى أن يكون فقر تصريحكم الحكومي في هذا المجال ناجما عن سهو غير مقصود نأمل أن تعملوا على تداركه وتضمين برنامجكم للتدابير والبرامج العملية التي تترجم فعلا وصدقا تنصيصكم على المرجعية الإسلامية منطلقا لبرنامجكم الحكومي.
السيد الوزير الأول،
إننا إذ نؤكد من جديد انخراط حزبنا في الإجماع الوطني القائم حول قضية وحدتنا الترابية وراء جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وننضم إليكم في تحية وتقدير قواتنا المسلحة الملكية والدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة على تفانيها وتضحياتها في سبيل تثبيت وحدتنا الترابية نؤكد على ضرورة مراجعة سياستنا ورفع أدائنا في هذه القضية المصيرية، وهو ما يقتضي مجموعة من الإجراءات والتدابير نذكر منها:
* العمل على تفعيل دور الديبلوماسية المغربية الرسمية في الخارج وانتقال أداء ديبلوماسيتنا من رد الفعل إلى المبادرات.
* تفعيل دور الديبلوماسية الشعبية من خلال تشجيع جمعيات المجتمع العاملة في مجال دعم الوحدة الترابية والمهتمة بقضية الصحراء.
* إيلاء مزيد من العناية والاهتمام بقضية المحتجزين والأسرى وطرحها في جميع المحافل الدولية واللقاءات والمؤتمرات العالمية.
* العناية بأسر شهداء القوات المسلحة الملكية وتفعيل مقتضيات قانون مكفولي الأمة.
* إشراك الرأي العام الوطني باستمرار في متابعة تطورات القضية وتفعيل دور إعلامنا الوطني ومده باستمرار بالمعطيات ذات الصلة بتطور القضية.
* مواصلة الجهود المبذولة في مجال تحسين الأوضاع الاجتماعية لساكنة الصحراء ومزيد من التطوير للبنيات الأساسية.
وإذا كان تأكيد مغربية الصحراء من خلال اعتراف دولي هو الأولوية التي تحظى بالاهتمام الحكومي في هذه المرحلة، فإننا نؤكد أن قضية استكمال الوحدة الترابية بالنسبة لجميع المغاربة هي كل لا يتجزأ. ولذلك ندعو حكومتكم السيد الوزير الأول لدعوة الجارة الإسبانية لفتح حوار من أجل إنهاء الاستعمار لجيوبنا المحتلة في سبتة ومليلية والجزر المحتلة، والكف عن كل الاستفزازات التي تسيء إلى علاقات حسن الجوار وإلى المصالح المشتركة لبلدينا وشعبينا.
السيد الوزير الأول،
كما تعلمون فقد كان الشعب المغربي دوما في طليعة الشعوب العربية والإسلامية المساندة بدون قيد أو شرط لإخواننا في فلسطين وحقهم في إقامة دولتهم على كامل أرض وتراب فلسطين، كما قدم الشعب المغربي دوما كل أشكال الدعم المادي والمعنوي للشعب الفلسطيني كما قاتل جنود القوات المسلحة الملكية إلى جانب الأشقاء العرب لمواجهة العدوان الصهيوني. ولئن كنا نثمن ما جاء في تصريحكم من تضامن مع قضية الشعب الفلسطيني فإننا ندعوكم إلى دعم هذا التعاطف بمبادرات ومواقف عملية، خاصة في هذه الظروف التي تتميز بتنامي الإرهاب الصهيوني الموجه للشعب الفلسطيني أمام سلبية المواقف العالمية وتواطئ بعض الدول الكبرى، واستغلال الأوضاع التي عرفها العالم بعد أحداث الحادي عشر من شتنبر.
إن الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة من نضاله التحرري إن كان يحتاج إلى دعم مادي وإنساني لمواجهة أثار العدوان على أطفاله ونسائه ورجاله وبيوته ومنشآته، يحتاج قبل ذلك وبعده إلى دعم سياسي لنضاله المشروع وإلى التأكيد على حقه في المقاومة المشروعة والتمييز الواضح بينها وبين الإرهاب. ولذلك ندعو حكومتكم إلى فتح المجال أمام مختلف المبادرات الداعمة للشعب الفلسطيني ورفع كل العراقيل التي تقام في وجه التظاهرات المؤيدة له. كما ندعو إلى أن يكون الإعلام العمومي باستمرار في مستوى ما يفرضه التضامن مع الشعب الفلسطيني من تعريف متواصل بقضيته وتعريف بأوضاعه وفضح للسياسات العدوانية للكيان الصهيوني. كما ندعو حكومتكم إلى الالتزام بالمقررات الصادرة عن الجامعة العربية والقاضية بوقف كل اشكال التطبيع المباشر وغير المباشر مع الكيان الصهيوني.
