عهد جديد للعلاقات المغربية- السورية.. اتفاق على استئناف العلاقات وفتح السفارات    أوكرانيا تعلن إسقاط 88 مسيّرة    توقعات أحوال طقس لليوم الأحد بالمغرب    مأساة في نيويورك بعد اصطدام سفينة مكسيكية بجسر بروكلين تُسفر عن قتلى وجرحى    إسبانيا: قنصلية متنقلة لفائدة الجالية المغربية المقيمة بسيغوفيا    زيارة إلى تمصلوحت: حيث تتجاور الأرواح الطيبة ويعانق التاريخ التسامح    من الريف إلى الصحراء .. بوصوف يواكب "تمغربيت" بالثقافة والتاريخ    تنظيم الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي "ماطا" للفروسية من 23 إلى 25 ماي الجاري    كرة القدم النسوية.. الجيش الملكي يتوج بكأس العرش لموسم 2023-2024 بعد فوزه على الوداد    أكثر من 100 مهاجر يتسللون إلى سبتة خلال أسبوعين    لا دعوة ولا اعتراف .. الاتحاد الأوروبي يصفع البوليساريو    ندوة ترسي جسور الإعلام والتراث    بعد منشور "طنجة نيوز".. تدخل عاجل للسلطات بمالاباطا واحتواء مأساة أطفال الشوارع    أوجار من العيون: إنجازات حكومة أخنوش واضحة رغم أن عددا من الأصوات تسعى للتشويش على عملها    المهرجان الدولي "ماطا" للفروسية يعود في دورة استثنائية احتفاءً بربع قرن من حكم الملك محمد السادس    سوريا تعتزم فتح سفارة في الرباط    ضمنها مطار الناظور.. المغرب وإسبانيا يستعدان لإنشاء 10 فنادق بمطارات المملكة    السلطات السورية تعلن تشكيل "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية وللمفقودين"    شذرات في المسألة الدمقراطية    التعاون الدولي يطرق "أبواب الأمن"    نهضة بركان يهزم سيمبا بثنائية في ذهاب نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية    "الأشبال" يستعدون ل"بافانا بافانا"    بنهاشم يدرب فريق الوداد لموسمين    طنجة.. العثور على جثة موظف بنكي قرب بحيرة مجمع القواسم في ظروف مأساوية    تطوان.. توقيف شقيقين متورطين في سطو "هوليودي" على 550 مليون سنتيم    افتتاح فضاء بيع السمك بميناء الحسيمة ب60 مليونا    سوريا تشكر جلالة الملك على قرار فتح سفارة المغرب بدمشق    طنجة تستعد لاحتضان الدورة السابعة للمؤتمر الدولي للأنظمة الذكية للتنمية المستدامة تحت الرعاية الملكية    بعد رفع أول حلقة من سقف ملعب طنجة.. الوالي التازي يُكرم 1200 عامل بغداء جماعي    انتخاب نور الدين شبي كاتبا لنقابة الصيد البحري التقليدي والطحالب البحرية بالجديدة .    في طنجة حلول ذكية للكلاب الضالة.. وفي الناظور الفوضى تنبح في كل مكان    الخارجية المغربية تتابع أوضاع الجالية المغربية في ليبيا في ظل اضطراب الأوضاع وتضع خطوطا للاتصال    المغرب يتصدر السياحة الإفريقية في 2024: قصة نجاح مستمرة وجذب عالمي متزايد    سيدات الجيش يتوجن بكأس العرش على حساب الوداد    الأمن الوطني وتحوّل العلاقة مع المواطن: من عين عليه إلى عين له    اعتقال مقاتل "داعشي" مطلوب للمغرب في اسبانيا    بنكيران: أخنوش انتهى سياسيا ولا نحتاج لملتمس رقابة لإسقاط حكومته    الهاكا تضرب بيد القانون.. القناة الأولى تتلقى إنذارا بسبب ترويج تجاري مقنع    جلالة الملك يدعو إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية