اجتماع بوزارة الداخلية لتحديد معايير المدعوين لأداء الخدمة العسكرية برسم الفوج المقبل للمجندين    إقليم الصويرة: تسليط الضوء على التدابير الهادفة لضمان تنمية مستدامة لسلسلة شجر الأركان    عقب قرارات لجنة الأندية بالاتحاد الإفريقي.. "نهضة بركان" إلى نهائي الكونفدرالية الإفريقية    مجلس جماعة أولاد بوبكر يصادق بالإجماع على نقاط دورة ماي وغياب الأطر الطبية أبرز النقاط المثارة    مهرجان أيت عتاب يروج للثقافة المحلية    الجيش الملكي يُخرج بركان من كأس العرش    الكعبي يتألق في أولمبياكوس اليوناني    الإبقاء على مستشار وزير العدل السابق رهن الاعتقال بعد نقله إلى محكمة تطوان بسبب فضيحة "الوظيفة مقابل المال"    تطوان: إحالة "أبو المهالك" عل سجن الصومال    رسميا.. اكتمال مجموعة المنتخب المغربي في أولمبياد باريس 2024    بوريطة يتباحث ببانجول مع نظيره المالي    كأس العرش لكرة القدم.. الجيش الملكي يبلغ ثمن النهائي بفوزه على نهضة بركان بالضربات الترجيحية 8-7    عمور.. مونديال 2030: وزارة السياحة معبأة من أجل استضافة الفرق والجمهور في أحسن الظروف    تفكيك مخيّم يثير حسرة طلبة أمريكيين    وفاة المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي اثر سكتة قلبية    حجز زورق ومحركات.. الديستي وأمن الحسيمة يوقفان 5 أشخاص تاجروا بالمهاجرين    الملك يعزي بن زايد في وفاة طحنون آل نهيان    العقائد النصرانية    تنفيذ قانون المالية يظهر فائضا في الميزانية بلغ 16,8 مليار درهم    الأمثال العامية بتطوان... (588)    قرار بعدم اختصاص محكمة جرائم الأموال في قضية اليملاحي وإرجاع المسطرة لمحكمة تطوان    أمطار طوفانية تغرق الإمارات وتتسبب في إغلاق مدارس ومقار عمل    أول تعليق من حكيمي بعد السقوط أمام بوروسيا دورتموند    مركز دراسات.. لهذا ترغب واشنطن في انتصار مغربي سريع في حال وقوع حرب مع الجزائر    تركيا تعلق المعاملات التجارية مع إسرائيل    أوروبا تصدم المغرب مرة أخرى بسبب خضر غير صالحة للاستهلاك    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة    ها التعيينات الجديدة فمناصب عليا لي دازت اليوم فمجلس الحكومة    بايتاس رد على لشكر والبي جي دي: الاتفاق مع النقابات ماشي مقايضة وحنا أسسنا لمنطق جديد فالحوار الاجتماعي    أزمة طلبة الطب وصلت ل4 شهور من الاحتقان..لجنة الطلبة فتهديد جديد للحكومة بسنة بيضاء: مضطرين نديرو مقاطعة شاملة    فوضى «الفراشة» بالفنيدق تتحول إلى محاولة قتل    ارتفاع حصيلة القتلى في غزة.. واعتقالات في الضفة الغربية    "الأمم المتحدة" تقدر كلفة إعادة إعمار غزة بما بين 30 إلى 40 مليار دولار    المخزون المائي بسدود الشمال يناهز مليار و100 مليون متر مكعب    مجلس النواب يعقد الأربعاء المقبل جلسة عمومية لمناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة    باحثون يكتشفون آليات تحسّن فهم تشكّل الجنين البشري في أولى مراحله    بذور مقاومة للجفاف تزرع الأمل في المغرب رغم انتشارها المحدود    النفط يتراجع لليوم الرابع عالمياً    طاهرة تودع مسلسل "المختفي" بكلمات مؤثرة        رسميا.. جامعة الكرة تتوصل بقرار "الكاف" النهائي بشأن تأهل نهضة بركان    مؤسسة المبادرة الخاصة تحتفي بمهرجانها الثقافي السادس عشر    البرلمان يستعرض تدبير غنى الحضارة المغربية بالمنتدى العالمي لحوار الثقافات    إلقاء القبض على إعلامية مشهورة وإيداعها السجن    آبل تعتزم إجراء تكامل بين تطبيقي التقويم و التذكيرات    تسرب الوقود من سفينة بميناء سبتة كاد يتسبب في كارثة بيئية    الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    مسؤولة في يونيسكو تشيد بزليج المغرب    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" يعلن عن أسماء الفائزات والفائزين بجائزة "الشاعر محمد الجيدي" الإقليمية في الشعر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الرئيس الكولومبي يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    عبد الجبّار السحيمي في كل الأيام!    العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين أكادير والرباط    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الأمثال العامية بتطوان... (586)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشهد واللحظة في “رسائل على الميسنجر” للقاص المغربي يونس شفيق
نشر في بيان اليوم يوم 07 - 02 - 2020