السيد الوزير الأول،
لئن كنا نثمن ما ورد في تصريحكم من تأكيد على الحلول السلمية والاحتكام إلى الشرعية الدولية وتفادي اللجوء إلى القوة وتغليب للحلول السياسية والديبلوماسية ورفع معاناة الشعب العراقي من جراء الحصار المفروض عليه، إلا أننا نلاحظ للأسف الشديد أن منطق القوة هو الذي أصبح يعلو على منطق الشرعية الدولية، بل لقد رأينا كيف طوع هذا المنطق تلك الشرعية لفائدته حتى أصبح لاشيء يعلو على صوت الحرب.
إننا ندعو حكومتكم إلى موقف واضح يرفض رفضا قاطعا شن حرب على العراق ويؤكد على ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل بما في ذلك تلك التي تمتلكها إسرائيل، كما ندعو حكومتكم إلى رفع كل العراقيل في وجه المبادرات التضامنية مع الشعب العراقي الشقيق.
السيد الوزير الأول،
إن تعدد مشارب الحكومة وتعدد اختياراتها ومن تم افتقادها إلى رؤية سياسية منسجمة قد انعكست على تصريحكم الذي افتقد إلى رؤية ناظمة بين مختلف مكوناته وعناصره.
لقد جاء تصريحكم محملا بجملة من الوعود العريضة والبشائر الكثيرة ولئن كان زرع الأمل والتفاؤل شيئا محمودا من أجل تعبئة الرأي العام وراء البرنامج الحكومي فإنه يعكس غيابا للتشخيص الدقيق للمشاكل والإمكانيات والإكراهات وضعفا في الحلول الواقعية والتدابير العملية وهو ما قد يؤدي بالمجتمع إلى الإحباط في حالة عدم الوفاء بها.
لقد كان لافتا للانتباه أن حكومتكم مشكلة في الجزء الأكبر منها من نفس أحزاب الحكومة السابقة إلا أن تصريحكم لم يؤسس أهدافه وبرامجه على معطيات حصيلة الحكومة السابقة، كما أنه لم يعتمد على المخطط الخماسي المصادق عليه كمرجعية، بل إن هناك قطيعة مع البرنامج الحكومي السابق وهو ما يطرح إشكالية استمرارية عمل الحكومة كمؤسسة ويطرح مشكلة عدم التراكم والانتظام في العمل الحكومي.
لقد سجلنا السيد الوزير الأول على تصريحكم عدم سيره على منهجية واحدة في عرض برامجكم في مختلف القطاعات، فبينما كان يعطي أرقاما وتفاصيل في بعضها اكتفى في بعضها الآخر بعبارات عامة وفضفاضة، فضلا عن أن بعض المشاريع المدرجة في البرنامج الحكومي هي أصلا قيد الإنجاز ، مثلما هو الشأن بالنسبة للطريق المحوري للدار البيضاء وربط الدار البيضاء بالجديدة ... إلخ والغائب الأكبر في هذا المجال هو تحديد مؤشرات دالة في قياس مدى نجاعة العمل الحكومي والحكم عليه، مثل نسبة النمو التي تعتزم الحكومة تحقيقها خلال سنوات ولايتها ونسبة تقليص البطالة ونسبة رفع الاستثمارات والادخار الوطني.
كما أغفل برنامجكم بيان رؤية الحكومة في معالجة مشاكل قطاع المقاومة وقدماء جيش التحرير وهو قطاع طالما عانى من التهميش واللامبالاة في ظل الحكومات السابقة، الأمر الذي ألحق غبنا كبيرا برجال المقاومة وأعضاء جيش التحرير، وكان من المطلوب أم يتضمن برنامجكم إجراءات ملموسة لحل مشاكل هذا القطاع.