بالضفة الغربية وقطاع غزة والعودة إلى طاولة المفاوضات    طنجة تحتضن أول ملتقى وطني للهيئات المهنية لدعم المقاولات الصغرى بالمغرب    شركة "نيسان" تعتزم غلق مصانع بالمكسيك واليابان    "استئنافية طنجة" تؤيد إدانة رئيس جماعة تازروت في قضية اقتحام وتوقيف شعيرة دينية    وزارة الصحة تنبه لتزايد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم وسط المغاربة    ريال مدريد يضم المدافع الإسباني هاوسن مقابل 50 مليون جنيه    بوحمرون يربك إسبانيا.. والمغرب في دائرة الاتهام    الأميرة للا حسناء تترأس حفل افتتاح الدورة ال28 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة    مغرب الحضارة: أولائك لعنهم الله لأنهم سرطان خبيث الدولة تبني وهم يخربون.. ويخونون    ورشة تكوينية حول التحول الرقمي والتوقيع الإلكتروني بكلية العرائش    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    معاناة المعشرين الأفارقة في ميناء طنجة المتوسطي من سياسة الجمارك المغربية وتحديات العبور…    سميرة فرجي تنثر أزهار شعرها في رحاب جامعة محمد الأول بوجدة    افتتاح المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي عند الدخول الجامعي 2025-2026    منظمة: حصيلة الحصبة ثقيلة.. وعفيف: المغرب يخرج من الحالة الوبائية    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    دراسة: الإفراط في الأغذية المُعالجة قد يضاعف خطر الإصابة بأعراض مبكرة لمرض باركنسون    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سمير القنطار .. من عميد للأسرى إلى «شهيد» في المكان الخطأ!
نشر في المساء يوم 29 - 12 - 2015

«أحب أن يكون سريري عاليا كأنه طائر مرتفع عن أرض الزنزانة والسجن، يتيح لي ذلك توفير عالم بي. أفكر بهدوء وأقرأ وأستمتع إلى الراديو وأشاهد التلفزيون. أشعر بأنني في عليتي وأرى العالم من حولي». بهذه العبارة افتتح سمير القنطار، عميد الأسرى العرب بالسجون الإسرائيلية، مذكراته الصادرة عام 2010 تحت عنوان «قصتي». والتي يبدو أنه، وعلى الرغم من إسدال الستار عليها يوم 19 دجنبر 2015 بفصل اغتياله بالأراضي السورية المستباحة، أنه يجب انتظار الفصل الأخير لتكتمل كل فصول قصة سمير القنطار، ألا وهو «من اغتال سمير القنطار ؟» بمعنى هل علينا أن نصدق رواية حزب الله، والقائلة بأن سمير قد اغتالته طائرات العدو الإسرائيلي المعربدة بسماء الجمهورية العربية السورية البعثية المستباحة، والتي توعدته سابقا باعتباره ثأرا بائتا، ما يجعله ينال عن جدارة واستحقاق لقب أسير ثم شهيد القضية الفلسطينية ؟ وأيضا ما قد يسبب نوعا من الإحراج الطفيف للعم «بوتين» حامي الديار البعثية ! أم علينا تصديق رواية النظام السوري المترنح في كون سمير قد سقط نتيجة قصف الجماعات الإرهابية المعارضة؛ وبذلك يكتفي بحمل لقب قتيل الحرب الطائفية؟
القنطار وإسرائيل.. قصة ثأر بائت
