بعد إطلاق سراح بوعلام صنصال، يأمل المقربون من غليز والداعمون له، أن يلقى الصحافي البالغ من العمر 36 عامًا، والمحتجز في الجزائر منذ أكثر من أربعة أشهر، المصير عينه. وكان قد حُكم عليه في 29 يونيو 2025 بالسجن سبع سنوات بتهمة "تمجيد الإرهاب"، ومن المقرّر أن يمثل أمام محكمة الاستئناف مطلع دجنبر. ويقول محاميه إيمانويل داود "لا يزال كريستوف غليز صامدًا"، مضيفًا أن "لديه أملا بإقناع القضاة بحسن نيّته. فهو مجرد مراسل رياضي شغوف بعمله، جاء لإعداد تقرير عن كرة القدم الجزائرية". بدأت القضية في ماي عام 2024، عندما وصل كريستوف غليز، المتعاون بانتظام مع مجلتَي So Foot و Society، إلى الجزائر لإعداد تقرير عن نادي "شبيبة القبائل"، أحد أكبر الأندية في البلاد. وكان الصحافي المستقل ينوي أيضًا إعداد تقرير عن سيرة لاعب اغتيل في التسعينات وإجراء مقابلة مع المدرب الفرنسي لنادي "مولودية الجزائر". وفي 28 ماي، أثناء توجهه إلى ولاية تيزي وزو الجزائرية لإعداد تقريره عن نادي "شبيبة القبائل"، أوقفته الشرطة. أبدى الدبلوماسيون الفرنسيون تفاؤلهم حينها، إذ إنّ الصحافي دخل البلاد بتأشيرة سياحية من دون تصريح صحافي، وبالتالي كان يُفترَض أن يقتصر الأمر على طرده من الأراضي الجزائرية. لكن بعد بضعة أيام، علم المقربون منه أنه وُضع تحت الرقابة القضائية، ومُنع من مغادرة البلاد. وتزايدت التهم الموجهة إليه وبات ملاحقًا بتهمة "تمجيد الإرهاب" و"حيازة منشورات بغرض الدعاية من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية". وتتهم السلطات الجزائرية غليز بالتواصل، في عامي 2015 و2017، مع أحد مسؤولي "حركة تقرير مصير منطقة القبائل"، التي صنفتها السلطات الجزائرية منظمة إرهابية عام 2021. ويرى تيبو بروتان، المدير العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، التي تقود منذ أشهر حملة للمطالبة بالإفراج عنه، أن هذا الاتهام "لا أساس له". ويضيف: "كان كريستوف غليز يركّز على كرة القدم من منظور اجتماعي، ولم يكن داعمًا للقوى السياسية التي تواصل معها. هذا الاتهام يعكس سوء الفهم لطبيعة العمل الصحافي". ولأكثر من عام، كان الصحافي المستقل يحضر بانتظام إلى مركز الشرطة. واختار المقربون منه المحافظة على السرّية، اتباعًا لنصائح وزارة الخارجية الفرنسية لتجنّب أي تسييس للقضية. لكنّ إدانته من قبل محكمة تيزي وزو، في يونيو 2025، بالسجن سبع سنوات نافذة، غيّرت المعطيات. وجاء هذا الحكم في ظلّ أزمة حادة بين الجزائروفرنسا، شملت طرد دبلوماسيين من الجانبين وتجميد كل أشكال التعاون بين البلدين. وأدّت هذه الإدانة، التي تناقلتها منظمة "مراسلون بلا حدود" ومجموعة So Press الفرنسية الناشرة للمجلة التي يعمل غليز لصالحها، إلى تعبئة واسعة. كثفت "مراسلون بلا حدود" تحرّكاتها: فظهرت صور الصحافي في طواف فرنسا للدراجات الهوائية (Tour de France)، وفي عدة ملاعب من دوري الدرجة الأولى الفرنسي، وفي مهرجانات موسيقية مثل (روك آن سين) (Rock en Seine). ويشير تيبو بروتان إلى أنّ "الدعم الذي يتمتع به الصحافي يشمل الجميع، من عالم الرياضة إلى المجال الثقافي". ويضيف: "تعاطف المواطنين مع القضية يعطي الكثير من الأمل". وفي مدينة أجان الفرنسية، مسقط رأسه، رُفعت لافتة كُتب عليها #FreeGleizes على واجهة مبنى البلدية. وفي نهاية سبتمبر، شاركت 16 كلية إعلام في تحرّك مؤيد له عبر رفع لافتات وتنظيم محاضرات. كما حصدت عريضة من أجل إطلاق سراحه، أكثر من 22,000 توقيع. أما والداه اللذان تمكّنا من زيارته مرّتين خلال غشت، فقد لاحظا أنّه يحافظ على "معنوياته" لكنه "يشعر بالانعزال عن العالم". غليز هو اليوم الصحافي الفرنسي الوحيد المحتجز خارج بلاده. المتخصص في كرة القدم الأفريقية، أمضى جزءًا من حياته في القارة حيث أعدّ الكثير من التقارير الصحافية. ومنذ أكثر من 12 عامًا، يعمل لصالح مجلتَي So Foot و Society. يصفه زملاؤه في So Foot بالشخص "المرح، والحرّ، والبشوش، والكريم والمفعم بالحيوية، مهما كانت الظروف". من جهة أخرى، بعد العفو الذي منحه إياه الرئيس الجزائري، زار الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال برلين لتلقي الرعاية الطبية، وعاد الثلاثاء إلى فرنسا. وأفاد بيان رسمي أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قرر "التجاوب إيجابيًا" مع طلب نظيره الألماني فرانك-فالتر شتاينماير، بخصوص "إجراء عفو لفائدة بوعلام صنصال". ويُفترض أن يُحدث هذا القرار تغييرًا في دينامية العلاقات بين باريسوالجزائر. من جهته، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو أنه "يتابع باهتمام" وضع كريستوف غليز، "ويأمل في إطلاق سراحه قريبًا"، فيما ذكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن "المواطن كريستوف غليز لا يغيب عن باله". وخلال مقابلة مع قناة BFM TV-RMC، تطرّق السفير الفرنسي في الجزائر ستيفان روماتيه، أيضًا إلى مصير الصحافي قائلاً: "نأمل التوصّل إلى حلّ حكيم يصب في مصلحة كريستوف غليز." على الصعيد السياسي، تزايدت الدعوات لإطلاق سراحه من الأحزاب اليمينية واليسارية على حدّ سواء: الحزب الاشتراكي (PS)، حزب التجمع الوطني (RN)، حزب فرنسا الأبية (LFI)، الحزب الشيوعي الفرنسي (PCF)، وحزب الخضر الفرنسي (EELV)… جميعهم أعربوا عن تضامنهم. وعلى عكس الكاتب الفرنسي-الجزائري بو علام صنصال، لا يستطيع كريستوف غليز في الوقت الحالي أن يأمل في الحصول على عفو رئاسي. فلن تتاح له هذه الفرصة إلا بعد صدور الحكم النهائي بحقّه. في الثالث من دجنبر، سيتولّى الدفاع عن كريستوف غليز محامياه الاثنان: الجزائري عميروش باكوري، الذي يزوره بانتظام في سجن تيزي وزو، والفرنسي إيمانويل داود. ويقول الأخير: "أفكر في الموضوع كل يوم. أتمنى أن يقضي كريستوف غليز أعياد الميلاد مع والديه وشريكته، وأن يستأنف عمله كصحافي." ويصل داود إلى الجزائر نهاية نوفمبر للتحضير للمحاكمة، مؤكدًا ثقته ب"استقلالية القضاء".