السيد الوزير الأول،
إن نجاح أي برنامج حكومي يتوقف أساسا على صلاح الإنسان باعتباره محور التنمية والفاعل الأساسي فيه. كما يتوقف على تخليق الحياة العامة التي تؤطر الجهود المبذولة في مجال التنمية وإن النجاح في مثل هذا الرهان من شأنه أن يعيد الثقة لدى المواطن ويحسن مناخ الاستثمار والتنمية ويصون موارد الدولة ويوقف النزيف المتواصل داخلها ويمكن من الاستغلال الجيد لها في تمويل مشاريع الإصلاح والتنمية. وإننا نسجل أن ما ورد في تصريحكم من إشارة إلى تخليق الحياة العامة قد جاء فيه ما يفيد نفي دور الدعوة إلى التشبث بالقيم الأخلاقية وتأكيدكم فقط على ما أسميتموه بالإجراءات العملية الصارمة وتفعيل الآليات القانونية والإدارية وتوعية المواطن وتعريفه بحقوقه وواجباته.
إننا إذا كنا نؤكد على أهمية تفعيل الآليات القانونية والإدارية واعتماد أسلوب التوعية فإننا نؤكد أيضا على أن نفي دور الدعوة إلى التشبت بالقيم الأخلاقية في هذا المجال يشكل خللا كبيرا في مجال التخليق. كما أننا لا نتصور نجاحا لعملية التوعية دون استناد على الرصيد الديني والخلقي والثقافي عند الإنسان المغربي.
ونسجل على تصريحكم السيد الوزير الأول أنه لم يأت بتدابير عملية من أجل تحقيق التخليق المذكور وعلى سبيل المثال مراجعة قانون التصريح بالممتلكات والقيم المنقولة وتفعيله ومراجعة نظام الامتيازات في مجال الصيد البحري ومقالع الرمال ورخص النقل وغيرها ...
إننا نتساءل في نفس السياق عما تعتزم الحكومة فعله من أجل إخراج ديوان المظالم إلى الوجود وتفعيله كأداة لحماية المواطن من شطط الإدارة واستشراء مظاهر الانحراف في ممارسة السلطة، كما نقترح عليكم في هذا الصدد إحداث خط أخضر لفضح المرتشين يكون رهن إشارة المتضررين من المواطنين. كما نقترح على مجلسنا الموقر تفعيل لجن تقصي الحقائق لبحث ملفات الفساد المستشري في بعض الإدارات والمؤسسات العمومية وغيرها.
إن ما ورد في تصريحكم من إجراءات هامة في مجال إصلاح الإدارة نعتبرها هامة إلا أنها تنطلق من مقاربة تقنية غابت عنها معالجة عدد من القضايا الكبرى ذات الارتباط بالإصلاح الإداري والتي دار حولها حوار بين كافة الفرقاء وكانت وستظل محل مطالب ملحة لفئات ومكونات واسعة من الشعب المغربي ومنها قضية تعريب الإدارة، ومراجعة نظام الامتيازات والأجور العليا وقضية التوقيت المستمر، وقضية الموظفين الأشباح وقضية العطلة الأسبوعية التي نرى أن تتحول إلى يومي الجمعة والسبت بدل السبت والأحد باعتبار قدسية الجمعة عند المواطنين المسلمين، وقدسية السبت عند المواطنين اليهود، وتفعيل بعض القوانين مثل قانون تعليل القرارات الإدارية ... وقضية إزالة التمييز ضد بعض المواطنين والمواطنات على أساس المظهر مثل اللحية والحجاب.
وفي الوقت الذي تحتاج فيه الإدارة إلى أطرها العليا نستغرب عدم شروع المعهد العالي للإدارة في القيام بواجبه في تكوين الأطر العليا المطلوبة بالرغم من مرور سنوات على إحداثه وتعيين مديره ومجلسه الإداري.
السيد الوزير الأول،
يعتبر القضاء بوابة أساسية للإصلاح باعتباره ضامن الحقوق والحريات والفاصل في النزاعات بين الأطراف وهو ما يفرض أن يتمتع بالنزاهة والمصداقية والفعالية باعتبارها شرطا ضروريا لإشاعة الطمأنينة والثقة بين المواطنين ومؤسسات المجتمع. وهذا يقتضي تكريس الاستقلال الفعلي للقضاء وتخليقه وتحديثه وتحفيز العاملين به وإعطاء الأحكام القضائية قوتها التنفيذية في مواجهة عموم الأشخاص وعلى رأسهم الإدارة. وهي مقومات ضرورية في إصلاح القضاء أغفل تصريحكم الإشارة إليها.