لم يكن من باب المجاملة أن يلقب سمير القنطار بعميد الأسرى العرب بالسجون الإسرائيلية، وهوالذي قضى بين ظهرانيها ثلاثة عقود من الأسر والترحيل المستمرين بين سجون الاحتلال.بداية من سجن الصرفند إلى سجن الجملة إلى مركز الشرطة بعكا 1979، إلى سجن الرملة حيث جرت محاكمته ومنه إلى سجن بئر السبع، فإلى سجن عسقلان، ثم سجن جنيد، ومنه إلى سجن نفحة، نهاية بسجن هداريم وسجني هشارون والجملة. كان أول اعتقال لسمير القنطار في 1978، حين حاول القيام بعملية عسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي عن طريق الحدود الأردنية في منطقة بيسان، فتم إلقاء القبض عليه وزج به في السجن لمدة عام من 31/1/1978 إلى 25/12/1978. ويروي سمير في سيرته الذاتية المعنونة «قصتي»، عن أول اعتقال له قائلا: «قبل نحوسنة وثلاثة أشهر ، في 31 يناير 1978 حين قصدت فلسطين مع رفيقين من الجبهة الشعبية، ناصر الدين الجاري أبوالنصر وأبوشادي عبر الأردن، منعت واعتقلت لمدة 11 شهرا في عمان، قبل أن أرحل إلى لبنان في 25 دجنبر 1978. هناك أخبرني أحد شركائي في الزنزانة بعملية دلال المغربي، في 11 مارس 1978 بتل أبيب، مشهد دلال ترفع العلم الفلسطيني وتؤدي النشيد الوطني في الباص مع الرهائن الإسرائيليين أشعلني حماسة .تخيلت نفسي معها نقترب من اقتحام النادي الريفي «contry club» قلت التالي: «سأكرر محاولتي وسأصل إلى فلسطين». وهكذا، وعلى خطى دلال المغربي وفي 22 أبريل 1979، نفذ سمير القنطار «عملية القائد جمال عبد الناصر»، مع ثلاثة من زملائه، هم عبد المجيد أصلان، ومهنا المؤيد، وأحمد الأبرص. حيث كان سمير قائدا للعملية برتبة ملازم في «جبهة التحرير الفلسطينية». التي أسسها أبو العباس وطلعت يعقوب بعد الانشقاق عن الجبهة الشعبية القيادة العامة. وقد اخترقت المجموعة الصغيرة رادارات العدو حيث انطلقت من شاطئ صور، على متن زورق مطاطي صغير من نوع «زودياك»، حيث كان الهدف هو الوصول إلى مستوطنة «نهاريا»، من أجل خطف رهائن من المدنيين والعسكريين لمبادلتهم بمقاومين معتقلين في السجون الإسرائيلية. ويحكي سمير عن تجربة الاعتقال والتعذيب والاستنطاق قائلا: «لقد صلبت عارياً على حائط، وبدأ جنود الاحتلال يتدربون في فن القتال على جسدي. بقيت تحت الشمس أياما وليال، واقفاً ويداي إلى الأعلى مقيدتين بالحائط، ورأسي مغطى بكيس من القماش الأسود انبعثت منه رائحة نتنة. بعد حفلة التعذيب هذه، كبلوا جسدي بالجنازير، والصقوا بأذنيّ مكبرات للصوت تدوي منها صافرة في الرأس، حتى فقدت الشعور والإحساس بالوجود. أقسى ما عانيته عندما وقعت جريحاً، وبدأت عمليات استئصال الرصاصات من دون أن يعطوني مادة مسكنة للألم. وعندما حاولت الصراخ من الألم، أغلقوا فمي. وكنت كلما أحضر إلى العيادة في السجن لمراقبة الجرح، كان الطبيب يدخل إصبعه في الجرح، بحجة أن عليه التأكد من عيار الطلقات التي اخترقت جسدي! وأثناء التحقيق، كنت أجلس أمام المحقق مكبل اليدين والقدمين، ويطفئ المحقق سجائره في يديّ. كذلك، بقيت في زنزانة طولها نصف متر وعرضها نصف متر، وسط الظلمة، فلا أعلم متى يطلع النهار ومتى ينتهي الليل».
سمير القنطار في سطور
ولد سمير القنطار عام 1962 في عائلة درزية ببلدة عبية، بجبل لبنان.انضم مبكرا لصفوف جبهة التحرير الفلسطينية، واعتقل لأول مرة بتاريخ 31 يناير/كانون الثاني 1978 على يد جهاز المخابرات الأردنية في محاولة لدخول فلسطين عبر الحدود الأردنية. ليقضي زهاء العام. 22 أبريل 1979 نفذ عملية نهاريا حيث أسر.