يمكن للقصة القصيرة أن تكون نقطة لامعة في مجرى السرد، من خلال امتلاك ناصية أصول الحكي من شخوص وأحداث، إضافة إلى أمكنة مهندسة وأزمنة مستقطعة، أي متداخلة ومتنوعة. وإذا حصل، يأتي السرد مرتبا ضمن حكاية، لها مراحلها وأبوابها صوب داخلها وخارجها. وقد يبدو الأمر جليا في المجموعة القصصية المعنونة ب ” رسائل على الميسنجر” للقاص يونس شفيق، أضمومة اختار صاحبها نهجا خطيا، في تقديم اختلالات اجتماعية وثقافية، بلغة سردية تسوق المحكيات، استنادا على عين السارد. في هذا السياق، قد يكون السارد مشاركا في صنع الأحداث، ماسكا بالخيط الناظم والرابط بين مراحل الحكي الذي يبدأ هادئا، فيتحول إلى تشابك يفضي لتشابك في النهاية. وبالتالي، فالنهايات لا تعتبر انفراجا وحلا ، بل تعميقا لسؤال أو احتمال. كما أن السارد قد يختار نقطة ما، يصف من خلالها شخصية مركزية. في هذه الحالة، فالحاكي يربط بين المشاهد، دون التدخل في سير الأحداث. في كل الأحوال، المجموعة تسند الوصف بشكلين هنا، الخارجي منه المركز على المظاهر و الملامح؛ و الداخلي المتعلق بالخلجات والحالات النفسية. مما أدى حقا، إلى نوع من الاستبطان والاستغوار الذي أبرز لحظات نفسية واجتماعية ضمن مفارقات. وهو ما يؤكد أن المجموعة على تنوع قصصها، تنتقي الفكرة ( حب ، سغر، طفولة ، كتابة ، موت …) وهي عبارة عن حادثة تقع في الظل، يتم إبرازها على ضوء متخيل، فتتحول إلى مشهد لصيق بشخصية مركزية. في هذا المسار السردي، يبدو السارد منخرطا في الفعل كتفاصيل، حاملا لرغبة أو طموح. لتنتهي القصص مفتوحة على احتمالات تستدعي القارئ، للتأمل والمشاركة في ملء الفارغات و البياضات. نقرأ في مجموعة “رسائل على الميسنجر” في قصة ” تغاضن حليمة عن عادتها القديمة ” ص 27: “منذ أن تعلمت الخط بالقلم، لم تتوقف عن البوح، كل يوم و لحظة ترصع بياض الورقة بالجمال، بحروف مرتبة و متناغمة. تقرض الشعر وتنسج القصص بإبداع و مهارة . لا تحس شيئا بقدر ما تبرع في الكتابة التي عشقت منذ الصبا. حليمة لم تتسلق يوما إلى كاتب أو ناشر. لم تعرض جسدها مقابل دعوة للمشاركة في مهرجان . كان إيمانها العميق بمبادئها الخلاقة عائقا في عدم بروز موهبتها للجميع، يطالها التهميش من كل صوب. لماذا جل المثقفين نخر النفاق مبادئهم؟”.
بناء على ذلك، تتوغل المجموعة هذه في التقنيات السردية بمقدار وتحفظ . انتصارا للأسئلة الكبرى في المجتمع و الحياة. يتحول معها السرد إلى أداة بحث وغوص، بل إلى تأمل فيما يجري ويعتمل في الوقائع التي لها امتداداتها وإحالاتها القوية على البيئات المحتقنة والغاصة بالتناقضات. في هذه الحالة، تتحول القصة القصيرة إلى سفيرة فضح و كشف لأوجه الغرابة التي قد تفوق حدة غرابة السرود. ورد في نفس المجموعة، من قصة “رغيف أبيض” ص 55 : ” في تلك القرية الجبلية السحيقة حيث الأكواخ تستضيء بشموع الأمل وتحارب الألم في صمت، طفل صغير يلسع الخواء بطنه . ينبطح على الأرض . يتلوى عريان كأفعى من شدة حاجته للأكل، لشيء يسد به رمقه، يخفف من وطأة ألمه، يبكي ويصرخ بكامل ما تبقى من قوته كسجين يبرحه جلاد لا قلب له، لا يرحم …مؤلم جدا أن تجرب هذا الإحساس، الإحساس بالحاجة لأن تأكل فقط ..”.
غير خاف، بعد هذا العرض، أن الفكرة تتحول إلى مشهد، وهذا الأخير يكون غاصا بالرغبات والمشاعر تحت ركام المعاناة التي تسقط السماء إلى وحل الواقع. في هذا السياق، تنبني الحكاية كمشاهد متقارعة، ضمن سير خطي للسرد، لكنها خطية مليئة بانكسارات من نوع آخر، يتعلق الأمر بتعميق اللحظات النفسية ، بواسطة وصف يوقف الزمان ، فتبرز البواطن ، عبر حركات أو إشارات. كما أنها خطية صيغت بغير معناها التقليدي، من خلال تشابك يتطور إلى الأمام . حتى لتبدو القصة عبارة عن حبكة منذ بدايتها.
لا تفوتني هذه الوقفة، دون الإشارة إلى النفس الساخر في المجموعة، من خلال التأمل في أشياء غدت غريبة . منها فعل الموت؛ وأيضا علاقة العالم الافتراضي بالواقع، فضلا عن موضوع الحب بين الاستهلاك الغريزي و المثال ، باعتباره سموا و نبلا. نفتح المجموعة على نهاية قصة ” في حضرة الأشباح ” ص48 : ” صفق الحاضرون و رفع البعض شارات النصر ،ضمتني الأشباح إليهم و أثنوا عني عبارات المديح ، و لأول مرة أرى الدموع في عيونهم، لم أكن أعرف أن الأشباح أيضا تبكي ، حبيبتي لم تبك يوما ، لكنها بكت اليوم و أبكتني معها. عانقتني عناقا حارا وودعتني و سافرت إلى عالمها الحقيقي”.
يونس شفيق واحد من الشباب الذي أتى للكتابة عن حب وجهد، لذا فإنه يسامرها على الجفن ويغذيها بسفره على الأرض وفي الأدب أيضا. ولي اليقين، أنه سيخطو خطوات ترسخ قدمه وتجلي خصوصيته في القادم من القصة. لا بد، إذن، من تلك المطاردة لسراب مربع يدعى “قصة”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.