إننا نطالب بإلغاء المحاكم الاستثنائية وعلى رأسها محكمة العدل الخاصة ومحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، كما نطالب بإحداث مجلس الدولة كمؤسسة عليا للقضاء الإداري.
لقد عرفت السجون المغربية في السنوات الأخيرة عدة كوارث آخرها كارثة سجن سيدي موسى بالجديدة نتيجة الاكتظاظ وضعف المراقبة الإدارية عليها ومحدودية الإمكانيات البشرية والمادية المخصصة لها. ولذلك فإننا نستغرب اقتصار تصريحكم على فقرة من ثلاثة سطور لم تتضمن إجراءات محددة لتجاوز الوضعية المتردية للسجون. ولهذا نقترح عدة تدابير لمواجهة هذه الوضعية منها، اعتماد التربية الإسلامية لإعادة تأهيل السجناء للحد من العود إلى الجريمة، ووضع سياسية مندمجة للوقاية من الجريمة، واعتماد عقوبات بديلة بالنسبة لبعض الجرائم لمعالجة ظاهرة الاكتظاظ، وتوسعة مراكز الاعتقال وتعميمها في مختلف المناطق للتخفيف من معاناة السجناء وأسرهم.
أما بالنسبة لقطاع حقوق الإنسان، فإننا نلاحظ السيد الوزير الأول بأن ما جاء في التصريح الحكومي بشأنه جاء بألفاظ فضفاضة وعامة، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد بعض مظاهر التراجع عن مكتسبات، وأشير هنا إلى حالات الاختطاف والتعذيب والاعتقال التعسفي التي كان ضحيتها عدة مواطنين ، وإلى ما يقع بالنسبة لبعض وسائل الإعلام وبعض الصحفيين من تضييق. وأشير السيد الوزير الأول إلى أن هناك معتقلين سياسيين أو لأسباب سياسية تم استثنائهم من العفو الذي سبق أن تم خلال السنوات الماضية. وينبغي السيد الوزير الأول أن تعكف حكومتكم على تكريس التقدم الحاصل في مجال حقوق الإنسان، وألا تعتبر الجهود التي بذلت والمكتسبات التي حققت كافية للاطمئنان على أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، إنها مازالت في حاجة إلى مزيد من الصيانة و الضمان.
التربية والتكوين والثقافة:
يعتبر قطاع التربية والتكوين من القطاعات الاستراتيجية في الجهود التنموية المفروض على بلادنا أن تضطلع بها. ورغم الأهمية القصوى لهذا القطاع وكونه من الأولويات التي ينبغي أن ينصب عليها العمل الحكومي كما جاء في الخطاب الملكي عند افتتاحه لأشغال مجلسنا هذا،
* ورغم أن الميثاق الوطني للتربية والتكوين قد دعا إلى جعل العشرية الحالية عشرية للتربية والتكوين، فإننا نلمس أن هذا القطاع لم يأخذ من تصريحكم ما استحق من أهمية ولم يظهر في تصريحكم الالتزام بالتدبير الشمولي للإصلاح من خلال لوحة قيادة واضحة الأهداف والإجراءات والآفاق الزمنية وهي موجودة جاهزة في الخلاصات التي انتهت إليها اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين.
ومن الناحية الهيكلية نلاحظ قصورا في الاستراتيجية التي اعتمدتم عليها في تجميع القطاع إذ أغفلتم ضم قطاع التكوين المهني إلى هذا القطب مما سيستمر معه استحالة تحقيق أهداف الميثاق في إرساء شبكات التكوين.
* ومن ناحية أخرى نؤاخذ على تصريحكم في الأهداف القليلة التي أشرتم إليها والتي تجاوزت زمن التدبير الحكومي حيث نصصتم مثلا على نشر التعليم الثانوي / الإعدادي لتعميمه في أفق 2008 وتوسيع دائرة التعليم الثانوي / التأهيلي، سعيا إلى تحقيق هدف وصول60% إلى مستوى الباكلوريا في أفق 2010، دون أن تحددوا النسب التي تودون تحقيقها في السنوات الخمس لولاية الحكومة التي ترأسونها، في حين لم تنصوا على الالتزامات المفروض أن تقوم بها حكومتكم كما نص على ذلك الميثاق مثل تعميم التعليم بالنسبة للأطفال الذين هم في سن ست سنوات خلال سنة 2002 وتعميم التعليم الأولي في أفق سنة 2004، وانطلاق أكاديمية محمد السادس للغة العربية التي كان من المفترض أن تنطلق سنة 2001.