28 يناير/كانون الأول 1980، حكمت عليه المحكمة الإسرائيلية بالسجن لخمسة مؤبدات أضيف إليها 47 عاما.
أثناء سجنه، التحق كطالب بالجامعة المفتوحة بتل أبيب والتي تعتمد طريقة التعليم عن بعد. وفي سبتمبر/أيلول 1998، منحته الجامعة المذكورة درجة بكالوريوس في الأدبيات والعلوم الاجتماعية.
في 16 يوليوز 2008 تم الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل الأسرى بين حزب الله وتل أبيب، برعاية ألمانية حيث شملت الصفقة إطلاق الإسرائيليين الأسيرين لدى حزب الله وجثث جنديين إسرائيليين آخرين، مقابل الإفراج عن أربعة أسرى لبنانيين على رأسهم سمير قنطار، وتسليم رفات 200 فلسطيني ولبناني.
9 ماي 2013 دعا الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله إلى «فتح جبهة الجولان» في سورية، حيث كان سمير القنطار أحد أبرز كوادرها الأساسية، الملتحقة بمنطقة القنيطرة قرب الجولان المحتل.
اغتيل يوم 19 ديسمبر 2015، في قصف أصاب مبنى كان يوجد فيه ببلدة جرمانا جنوب دمشق، واتهم حزب الله إسرائيل بقتله بواسطة غارة جوية، في حين قالت السلطات السورية إن القنطار قتل بقصف صاروخي «إرهابي» من دون اتهام تل أبيب.
الاغتيال.. بين رواية حزب الله ورواية النظام السوري
في الوقت الذي أصدر فيه حزب الله بيانا، يوم الأحد20 دجنبر، ينعى فيه عميد الأسرى سمير القنطار، متهما الطيران الإسرائيلي بالوقوف خلف العملية التي استهدفت المبنى الذي كان يقيم فيه سمير القنطار وآخرون، ببلدة جرمانا بريف دمشق. في مقابل هذا الاتهام الصريح الذي لا يقبل تأويلا، قام النظام السوري بتأكيد خبر اغتيال سمير القنطار، ولكن موجها أصابع الاتهام لجهات إرهابية! وهو ما تنفيه الوقائع الميدانية لحادثة الاغتيال، فلو كان الأمر كما جاء في رواية النظام السوري لكان حجم الدمار أكبر، لأن من طبيعة الصورايخ أرض أرض أن تحدث دمارا شاملا ليس للمبنى السكني الذي يقيم فيه القنطار ولكن لكل البنية المجاورة. وهو ما تكذبه الصور التي بثتها وكالة الأنباء الرسمية السورية «سنا»، حيث يظهر الدمار وأثار القصف على المبنى المستهدف دون غيره ! ولا يمكن تنفيذ هذه العلميات إلا بطائرات مزودة بأجهزة تمكنها من تحديد هدفها بدقة متناهية، وليس بالضرورة بتحليق منخفض ! والحال أن سمير القنطار كان عبارة عن مسألة ثأر بائت لا بد من تصفيته. إذ وبعد أقل من 24 ساعة على إطلاق سراحه في 16يوليوز 2008، علق مسؤول أمني إسرائيلي رفيع بقوله: «كل إرهابي ارتكب عملا إرهابيا ضد إسرائيل، وخصوصا في مستوى القنطار، قتل طفلة وشخصين آخرين، هو هدف». مضيفا «إذا كان ثمة احتمال أن تصفي إسرائيل حساباتها مع القنطار فلن تتردد»!
وعليه، فالرواية الرسمية السورية في اتهام فصيل معارض «إرهابي»، هو من باب عدم إحراج روسيا بوصفها الدولة الحامية للنظام الأسدي. روسيا التي تتباهى بكون منظومتها «أس 400» أكثر المنظومات الرصدية فعالية، والتي وضعت حسب زعمها لمنع الطائرات التركية من اختراق الأجواء السورية المستباحة ! وجدير بالذكر أن ما تؤمنه من رادارات متطورة يكشف أي جسم متحرك في مساحات تتجاوز سماء سورية. فكيف لهذه المنظومة المتطورة أن لا ترصد تحليق الطائرات الإسرائيلية المحلقة فوق سماء سورية المستباحة؟ بل ولم يعد سرا التنسيق الأمني والعسكري بين الجانبين الإسرائيلي والروسي في تدبير الملف السوري.
تاريخيا، هذه ليست أول مرة تخترق فيها المقاتلات الإسرائيلية الأجواء السورية، فقد سبق للطيران الإسرائيلي وفي عز قوة النظام السوري أي قبل ثورة 2011 أن انتهك الأجواء السورية من دون أن تحرك دمشق ساكنا! حتى أضحت عبارات البيانات الدمشقية عقب كل اختراق لأجوائها موضع تندر وتهكم! حيث كانت بيانات دمشق التنديدية تختتم بالعبارة الشهيرة: ونحتفظ بحقنا في الرد! من دون أن تترجم العبارة إلى فعل من شأنه أن يوقف الانتهاكات الإسرائيلية.
سيناريوهات العملية
في نظر العقيد السوري الطيار المنشق عن الجيش النظامي عبد الستار عساف أنه «إذا أرادت إسرائيل أن تتفادى إحراج روسيا، خصوصاً أن الأخيرة قد نشرت منظومة الصواريخ «أس 400»، وعدم إضعاف مكانتها أمام المجتمع الدولي، يمكن أن تقوم باحتمالات عدة:
الفرضية الأولى: يرى أنه من الممكن أن تكون العملية تم تنفيذها من منصة خاصة لإطلاق صواريخ عالية الدقة من هضبة الجولان المحتل، الذي يبعد ما بين 50 و59 كلم عن جرمانا حيث يوجد المبنى السكني الذي تعرض للقصف.
الفرضية الثانية: يمكن تنفيذ العملية من السماء الحدودية اللبنانية، ومن أقرب منطقة لجرمانا ك»دير العشائر»، التي تبعد بنحو29 كلم عن المنطقة، وحينها تستخدم قاذفاتها الجوية التي تحمل أسلحة متطورة صاروخية وموجهة عبر الليزر فتُصيب الهدف بدقّة.
الفرضية الثالثة: تستطيع قاذفات إسرائيل الجوية أن تستخدم سماء الجولان، تحديداً من منطقة فض الاشتباك، حيث هناك مسافة ما بين 30 و40 كلم نحو جرمانا، فهذه المنطقة معروفة بأنها محتلة من إسرائيل من ناحية الجولان ومحرّرة من الجهة السورية، فهي منطقة بين الطرفين، ويمكن أن تنفذ العملية من فوقها وتصيب الهدف الذي تريده من دون أن تدخل الأجواء السورية، وإحراج القوات الروسية».
لتبقى الفرضية الرابعة، وهي اختراق المقاتلات الإسرائيلية للسماء السورية المستباحة، وبإذن صريح من سلاح الطيران الروسي، أو ضمني من نوع غض الطرف، الأكثر رجحانا وصلابة. وهو الأمر الذي لم تنفه تل أبيب، التي سبق أن أعلنت، ومنذ اليوم الثاني لإطلاق سمير القنطار في صفقة الأسرى يوليوز 2008 ، أنه لن يكون بعيدا عن «أيدينا».
الجمهورية العربية السورية المستباحة
لعل عملية اغتيال سمير القنطار مجرد دليل واضح وفاضح على ما آلت إليه الأوضاع بالقطر العربي السوري المستباح، فالأجواء تتقاسمها الطائرات الروسية الرابضة بمطار حميميم العسكري باللاذقية، ونظيرتها الإسرائيلية التي تراقب الوضع عن كثب ولا تتورع عن انتهاك الأجواء الروسية لتصفية حساباتها مع خصومها مثل ما حدث في عملية سمير القنطار أو قبلها مع نجل عماد مغنية جواد مغنية، وهو الذي لا يمكن أن يوصف بكونه بالأمر المفاجئ أو الحدث الجديد. فحتى عندما كان نظام بشار الأسد في كامل قواه السياسية والقتالية، وقبل ثورة 2011 كانت المقاتلات الإسرائيلية تعربد في سماء سورية الأسد!