* كما نؤاخذ على تصريحكم أنه أشار إلى عزمكم على مواصلة تنفيذ برنامج التربية غير النظامية دون الإشارة إلى المشاكل التي يتخبط فيها أو إلى الإجراءات التي ستتخذ من أجل معالجتها. كما أنكم لم تحددوا وتيرة تكثيف برامج محو الأمية والأفق الزمني للقضاء عليها علما بأن المعدل المرتفع للأمية يشكل أهم مؤشر سلبي لتصنيف المغرب في المراتب المتأخرة من سلم التنمية البشرية.
* إننا إذ نثمن تأكيدكم على العزم على تحسين جودة التعليم نلاحظ أنكم اقتصرتم على المناهج والبرامج وإدخال تكنولوجيا الإعلام في حين أغفلتم جانبا آخر لا يقل أهمية وهو جودة المؤسسات والوسائل والدور الجوهري للموارد البشرية من خلال عنصري التكوين والتحفيز.
* وإذا كنا نسجل بإيجابية كونكم جعلتم من تحسين التدبير التربوي محورا من المحاور الأساسية لبرنامجكم في قطاع التربية نظرا لأهمية هذا العنصر في إنجاح إصلاح النظام التربوي وتحقيق أولوية التعليم النافع، إلا أن التصريح قد خلا من الإشارة إلى آليات التدبير الكفيلة بتطوير وتحسين أداء النظام التربوي واقتصر على مواصلة وضع الهياكل الجامعية.
* وعلى صعيد البحث العلمي فإننا نؤاخذ على تصريحكم عدم تحديد مؤشر لتمويل البحث العلمي وعلاقته بالسقف الذي حدده الميثاق الوطني للتربية والتكوين أي 1% من الناتج الداخلي الخام (PIB)، كما نسائلكم السيد الوزير الأول عن مصير أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات كمؤسسة مكلفة بتحديد السياسة الوطنية في البحث العلمي.
* أما فيما يخص الشباب فإننا نؤاخذ على تصريحكم فضلا عن غياب تدابير ملموسة وواضحة للنهوض بهذا القطاع الذي يمثل أكثر من 60% من ساكنة المغرب اختزاله للبرنامج الحكومي الموجه للشباب في تدبير الوقت الثالث لا غير، بدل اعتماد مقاربة شمولية تعتبر الشباب عنصرا أساسيا في التنمية الشاملة. كما أن تصريحكم قد جاء خاليا من أي إشارة لقطاع الطفولة.
* أما بالنسبة لقطاع الرياضة الذي يتخبط في أزمات بنيوبة ويعاني من مشاكل متعددة، فإننا نلاحظ أنه من شأن الموقع الذي أخذه في الهيكلة الحكومية وإسناده إلى مندوبية سامية عوض وزارة أن يؤدي إلى إضعاف القطاع وجعله بمنأى عن المتابعة المستمرة والرقابة البرلمانية المباشرة. كما نلاحظ أن تناولكم لهذا القطاع قد جاء على شاكلة كثير من القطاعات الأخرى إذ خلا تصريحكم من تدابير ملموسة سواء من أجل تطوير القطاع من أجل إرساء التجهيزات الأساسية والبنيات اللازمة وصيانتها أو من حيث التسيير الشفاف لمختلف فروعه خاصة وأن المغرب قد وضع ترشيحه لمونديال 2010 وما يقتضيه ذلك من برمجة إنجازات رياضية وبنيات تحتية تدعم ملف الترشيح. كما خلا تصريحكم من أية إشارة لما تنوون إنجازه في مجال العناية بالأطر الرياضية باعتبارها هي التي تؤطر المواهب وتبرز نبوغ الأبطال الرياضيين.
أما فيما يخص قطاع الثقافة فإننا نلاحظ على تصريحكم غياب معالم سياسية ثقافية واضحة وأولويات واستحقاقات مرقمة تأخذ بعين الاعتبار مقوماتنا الدينية والحضارية والبعد التنموي للثقافة، وتعمل على نشر ثقافة وطنية ملتزمة بعيدا عن تكريس ثقافة الميوعة والخرافة وتختزل رصيدنا الثقافي والحضاري في مظاهر فلكلورية. كما أن العناية بالثقافة الامازيغية تحتاج إلى برامج عملية خلافا لما كان عليه السابق.
وأن النهوض بأوضاع المرأة المغربية يحتاج إلى مقاربة شاملة ومندمجة ترتكز على المرجعية الإسلامية مما يحافظ على هوية الأسرة المغربية وتماسكها ويؤدي إلى إدماج أكبر للمرأة في حركة المجتمع بمختلف مجالاته ومستوياتهن ونرجو أن تندرج أعمال اللجنة الاستشارية الملكية لمراجعة مدونة الأحوال الشخصية في هذا الاتجاه الإيجابي.
السيد الوزير الأول،
لقد اختار البرنامج الحكومي أن يشتغل بالأساس على محورين اثنين وهما: البنية التحتية وتأهيل الاقتصاد، وإذا كان لهذا الاختيار ما يبرره موضوعيا،فإنه لا يجوز إهمال الأدوار الأخرى التي يجب أن تضطلع بها الدولة،والتي لا بديل عنها في الوقت الحاضر، خاصة منها الخدمات الاجتماعية إضافة إلى تحريك الاستثمار وتنشيطه بواسطة تدخلات مركزة تمكن من اجتذاب الرأسمال الخاص الوطني والخارجي. وفي تحقيق النمو المستديم وتوزيع ثمراته بشكل عادل.
وإن الاستغناء عن الإشارة إلى مؤشر النمو المتوخى تحقيقه غير مبرر، اللهم إلا إذا كانت الحكومة تعتبر أن مسؤوليتها هي مسؤولية تعبئة وسائل وليست مسؤولية تحقيق أهداف.
إنه حتى لو اعتبرنا أن البرنامج برنامج تعبئة وسائل، فإننا نلاحظ أن الوسائل المدرجة في البرنامج تبقى محدودة إذ اكتفى بمجال تقوية وتحديث الشبكات الكبرى للبنيات التحتية على أربعة وسائل، وهي:
1. إنجاز المركب الصناعي والتجاري حول ميناء طنجة.
2. مواصلة إنجاز 400 كلم من الطرق السيارة ما بين 2003 و2007.
3. مواصلة إنجاز المشروع الرابط بين طنجة والسعيدية.
4. إنجاز المخطط الخاص بتحديد شبكة السكك الحديدية.
وهي وسائل لاحظنا عليها أنها بالإضافة إلى كون أغلبها في طور الإنجاز فإنها تبقى محدودة الأثر بحكم حجمها وطابعها المحلي أو الجهوي. فعلى سبيل المثال: فإنه بخصوص المحور الدائري للدار البيضاء فإن إنجازه على وشك الانتهاء.
أما المركب الصناعي والتجاري حول مشروع ميناء طنجة المتوسطي فإن كل الدراسات الخاصة به جاهزة.
كما أن الوسائل المتعلقة بمحور تأهيل النسيج الاقتصادي الوطني حصرها هذا البرنامج في ثلاث وسائل:
1. إحداث صندوق لتأهيل المقاولة.
2. تفعيل صناديق الضمان الموجودة.
3. تحريك رؤوس الأموال المخاطرة.
وهي وسائل تبقى محدودة ولا يمكن التعويل عليها وحدها في تأهيل النسيج الاقتصادي الوطني.
السيد الرئيس،
إن بلادنا تقف على أبواب زمن المنافسة القوية الناتجة عن اتفاقية التبادل الحر سواء مع الاتحاد الأوربي أو الولايات المتحدة الأمريكية أو في إطار منظمة التجارة العالمية وهو ما يفرض تأهيل المقاولة الوطنية تأهيلا يجعلها محصنة بالقدرة التنافسية اللازمة. وهذا لا يتأتى إلا بمقاربة شمولية تستحضر كافة الوسائل الكفيلة بذلك، إلا أن البرنامج الحكومي اعتمد وسائل من مثل صناديق الضمان التي فشلت في تأهيل المقاولة الوطنية لأن الأمر يتطلب تمويلا مباشرا من الدولة. ومع ذلك فإننا نثمن إحداث صندوق لتأهيل المقاولة قد أثبتت تجارب بعض البلدان جدوى ونجاعة مثل هذا الصندوق.