حزب الله.. من مقاومة الاحتلال إلى مليشيات لدعم النظام البعثي
أما برا، فعناصر حزب الله القادمة من لبنان علاوة على قوات الحرس الثوري وفيلق القدس الإيراني الوافد عبر العراق الممزق، والذي بات مجرد محافظة إيرانية بالخليج العربي، وبوابة الحلم الفارسي. تخوض معارك ضارية مع تنظيمات المعارضة السورية المسلحة والممزقة بدورها تحت ثلاثة تنظيمات كبرى هي: الجيش الحر، وتنظيم النصرة، وتنظيم داعش. والحال أننا أمام نسخة منقحة من لبنان الحرب الأهلية مع بعض التعديلات والروتوشات، فإذا كان ما حدث في 1975 هو حرب أهلية وفصائلية طائفية بالأساس، فإن ما يحدث بداية من 2011 في سورية هي حرب قمع وإبادة يشنها نظام الأسد السوري على شعبه، لن يزايد أحد على أن مطالب الشارع السوري كانت بسقف جد منخفض، وكان من الممكن تحقيقها. بيد أن تعنت النظام السوري، وتفكك القرار السياسي العائلي، داخل الأسرة الحاكمة والحنين إلى سنوات القمع الباطش مثل ما جرى في عهد الأسد الأب بحما عام 1982، وارتهان القرار السوري بالكامل لطهران، التي ترى في ما يعرف بالربيع العربي مؤامرة أمريكية، لاسيما بعد اكتساح الإسلاميين انتخابيا. كلها عوامل دفعت نظام دمشق إلى تبني نظام الحل الأمني الباطش، وإعلان الحرب على المطالب الشعبية مستعينا، بالمدد الإيراني ورجال حزب الله القادمة من لبنان.
السوخوي الروسية عنوان السماء السورية
يبدو أنه ما كان لروسيا أن تدخل الأجواء السورية من دون ضوء أخضر من تل أبيب، وهو ما أكدته الوقائع والتصريحات، إذ أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في مطلع شهر أكتوبر الماضي، عن قيامها بتدريبات عسكرية لقواتها الجوية بتنسيق مع نظيرتها الإسرائيلية لتجنب وقوع صدام بين طائرات البلدين في الأجواء السورية. وفي تصريح نقلته وكالة أنباء إنترفاكس الروسية نقلا عن الجنرال الروسي أندريه كارتابولوف فإن ضباطا روس وإسرائيليين يتبادلون على مدار الساعة المعلومات بشأن الوضع في المجال الجوي السوري. ما يشير إلى وجود تنسيق أمني رفيع المستوى، وربما غرفة عمليات مشتركة بين الجانبين على الأراضي السورية المستباحة.
وجدير بالذكر أن إسرائيل شنت لأول مرة غارات في 10 نوفمبر الماضي على أهداف داخل التراب السوري، إذ استهدف القصف أهدافا عسكرية في قلب العاصمة السورية قرب مطار دمشق الدولي، لشاحنات أسلحة إيرانية كانت متوجهة إلى حزب الله اللبناني. وهو ما حول الأراضي السورية إلى أرض صدام واحتكاك مباشر داخل الجبهة المؤيدة لنظام بشار، محور حزب الله _ إيران وإسرائيل_إسرائيل.
وغير بعيد عن هذه الحرب، تدور أطوار حرب بالوكالة بين روسيا الداعمة لنظام الأسد؛ وبين محور الناتو واشنطن _ أنقرة الداعم للمعارضة السورية المعتدلة. حيث أعلن في شهر مارس الماضي، منسق قوات التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" الجنرال الأمريكي جون آلن، أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تستبعد احتمالية قيام الحظر الجوي على الأراضي السورية، كما أنها ستقوم بحماية مقاتلي المعارضة السورية وتدريبهم وتسليحهم إن اقتضى الحال. كما أبرمت كل من الولايات المتحدة وتركيا اتفاقية لتدريب وتسليح المعارضة السورية المعتدلة. وهو ما أكده وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عندما أعلن عن بدء برنامج تدريب وتجهيز المعارضة السورية المعتدلة، ما من شأنه تغيير معادلة الصراع داخل سورية.