السيد الرئيس،
إن الإصلاح الجبائي أصبح ضرورة ملحة بحكم ما تعرفه وما ستعرفه الموارد الجمركية من تراجع بحكم اتفاقية التبادل الحر وتراجع الموارد الاستتثنائية للخوصصة.
لذلك فإننا نسجل إيجابية توجه التصريح نحو مراجعة النظام الجبائي ليكون أكثر عدالة وتوسيع قاعدة الوعاء الضريبي وجعل الجميع يساهم بصفة متوازنة ومتناسبة مع مستويات الدخل في العبئ الضريبي الوطني، إلا أننا بالإضافة إلى ذلك نقترح رفع الغموض الذي يكتنف بعض النصوص الضريبية والذي يترك هوامش للتأويل والتعسف في بعض الأحيان مما يؤدي إلى التمييز بين الملزمين ووضع رؤيا شاملة ومندمجة لسياسة الإعفاءات التي تخضع في الغالب لضغوط لوبيات مستفيدة هذا إضافة إلى متطلبات تحديث الإدارة الضريبية وعصرنتها ومدها بالموارد البشرية الكافية والمؤهلة .
هذا وننبه إلى ضرورة وضع سقف للأجور العليا في الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية وشركات الدولة حتى لا يؤدي تخفيض النسب الضريبية إلى الزيادة في هذه الأجور.
إن الجدير بالذكر أن قطاعات إنتاجية في غاية الأهمية مثل الفلاحة والصناعة والصيد البحري والطاقة والمعادن والتجارة الداخلية والخارجية والتقنيات الجديدة للاتصال والإعلام لم يحطها التصريح الحكومي بالمعالجة ولم يبسط تصوراته لتدبيرها والرفع من مردوديتها واكتفى بإيرادها كأمثلة في معرض الحديث عن دعم وتأهيل القطاعات التي تتوفر في البلاد على امتيازات وقدرة تنافسية.
إن ما أشار إليه التصريح الحكومي من تخصيص الدعم والتأهيل للقطاعات الاقتصادية التي تتوفر في بلادنا على امتيازات وقدرات تنافسية والقطاعات المصدرة يثير الملاحظات التالية:
أولا: إن معنى ذلك أن المقاولات التي لا تندرج في القطاعات الاقتصادية المذكورة لن تحظى بأي دعم أو تأهيل وبالتالي ستترك لمصيرها، هذا في الوقت الذي ستدخل هذه المقاولة مناخ التنافس على مستوى السوق الوطني، وهذا ما يجعل التمييز بين القطاعات المصدرة وغيرها الوراد في التصريح متجاوزا إذ يفترض أن القطاعات المصدرة وحدها المعرضة للمنافسة على خلاف غيرها وكأنها ستظل مستفيدة من التدابير الحمائية.
ثانيا: لقد أعرض التصريح الحكومي عن إيلاء القطاع الفلاحي الأهمية التي تليق بمكانته الاقتصادية والاجتماعية حيث يستنتج من ذلك تراجع التصريح الحكومي عن الأولوية التي حظي بها في السياسات الحكومية السابقة والذي أدى إلى تحميل الدولة أعباء مالية ضخمة تمثلت في التجهيز الهيدرو فلاحي للأحواض المسقية الشيء الذي أنعش الزراعة الصناعية التصديرية خصوصا وأن بعض السدود ما زالت تفتقر إلى التجهيزات الخارجية والموارد البشرية المالية الكافية لضمان صيانتها. وفي هذا الإطار أيضا لم يوضح البرنامج الحكومي رؤيته لموضوع ندرة الماء المتفاقمة في ظل الجفاف البنيوي الذي أصبحت بلادنا تعاني منه وإن كنا نحمد الله على ما رزقنا من ماء هذه الأيام سائلين خيره ومتعوذين من شره . وفي هذا الإطار نقترح استعمال الطاقة النووية في تحلية ماء البحر.
وإننا نلح على ضرورة إرجاء تحرير القطاع الفلاحي في إطار اتفاقية التبادل الحر وذلك إلى حين تأهيل الاقتصاد القروي.
ثالثا: لقد ركز التصريح الحكومي على السياحة الخارجية وأهمل السياحة الداخلية رغم أهميتها خصوصا وأن الكثير من المواطنين المغاربة أصبحوا يلجأون إلى السياحة الخارجية بسبب عدم وجود سياسة سياحية داخلية مستجيبة لحاجاتهم وإمكاناتهم فضلا عن تعاظم دورها إبان الأزمات السياحة الخارجية.
ونلاحظ على التصريح أنه لم يورد تدابير من شأنها إعطاء السياحة الخارجية طابعا نظيفا يستجيب لقيم البلاد، ويوجهها لتكون سياحة ثقافية بامتياز وخصوصا مع المخزون الطبيعي والثقافي الغني لبلادنا.
رابع: إنه وعلى الرغم من الأهمية القصوى للطاقة في تطوير الاقتصاد الوطني فإن التصريح الحكومي لم يتطرق لأية سياسة طاقية، كما أن التصريح الحكومي لم يوضح معالم السياسة الحكومية المزمع قيامها في تدبير قطاع الصيد البحري خصوصا في جانبه المتعلق بمستقبل العلاقة مع الاتحاد الأوربي بهذا الشأن خاصة بعد تجديد الاتفاق مع روسيا.
وإن مما يسجل على التصريح الحكومي أيضا عدم إشارته إلى قطاعي الخدمات والمعادن ومعالجته المقتضبة لقطاع الصناعة التقليدية. كما أنه لم يحدد موقفا من نتائج الحوار الوطني حول إعداد التراب الوطني وكيفية استثمارها خاصة وأنه استغرق أكثر من أربع سنوات ورصدت له موارد مالية وبشرية مهمة.
ومثل ذلك موضوع البيئة الذي وضعت بشأنه خطة وطنية حيث لم يضع البرنامج الحكومي أية إجراءات أو تدابير لتنزيل هذه الخطة خلال الخمسية المقبلة خاصة في ظروف يعرف فيها المجال البيئي تدهورا سواء من حيث ندرة مصادر المياه أو تلوثها أو تدهو حالة التربة وتقلص الغطاء النباتي وازدياد ظاهرة التصحر والتضرر المتزايد للتنوع البيولوجي إضافة إلى تلوث الهواء المتزايد في المدن الكبرى.
السيد الرئيس،
السيد الوزير الأول،
إن إعلان التصريح الحكومي على العزم على تمديد خدمات ومصالح الأمن لتشمل تدريجيا المدن والمراكز غير المغطاة، وتدعيم وتطوير التجهيزات الأمنية وتحسين الوضعية المادية لرجال الأمن لرفع من أداء هذا الجهاز خدمة للصالح العام لهو مما نعتبره توجها إيجابيا خاصة في ظروف أصبح الإحساس بضعف الأمن متناميا لدى المواطنين.
السيد الوزير الأول،
إن الاختلالات التي لاحظناها في تركيبة الحكومة وجوانب النقص التي تكتنف تصريحكم الحكومي، تجعلنا نتخوف من أن تنتهي التجربة الحكومية الحالية إلى نفس ما انتهت إليه التجربة الماضية من بطء وارتباك وتنازع في الاختصاصات وفشل في فتح الأوراش الكبرى ومعالجة الاختلالات الاجتماعية المتفاقمة وغيرها.
وها هم ضحايا شركة النجاة الإماراتية الذين يعدون بعشرات الآلاف من أبناء الشعب المغربي وآلالاف المعلمين العرضيين معتصمين الآن أمام البرلمان، والذين نكتت الحكومة السابقة كل وعودها معهم، وبقي كثير منهم دون أداء تعويضاتهم المستحقة لأكثر من سنة، هاهم هؤلاء الضحايا شواهد حية على صواب معارضتنا لسياسات الحكومة السابقة. ولذلك نؤكد أن شعارات التغيير والإصلاح لم تكن كافية ليكون الإنجاز في مستوى الانتظارات، وهو ما يجعلنا نطالبكم السيد الوزير الأول وحكومتكم أن تستحضروا أن الحكومات السابقة لم تكن مشكلتها في البرامج فقط وإنما في إرادة الإصلاح وفي الترفع عن الأنانيات والمصالح الشخصية والحزبية في محدودية تجند أعضائها وحماسهم لتحقيق البرامج والوعود لذلك فإننا نأمل أن تكون حكومتكم خيرا من سابقاتها قوية منسجمة وفعالة وهذا ما سنسعى في فريق العدالة والتنمية من موقع المعارضة الناصحة والبناءة إلى الحرص على أن تكونوا عليه.
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.