سورية أو المحافظة الإيرانية رقم 35
ارتبط النظام العلوي النصيري السوري الحاكم بسورية ارتباطا وثيقا وطائفيا بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، حتى أن دمشق في عهد حكم العائلة الأسدية لم تغرد إلا في سرب طهران. كان هذا حين كانت دمشق آل الأسد تقوى على الوقوف والصد. بينما حين اندلعت الثورة السورية، وظهرت مؤشرات تهاوي نظام الأسد، سارعت الحاضنة إيران إلى تقديم الدعم والمساعدة للنظام الأسدي بدمشق، دعم لوجيستي وسياسي في المقام الأول عبارة عن مساعدات عسكرية واقتصادية وتكنولوجية متطورة، ثم عمدت إلى إرسال السلاح والمعدات والقروض لاحتياجات النظام ولشراء الأسلحة. علاوة على الخبراء في مختلف الشؤون العسكرية والأمنية والتقنية. ناهيك عن احتضان وتدريب مئات من الضباط بالجيش النظامي، فضلا عن الآلاف من الميليشيات التابعة للنظام.
وعقب تسليح المعارضة السورية ودخولها في حرب مباشرة مع القوات النظامية، انتقل الدعم اللوجستي إلى تدخل ميداني مباشر، إذ لم يتردد القائد السابق للحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين همداني في الإعلان عن استعداد إيران إرسال 130 ألفا من الباسيج (عناصر قوات التعبئة). وهو الشيء الذي تحقق لاحقا على أرض الواقع. إذ حشدت طهران في بداية الأمر الشيعة السوريين على قلتهم، وأرغموا على الانخراط في القوات غير النظامية التابعة للنظام السوري، وبعدها مباشرة تم فتح الباب لدخول كتائب حزب الله اللبناني والتي قدرت بعشرات الآلاف، إلى الأراضي السورية لمقاتلة المعارضة، واخترعت علة الدفاع عن المراقد الشيعية بسورية. لتبرير تورطها في المأزق السوري. أكثر من ذلك، حشدت طهران حشدا دينيا طائفيا لعدد من الميليشيات الشيعية موالية لها المستقدمة من العراق واليمن وأفغانستان وباكستان….
لقد باتت سورية، بعد خمس سنوات من انطلاق الثورة، ساحة دولية للقتال وتصفية الحسابات السياسية والعسكرية بين مختلف القوى الإقليمية والدولية المتصارعة. ما أربك كل خطط التسوية وسيناريوهات إيقاف النزيف السوري. خاصة بعد تدفق ملايين اللاجئين والفارين السوريين من ويلات الحرب على القارة العجوز المنهكة أصلا بمشاكل الهجرة والبطالة. لقد أضحت المعضلة السورية تحتاج إلى معجزة سياسية بالأساس وحل سحري يرضي كل الأطراف بمصالحها المتناقضة. فالجارة إسرائيل تبحث لها عن نظام سوري هش يراعي مصلحتها ويبعد كل ما من شأنه تصعيد المواجهة أو دعم المقاومة سواء بداخل فلسطين وقطاع غزة تحديدا أو بالجنوب اللبناني، حيث كانت سورية حافظ الأسد حليفة النظام الإيراني بمثابة شريان حياة حزب الله. وفي المقابل، لن تقبل المعارضة السورية المنقسمة شذر مذر بقاء نظام الأسد بجرائمه سواء التاريخية أو الحالية في حق الشعب السوري. أما العم سام والاتحاد الأوروبي فمصالحهما تقتضي رحيل نظام الأسد الحليف الاستراتيجي لطهران، وتعويضه بنظام علماني، وأساسا غير إسلامي أو متعاطف مع المشروع الإسلامي، بحيث يحافظ في المقام الأول على مصلحتهما وقبلها أمن واستقرار إسرائيل. بحيث لا يكون حليفا لطهران ولجارتها القوية تركيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.